دافوس ليست مؤامرة .. بل شبكة معلومات وترفيهؤ بقلم جون جابر

الاقتصاد الآن

600 مشاهدات 0



تحية من دافوس، حفلة رقص سنوية لزعماء العالم وكبار المسؤولين التنفيذيين في واد بجبل سويسري. أو ربما موقع لمؤامرة عالمية من النخبة الحاكمة. أو ربما المكان الذي يفرض فيه أستاذ جامعي سويسري وجهة نظر أوروبية ماهرة حول ''رأسمالية حملة الأسهم'' على الشركات الأمريكية، أو ربما يكون حفلة عملاقة.

الحقيقة أن المنتدى الاقتصادي العالمي يعقد منذ عام 1971، وهو يمكن أن يضم نحو 2،600 شخصية اقتصادية دون أن يعرفوا تحديد لماذا أتوا وماذا حققوا من ورائه. وعلى أية حال، فإن أي حدث يكلف نحو 22 ألف فرنك سويسري (23.600 دولار) للمقعد الواحد - وتصل رسوم العضوية إلى نحو500 ألف فرنك سويسري - لا بد وأنه يعلم المنافسين شيئًا.

كشفت ''كوارترز''، صحيفة للأعمال، هذا الأسبوع عن القائمة السرية للحاضرين في دافوس، مؤكدة فكرة 0.1 في المائة دون شيء جديد، ''تسمح للمصرفيين والرجال في قطاع الأعمال للاجتماع وإبرام صفقات ليس بإمكانهم إبرامها بشكل قانوني بمكاتبهم''، بحسب قول ريتشارد ساول وورمان، ومؤسس مؤتمرات ''تيد''. لكن لِــمَ السفر كل هذه المسافة لدافوس لتحديد الأسعار؟ أغلبية الناس يقضون أيامًا في النقاش حول المسؤولية الاجتماعية لدى الشركات والاقتصاد العالمي، ويقضون ليالي مع الضيوف لاحتساء المشروبات وتناول العشاء.

يقدم المؤسس كلاوس شواب نفسه على روح مغرقة في المثالية التي تتمثل مهمتها في تعزيز التفاهم بين السياسيين والقطاع الخاص. وفي كلمة شواب، فإن أجندة هذا العام هي ''النظر إلى المستقبل بطريقة أكثر ديناميكية إيجابية وبنّاءة واكتساب القدرة على التكيف مع السياقات المتغيرة''.

السيد شواب أيضًا رجل أعمال حكيم أسس مشروعًا يعد أنموذجًا يحتذي الآخرون، بدءًا من شبكات التواصل الاجتماعي مثل ''فيسبوك'' و''تويتر'' إلى شركات وسائل الإعلام القديمة التي تتوق إلى الارتقاء بالمحتوى. وهو يدير شبكة ناد أشبه ما يكون بمركز أبحاث مع نمو في الهوامش التي شهدت تحديات. تمتلك دافوس، على حد تعبيرها موضوع عام 2013 المحير وهو''دينامية مرنة''.

فيما يتعلق بعدد الشركات التي تأمل الانخراط في المجال نفسه، فما تركيبته حول هذا الصدد؟

أولاً، دافوس جادة - ويناقش المشاركون فيها مواضيع ذات وزن واستعراض حالة العالم. يسمعون من واضعي السياسات والخبراء الاقتصاديين ما يجري، ويفكرون فيما سيحدث (هل صواب أم خطأ). ''دافوس هو مصنع، حيث يتم فيه تصنيع الحكمة التقليدية''، كما يقول ديفيد روثكوبف، مؤسس شركة للطاقة.

وهذا أمر ذو أهمية؛ لأنه عملية تجارية بين الشركات - قلة من الناس هنا يقومون بشراء تذاكرهم. فمصاريف الدخول تتكبدها المنظمات التي تريد أن تكون على يقين من أنه مجد، أو على الأقل لتبرير الإنفاق لأي شخص يسأل. ''في براءتي،لا أعتقد أن دافوس يمكنه الاستمرار؛ لأنه كان مملاً جدًا، ولكن لم أكن لأفهم ذلك''، كما يقول وارمان، المدير الآن لمؤتمر الشبكة العنكبوتية.

ثانيًا، إنه حدث ما زال قائمًا، أتى الوقت لوسائل الإعلام والشركات لإدراك قيمة إحياء تلك الفعاليات مقارنة بالكلمة المكتوبة، صوتًا كانت أو فيديو. تتقاضي مجلة ''رولينغ ستونز''، التي لا تبيع نصف ما تسجله كما هو معتاد، من الجماهير نحو 950 جنيهًا إسترلينيًا مقابل التذكرة في رحلتهم الأخيرة (كما أن ميك جاكر حضر دافوس العام الماضي).

فتجربة سؤال خبراء الاجتماع، ورؤية ردود أفعالهم، وربما حتى التحدث عن احتساء المشروبات، يعد تجربة أكثر جاذبية من قراءة كلماتهم في المطبوعات أو رؤيتهم على شاشات التلفزيون. إنه حدث مفصل لا يمكن تكراره - إذ إنه حدث شخصي، لكنه ذو قيمة.

كما أنه مليء بالأداء، فإلى جانب رجال السياسة والاقتصاد يوجد علماء وفنانون ممن يعطون آراء حول مجالهم - ففي هذا العام سيتحدثون عن أمور من بينها الحطام الفضائي والعلوم العقلية. وكما هو الحال مع ''تيد''، فقد وجدت أن الأناس يستمتعون بالتنقل السريع نحو مبدأ آخر.

ثالثًا، أن دافوس مجرد نادٍ. ولكن دخوله محوط بقيود مشددة، وأنه يلعب على غرور الناس لدعوتهم، أو حتى السماح لهم بالانضمام. وجمال أعضاء نوادٍ مثل ''سوهو هاوس'' هو أن يدفع الناس ليكون مع أشخاص آخرين يريدون أن يصبحوا أقرانهم، أو أنهم معجبون بهم. عملة النادي هي عملة أعضائه. وبهذا يشبه شبكة اجتماعية على الإنترنت. ''فيسبوك'' و''تويتر'' بها حرية الاستخدام ولها عضوية كبيرة مقارنة مع دافوس، لكنهما يشتركان مع دافوس من حيث الجاذبية وعدم الحاجة إلى دفع ثمن المحتوى. والواقع أصبحت بعض الشركات راعية لوضع الناس في مجلس دافوس.

تعمل عضوية الشركات، الزوار النجوم أو الاتصال الشخصي، والتحفيز الفكري على تشكيل مزيج قوي من الأطراف. تأثير شبكة من الصعب كسره، حتى مع انعكاسات مثل الاحتجاجات المناهضة للعولمة في تسعينيات القرن الماضي. سجل نحو ربع النخبة في هذا الحدث، ولما تزايد عددهم في دافوس اشتكى الجميع بأنه كبير جدًا.

آلا تريد أي من المجموعات الإعلامية، التي تواجه قرصنة الأخبار بسبب المحتوى الرقمي، امتلاك مثل هذه الأعمال؟ بالفعل الكثيرة منها (بما في ذلك ''فاينانشال تايمز'') التي تدير مؤتمرات، والبعض الآخر يسعى على أمل تكميل الإيرادات الهزيلة من الدعاية. ولكن أسلوب السيد شواب يصعب مجاراته.

مؤتمر الأعمال شخصي إلى حد كبير، وأكثر المؤتمرات الناجعة لديها شخصية مهمة - أولاً السيد وارمان والآن كريس أندرسون من ''تيد''، وهيرب ألين من ''سن فالي'' للمؤتمرات الإعلامية، ويوسو فاردي من ''دي إل دي''، والسيد شواب من المنتدى الاقتصادي العالمي عندما يصبح لأي مجموعة من النقاد صوت أو تأثير عالٍ، يدعوها السيد شواب إلى داخل خيمته، وهو ينكر أن المنتدى الاقتصادي العالمي مؤامرة، لكن يلعب دورًا مؤثرًا في الأحداث العالمية، وأنه يزدري بهرجة الحفلات ومآدب العشاء مع حرصه على عدم حرمان المدينة منها. وخلاف ذلك، فإنها تستحق الزيارة لمعرفة كيف تسير الأمور.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك