السعادة الحقيقية في القناعة وراحة البال.. بنظر سامي الخرافي

زاوية الكتاب

كتب 1396 مشاهدات 0


الأنباء

جرس  /  مقسم الأرزاق

سامي الخرافي

 

وصلتني رسالة عبر البريد الالكتروني من صديق من دولة خليجية تتحدث عن قصة حدثت عندهم، وكان أبطالها أناسا حقيقيين يعايشهم ويعرفهم، ورأيت أن أنشر هذه القصة مع تعديل بسيط عليها حفاظا على سرية المعلومات ولنأخذ منها جميعا الحكمة والموعظة والفائدة.

يقول الله سبحانه وتعالى (وفي السماء رزقكم وما توعدون)... قصتنا تتحدث عن شقيقين اختار كل منهما عمله الخاص الذي يعيش من ورائه، فالأول عمل موظفا في الحكومة، والآخر اختار العمل في التجارة الحرة، وتمضي السنون وتشاء إرادة الله تعالى أن يصبح التاجر من أغنى أغنياء تلك الدولة، ويكبر أولاده ويدرسون في الخارج ويتخرجون في أرقى جامعات العالم، إلا أنهم لم يكونوا يعرفون عن دينهم الإسلامي شيئا، وبسبب جهلهم بالدين فقد كان كل شيء عندهم مباحا، فأصبح الابن الكبير مدمنا على المخدرات منذ كان يدرس في الخارج، والآخر مدمنا على الحفلات ولعب القمار... إلخ، وعلى النقيض كان أبناء الموظف الحكومي على قدر كبير من الخلق والدين والالتزام، وفي يوم قالوا لأبيهم لماذا لا تكلم «عمنا» بأن يساعدنا ويقف معنا وهو يعلم بحالنا المتواضع، فنزلت من عيني والدهم دمعة «لم يعرفوا سببها»، ثم ذهب إلى شقيقه التاجر، ودار بينهما حوار طويل عن حياتهما أيام الصبا والشباب وكيف كان يقضي أوقاتا ممتعة، فيبكي الغني ويحضن شقيقه ويقول له أرجوك سامحني لأني لم أسأل عنك وعن أحوالك وعيالك، فقد أخذتني منك الدنيا واللهو بجمع المال، الله يهنيك بعيالك وإني مشتاق لهم، ودار حديث طويل بينهما انتهى في آخر الأمر أن قام الغني بكتابة شيك لشقيقه الموظف بمبلغ خيالي، وقال له اعلم يا أخي أن المال لا يأتي بالسعادة، ولو كان يأتي بها لما جرى لأولادي ما جرى، وكم كنت أتمنى أن أكون مثلك، أحس بالحياة مثل البشر، حياتي كلها أرقام وبحث عن المال، وأسرتي تدمرت بسببي، وأرجوك يا أخي أن تدعو لي دعوة صادقة، لعل الله تعالى يفرج همي ويعيد أولادي الى صوابهم، وتعاهد الأخوان على أن يكون هناك تواصل يومي بينهما، وأن يعمل أولاد الموظف الحكومي مع عمهم في الشركة ليكونا سندا له.

يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب».

ويقول الشافعي:

توكلت في رزقي على الله خالقي

وأيقنت أن الله لاشك رازقي

وكم نشاهد في حياتنا الكثير من الناس للأسف من يتظاهر بأنه غني، وهو لا يملك في جيبه شيئا، فتجده يلبس أفخم الملابس ويشتري أغلى السيارات لاعتقاده أن هذه السعادة المطلوبة، ونسي هؤلاء أن السعادة الحقيقية، وكل السعادة في القناعة وراحة البال والحرص على رضا الله تعالى، أسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل القناعة، ولنتذكر دائما قول الشاعر:

النفس تجزع أن تكون فقيرة

والفقر خير من غنى يطغيها

وغنى النفوس هو الكفاف فإن أبت

فجميع ما في الأرض لا يكفيها

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك