منذ التحرير فشلنا كبلد أن نترك ما يستحق أن يخلّده التاريخ برأي محمد المقاطع
زاوية الكتابكتب مارس 7, 2013, 3:51 ص 560 مشاهدات 0
كيف سيذكرنا التاريخ والأجيال القادمة؟
لكل بلد بصمات ومعالم وإنجازات يسجلها التاريخ في مدوناته، وترددها الأجيال المتعاقبة، والسؤال الملح بالنسبة لنا، هو كيف سيذكرنا التاريخ؟
أسطر هذا التساؤل، وأنا أستشرف المستقبل بأنه لن نكون ضمن مدونات التاريخ إطلاقاً، منذ ما بعد التحرير وحتى اليوم، فقد فشلنا كبلد أن نترك ما يستحق أن يخلّده التاريخ، فهل ندرك، لماذا فشلنا؟ وكيف نجح غيرنا كما هو شأن أجدادنا؟
الجواب بسيط ولا يحتاج إلى عبقرية أو دراسات، وهو أن عجلة سير البلد تسير باتجاه عكسي للتنمية والتطور في جميع النواحي سياسياً واجتماعياً ومالياً وصحياً واقتصادياً وتعليمياً وثقافياً وعمرانياً، حتى صار أمر البلد موضعاً للتندر المستمر بين شعوب دول المنطقة، ووضعاً مقلقاً ومخيفاً لأبناء الوطن.
فعلى صعيد الوضع السياسي، صارت الحكومات أدوات لتنفيذ العمل الإداري فقط، ولا شأن لها بإدارة الشأن السياسي العام أو مكافحة الفساد أو إرساء قواعد الحكم الرشيد المتوقع منها، وبعد أن صار البرلمان حلبة للصراع السياسي المأجور أو الانتقام الشخصي أو البطولات الوهمية، وكل عمل فيه صار له ثمن بعيداً عن مصلحة الوطن، فقد أضاع مجلس الأمة هيبته ودوره، وخيّب آمال الشعب فيما كانوا يعلقون عليه من آمال.
أما على الصعيد الاجتماعي والتعليمي والصحي، فإن النعرات الفئوية والطائفية والقبلية صارت هي الحالة اليومية التي تهيمن على أحوال الوطن، وقد ضيّعت فكرة المواطنة الدستورية في ثنايا ذلك، فلم يعد لقيم الانتماء والولاء موضع معروف في الدولة، كما ضاعت موازنة الحقوق والواجبات وأهدرت القيم والالتزامات، فصار كل هم المواطن هو اقتناص فرصة الحصول على غنيمة من البلد بعطاء بلا سبب أو براتب بلا عمل أو بإسقاط ديون دون مبرر أو بمناقصات أو تنفيعات مشبوهة، والحكومة راع أساسي لهذا الفساد الاجتماعي المخيف. والأوضاع الصحية في تردٍ مستمر. والمأزق التعليمي في تزايد واضح، ولا حياة لمن تنادي، لأن القرار السياسي قائم، فلا رؤية ولا قدرة على اتخاذه.
أما مالياً واقتصادياً، فإن البلد في حال ترهل كامل لاقتصاده، مما يعني أن علاج الوضع الاقتصادي والنهوض بالبلد مالياً وصل إلى مرحلة حافة الهاوية، فاقتصادنا ريعي وتنفيعي، ولولا فضل الله بارتفاع أسعار النفط إلى مستواها الحالي، لحدث انهيار مالي واقتصادي في البلد يكشف عجز الحكومة وتضييعها للأمانة في حفظ مصالح البلد في هذا الجانب، ولا أظن أن ذلك بعيد، فكل المؤشرات تدل على أن أزمة مالية واقتصادية حادة قادمة لا محال.
أما على الصعيد التنموي، فلا يوجد في الكويت، عمرانياً ولا تنموياً، ما يمكن أن يدوّن في صفحات تاريخها في هذه المرحلة، إلا من مشاريع نادرة للقطاع الخاص، ولو ترك الأمر للحكومة، لكان البلد بلدا للأطلال والأشباح، وخير شاهد على ذلك المباني الحكومية المتعددة في المستشفيات القديمة والوزارات السابقة والمعاهد والكليات القائمة والتي صارت مأوى للكلاب والقطط الضالة وأعشاشاً للطيور المهاجرة، كما يدل على ذلك العجز المتواصل من الحكومة ومعها مجلس الأمة في حل أهم مشكلات البلد مثل الإسكان والتوظيف والتعليم، ولو كان في الحكومة ذرة من الحياء السياسي، لوضعت خطة الـ 100 يوم لإنهاء هذه القضايا العالقة، ولكن الحفاظ على الكرسي، خصوصاً من بعض أبناء الأسرة الحاكمة، والالتهاء بالصراع الداخلي، قد بيّنا أن فاقد الشيء لا يعطيه، وأعتقد بأن بعض أبناء الأسرة الحاكمة قد فشلوا في أن يكونوا أهلاً للمسؤولية السياسية أو التنفيذية، لأن مؤهلهم الوحيد هو الشيخة، ولا عزاء للبلد إزاء ذلك، فهل نظن بعد ذلك أن التاريخ سيذكرنا؟ الجواب بالتأكيد لا.
اللهم إني بلغت،
أ. د. محمد عبدالمحسن المقاطع
تعليقات