عن خصخصة الجمعيات التعاونية تكتب عواطف العلوي

زاوية الكتاب

كتب 989 مشاهدات 0


جمعياتنا التعاونية.. ميزة أم عبء؟!

عواطف العلوي

معلومة سمعتها ولا أدري إن كانت صحيحة أم لا، إن الكويت وكوبا وكوريا الشمالية هي الدول الوحيدة التي مازال العمل التعاوني الممثَّل بالجمعيات التعاونية قائما فيها، في حين توجهت الدول ذات الاقتصاد الراسخ والرؤية الاستراتيجية الواعية إلى خصخصة ذلك القطاع.
نعم، كانت الجمعيات التعاونية حتى قبل ثلاثة عقود ضرورة اجتماعية، بل كانت حركة رائدة بأبعاد اقتصادية أثَّرت إيجابا -ذاك الوقت- في نهضة ودعم الصناعات الوطنية، وتنشيط التجارة الداخلية والخارجية، أما الآن -بعد أن «راحوا الطيبين»- فلم تعد ضرورة، بل صارت عبئا ومرتعا للفساد وإهدارا لأموال المساهمين في مصارف غير مدروسة، وسرقات واختلاسات لا تغطيها مهرجانات تخفيض الأسعار، ورحلات العمرة والشاليهات التي تقام لذر الرماد في العيون عن الوجه القبيح للجمعيات، وما يدور داخل دهاليز مجالس الإدارات وبرعاية حكومية من وزارة بغيناها درعا لحقوق المساهمين فصارت مظلة للحرامية، وكأن التراخي (المقصود) في محاربة الفساد.. صار ديدنا للحكومة في كل القطاعات!
ما قرأتُه عن حجم الفساد والرشى والتنفيع والمحسوبية وتبادل المصالح في تعامل الجمعيات مع الشركات الموردة، والضحك على ذقون المساهمين في الجمعيات، شيء
لا يصدَّق، وإذا صُدِّق فإنه لا يُحتمل!
الكل في الجمعيات، إلا من رحم ربي، من رئيس مجلس الإدارة حتى أصغر موظف، يريد أن (يهبر)، كلٌّ حسب طول يديه وحدَّة أظفاره، بلا حسيب ولا رقيب، وكله يتم بقبول اجتماعي وسياسي مريب يحمي أولئك الفاسدين من جريرة المحاسبة والعقوبة!
والله إن تلك الامتيازات التي تُمنح  للجمعيات التعاونية من الدولة كالدعم بالأراضي الرخيصة، وتلك المساحات الكبيرة القابلة للاستثمار، وموقعها التفاوضي القوي مع التجار، لو كانت تدار بشكل مختلف وبعقليات مختلفة، والأهم ضمائر مختلفة وقوانين حازمة مختلفة، لرأينا واقعا اقتصاديا متينا مختلفا ينافس أعتى الاقتصادات في العالم، وتلك حقيقة وليست مجرد تفاؤل مبالَغ فيه، لو.. كان الوضع مختلفا! وكما قال عادل إمام (تعال انت يا أبو وضع مختلف)!
ومع استمرار غلاء الأسعار الذي يلتهم ميزانية الأسرة منذ أعوام ولايزال مستمرا، حتى بلغ 300 بالمئة مقارنة مع الأسعار في الدول المجاورة، بينما اتحاد الجمعيات المكلَّف بضبط الأسعار حماية للمستهلكين، غارق في نوم عميق، أو بالأصح «تناوم» عميق من منطلق «لا يُخدم بخيل، واديها مية تديك طراوة»، حتى تحولت الجمعيات إلى معارض للتجار يتحكمون من خلالها بالأسعار!
أضف إلى ذلك أنه يعمل في الجمعيات قرابة 17 ألف موظف، منهم ألفان فقط من الكويتيين، والبقية من الوافدين، في قطاع خدماتي هائل يفترض أنه أضخم جهة توظيف في العالم كله، ولكنه في الكويت للأسف مشغول بالوافدين الذين صاروا بفضل التسيب من أمهر المختلسين (البواقين المنحاشين).
ثم أين الكفاءة في قطاع يمسك بزمام إدارته هواةٌ لا ناقة لهم ولا جمل في فنون التسويق والإدارة لمنظومة يُفترض أن يتسابق فيها المتخصصون المحترفون، في التجارة طبعا وليس الحرمنة! ألا ترون معي أن وصول أغلبهم إلى مجالس إدارات الجمعيات يعود لانتماءاتهم الاجتماعية أو السياسية، وليس لكفاءتهم!
أين الكفاءة وأين الفعالية وأين المنافسة حين يكون لدينا في الكويت أكثر من (55) جمعية، لكل جمعية مديرها العام وقسم محاسبة خاص بها و(دهننا بمكبتنا)!
 لكل ما سبق، أقولها بثقة: خلاص.. انتفى الغرض من وجود الجمعيات التعاونية، علينا أن نفكر جديا بالخصخصة، بأن تكون هناك شركتان أو ثلاث فقط على مستوى الكويت كلها، يساهم فيها من يرغب من أهل الكويت بلا استثناء، فيكون لدينا مجلسا إدارة، اثنان فقط أو ثلاثة يتبلور بينها تنافس حميم لجذب المشترين بالجودة والأسعار، ويكون لها أفرع تغطي مناطق الكويت، وتسعى لتطوير أدائها حتى تتعدى المستوى المحلي إلى الإقليمي، ويجد فيها الشباب الكويتي بل والمتقاعدون أيضا فرصا للعمل بكفاءتهم ومؤهلاتهم، وليس بالواسطة والمحسوبية على هذا التيار أو ذاك، كما هو حاصل حاليا في جمعياتنا البائسة!
الخصخصة هي السبيل الوحيد لإنهاء هذه المهزلة..!

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك