هل تتحمّل مصر حركة «سلفيو كوستا» كفكر سلفي منفتح؟.. فوزية أبل متسائلة

زاوية الكتاب

كتب 952 مشاهدات 0


القبس

'سلفيو كوستا'.. إنقاذ للسلفية في مصر الانتقالية

فوزية أبل

 

• هل تتحمّل مصر حركة «سلفيو كوستا» كفكر سلفي منفتح رافض للنهج السلفي المعروف؟ وفي بروز بعض الإسلام المعتدل هل يمكن تعميم التجربة على بعض بلدان المنطقة؟

تطورات بنيوية تشهدها الحركة السلفية في المنطقة، لاسيما في بلدان الربيع العربي. ويبدو أن الأمور تتجاوز ما يحصل في بلد مثل مصر من انتقاد قوى سلفية للمسار الذي يسلكه مرسي وقيادة الإخوان المسلمين، أو في تونس، حيث يرفض بعض السلفيين المشاركة في حكومة تقودها حركة النهضة.

فقد بادر نشطاء مصريون سلفيون، أبرزهم محمد طلبة، إلى تأسيس ما يسمى ب‍‍ـ«سلفيو كوستا»، وهي حركة مجتمعية تعمل على ما أسمته تصحيح صورة السلفية، وتسعى إلى ضم فئات واسعة من ليبراليين ومسيحيين وغيرهم، وإلى الخروج من القوقعة والانعزال.

التسمية مأخوذة من مكان اجتماعاتهم «مقهى كوستا»، نسبة إلى أحد المقاهي العالمية المشهورة، للدلالة على انفتاحهم على الآخرين، وليس مثل السلفيين المتشددين. كما يشاركون بكثافة في القنوات الفضائية والندوات، وهم يرفضون أي اعتداء على الآثار التاريخية، وأي تمييز ضد الأقباط، وأي استصغار لدور المرأة، إضافة إلى ما يتميزون به من استخدام منظم لـ «الفيسبوك» وقنوات التواصل الاجتماعي.

الحركة الجديدة تندد بنكوث الرئيس مرسي بتعهداته، فـ«سلفيو كوستا» كانوا من مقاطعي الانتخابات البرلمانية والرئاسية، معلنين أنه «لابد من تعظيم الدم المصري أولا قبل أي شيء آخر». وكشفت عن رغبتها في تأسيس حزب سياسي ذي طابع مجتمعي عبر فريق مختلط فكريا».

ولكن، هل التجربة السياسية والحزبية في مصر تتقبل نشوء حزب سياسي سلفي الفكر، ورافض لمجمل النهج السلفي المتعارَف عليه، ويضم مختلف فئات المجتمع بمن فيهم الليبراليون والأقباط؟!

وهناك من بادر إلى انتقاد هذه الظاهرة، لأسباب متعددة، نذكر منها ما أعلنه الشيخ محمد عبدالمقصود من «أن مؤسسها محمد طلبة، الذي غرته الشهرة وكثرة الأتباع، أراد أن يؤسس سلفية جديدة...».

وفي معزل عن المؤيدين والمعارضين، طرح بعض المتابعين تساؤلات عما إذا كانت هذه الحركة السلفية المنفتحة للغاية ستجد لنفسها أنشطة ووسائل متعددة الأوجه كما كانت «الإخوان المسلمين» تعمل ولا تزال؟ وهل ظهورها يهدف إلى تسويق فكر سلفي بديل عن حكم الإخوان في حال انهيار سلطة محمد مرسي؟

ويصل البعض إلى حد القول إن محمد طلبة يعتبر نفسه بمنزلة البديل المحتمل عن مرسي، وإن جماعته يستغلون إخفاقات حكم الإخوان ليكونوا هم البديل، أو على الأقل، ليزيدوا من نفوذهم في انتظار أي تطورات محتملة في مصر.

لكن هذه التساؤلات قد تبنى على سوء النية تجاه صعود تيار إسلامي مؤمن بالتعايش (لا بل التفاهم والتعاضد) بين جميع مكونات المجتمع المصري. وهي تجربة يرى البعض أن في الإمكان تعميمها على بلدان عربية وإسلامية أخرى، خاصة في ضوء بروز الإسلام المعتدل والمنفتح في تركيا، والمتمثل في تجربة حزب العدالة والتنمية الحاكم.

ولكن الغريب أن محمد طلبة يصرّ على «سلفية» حركته، وهو ما يتناقض مع كلامه عن الانفتاح والتعايش الفعلي واحترام الجميع، وهو في ظهوره الإعلامي المتكرر يؤكد أن الفكرة المتداولة عن السلفية هي غير صحيحة!

ومن باب التخيّل نتساءل: في حال وصول طلبة إلى السلطة، فهل سيبقى عند الوعود التي أعطاها للمجتمع بكل فئاته، وللمرأة والأقباط، ولمقومات الازدهار والتنمية والفن والتراث.. إلخ، أم يفعل مثلما فعل الرئيس الحالي محمد مرسي من نكوث بالوعود، ومن استئثار بالسلطة؟

إنها تجربة تستحق المتابعة لمعرفة إلى أين ستصل، وما إذا كان الفكر السلفي المنفتح سيحقق ما عجز عنه الفكر الليبرالي المتطور.

وفي كل حال، فإن التنوع الفكري والثقافي هو من خصائص الشعب المصري ما بعد حسني مبارك.. وفي ظل المرحلة الانتقالية الراهنة.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك