حلل خطاب سموه في القمة العربية
محليات وبرلماناتجاهات : الأمير وضع 5 ركائز لتطوير العمل العربى وتفعيل بيت العرب
مارس 27, 2013, 2:23 م 724 مشاهدات 0
أجرى مركز 'اتجاهات' للدراسات والبحوث، الذي يترأسه خالد المضاحكة، تحليلا لمضمون خطاب سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي ألقاه على هامش مشاركته في القمة العربية الرابعة والعشرين بالدوحة, وقد توصل التحليل إلى نتيجة أساسية مفادها أن الدائرة العربية تحتل مكانة محورية في فكر سموه حفظه الله ورعاه، حيث تضمنت الكلمة 3 محاور رئيسية هي ابعاد وقضايا وركائز تطوير العمل العربى المشترك.
أبعاد العمل العربي المشترك
أكد اتجاهات أن أبعاد العمل العربي المشترك في خطاب سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد في قمة الدوحة تعددت, حيث برز البعد السياسي في دعم التعاون البناء، إذ اتضح أن هناك تركيز من جانب سمو الأمير على الأوضاع السياسية القائمة التي شهدتها غالبية الدول العربية ودورها في إعاقة العمل العربي في اطاره العام خاصة في أعقاب مرحلة الثورات الشعبية والانتفاضات الجماهيرية والهبات المجتمعية، بما تمخضت عنه من تأثيرات على الحالة الأمنية والأوضاع الاقتصادية والسيولة السياسية والعدالة الانتقالية داخل كل دولة على حدة، قائلا في خطابه 'ينعقد اجتماعنا اليوم في ظل تطورات ومتغيرات عصفت بعملنا العربي المشترك وأخلت بأولوياته وشلت قدرتنا على تحقيق إنجازات ملموسة في إطار هذا العمل في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الدفع بعملنا المشترك والإنجاز في إطاره بما يحقق آمال وطموحات أمتنا العربية'.
وبين التقرير أن البعد الاقتصادي حظي بأولوية في خطاب سمو الأمير، لاسيما إن البعد الاقتصادي العربي متراجع، إذ أن حركة انتقال الأفراد والسلع ورؤوس الأموال بين الدول العربية وبعضها تبدو في كثير من الأحيان أصعب من انتقالها بين الدول العربية والعالم الخارجي. ومن ثم، لم يكن غريبا أن تصبح أرقام التجارة البينية العربية متدنية للغاية لا تتعدى في أفضل الأحوال 11%، حيث أن معظم الاقتصاديات العربية متشابهة، وهو ما يجعلها اقتصاديات متنافسة وليست متكاملة. وبالتالي، فإن السمة المميزة للعمل العربي المشترك هو التدني والضعف. فقد أشار سموه في خطاب القمة إلى أن 'نهجنا في السنوات القليلة الماضية والمتمثل في عقد قمم نوعية كالقمة الاقتصادية والتنموية على مدى دورات ثلاث حققنا من خلالها إنجازات أضافت إلى عملنا العربي المشترك حيوية وقفزات مهمة مما يدعونا إلى المضي في هذا النهج والتفكير جديا في عقد قمم نوعية أخرى'.
كما حظي البعد الأمني لدعم العمل العربي المشترك باهتمام سمو الأمير، نظرا لكثرة التهديدات النابعة من الداخل والقادمة من الخارج، على نحو ما أفرزته الأزمة السورية التي تتمثل في أبرز ملامحها في نضال شعب في مواجهة نظام مستبد وسلطوي، وتمخضت عن أزمة إنسانية حادة حيث قال سموه في خطاب القمة 'بعد مضي عامين من القتل والدمار المستمرين لأشقائنا السوريين وازدياد أعداد اللاجئين في الدول المجاورة لهم بما يمثله ذلك من كارثة إنسانية فإنه لازال الوضع أكثر تعقيدا ولازالت فرص الوصول إلى وضع حد لنزيف الدم بعيدة المنال'.
قضايا العمل العربي المشترك
ونوه اتجاهات ان سمو الامير اشار إلى عدد من القضايا المرتبطة بواقع العمل العربي المشترك، وكان أكثرها حدة الأزمة السورية، وهو ما دعا سمو أمير الكويت إلى إطلاق دعوة للمؤتمر الدولي للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا، وعقد بالفعل في الكويت في 30 يناير 2013, كما طالب سموه الأمير خلال كلمته بعض الزعماء العرب بالإسراع 'تسديد تعهداتهم حتى نتمكن وعلى الفور من الاستجابة للمتطلبات الإنسانية الملحة للسوريين'.
كما تضمنت كلمة سمو الأمير اهتماما بالقضية الفلسطينية التي تعتبر 'أم القضايا' في المنطقة العربية، بشرط توحيد رؤى ومواقف القوى السياسية الفلسطينية في اتجاه بناء الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، حيث أشار سموه إلى الجهود العربية والدولية لحصول فلسطين على وضع 'دولة مراقب' في الأمم المتحدة. كما طالب في خطابه بـ 'مضاعفة الجهود للتحرك الجماعي لحث المجتمع الدولي ومجلس الأمن واللجنة الرباعية الدولية للاضطلاع بمسئولياتها بتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط وتحقيق تقدم ملموس فيها والضغط على إسرائيل لحملها على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية ووقف الاستيطان وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وفقا لمبدأ الأرض مقابل السلام ومبادرة السلام العربية'.
وأشارت كلمة سموه أيضا إلى الحالة اليمنية حيث تمثل جلسات الحوار الوطني في اليمن اختباراً محورياً لقدرة المبادرة الخليجية علي حسم تناقضات وتحديات المرحلة الانتقالية في مخاض عصيب سيحدد مستقبل الدولة اليمنية بعد مرور ما يقرب أكثر من عام وثلاث شهور علي إقرار المبادرة، إذ تبدو الخريطة السياسية اليمنية غاية في التعقيد مع تبلور ثنائيات حدية بين مؤيدي النظام السابق ومعارضيه ومؤيدي الوحدة ومعارضيها والتيارات الإسلامية في مواجهة الحوثيين والمدنيين فضلاً عن تهديدات تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والانقسام الحاكم للمؤسسة العسكرية مع وجود رموز لحقبة الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وهو ما يؤثر على استحقاقات المرحلة الانتقالية كما يرى سمو الأمير.
ركائز تطوير العمل العربي المشترك
أوضح التقرير ان سمو الامير اهتم بعرض خمس ركائز الأولى: الاهتمام بحل المشكلات الداخلية كأساس لمواجهة التحديات الخارجية، حيث أن سمو الأمير يشغله ضرورة التوصل إلى تسويات لعدة ملفات عربية ساخنة، بحيث تسوى القضية الفلسطينية ووضع حد للأزمة السورية المتفاقمة وتتحقق المصالحة الوطنية العراقية وتغليب المصلحة الوطنية اللبنانية ومواجهة المحاولات الرامية لزعزعة الاستقرار في اليمن، ووقف الاقتتال الداخلي بين الفصائل المتنازعة في الصومال والانطلاق نحو مؤسساته المدنية ومشروعاته التنموية. إن إنجاز خطوات على صعيد تلك الملفات يهدف إلى 'ترتيب البيت العربي من الداخل'، وهو ما أشار إليه سمو الأمير في مواضع مختلفة.
الركيزة الثانية، الاهتمام بالأبعاد الاقتصادية والتنموية كأساس للارتقاء بالعمل العربي المشترك، وهو ما تشير إليه تجارب وخبرات عديدة، سواء في الإقليم أو العالم. فالبعد الاقتصادي يمثل 'القاطرة' التي تجر وراءها بقية عربات القطار العربي، سواء من خلال وضع الخطط وتنفيذ المشروعات وتفعيل الاتفاقيات وتطوير المؤسسات وتحرير تجارة الخدمات ورفع مستويات معيشة الأفراد داخل مختلف الأقطار العربية.
وهذه الركيزة تنسج مع توجه سمو الأمير بضرورة إيجاد مؤسسات مالية تدعم التنمية في الدول العربية، واتخاذ خطوات تنفيذية بشأن تطبيق منطقة التجارة الحرة العربية وتحرير تجارة الخدمات وتفعيل الاتفاقيات الاقتصادية، بما يؤدي إلى إشراك وتعزيز دور القطاع الخاص- نظرا لما يملكه من قدرات وإمكانيات فنية ومالية وبشرية- في تنفيذ برامج ومشاريع العمل الاقتصادي العربي المشترك، وهو ما يفرض العمل على تهيئة المناخ الملائم والسياسات الكفيلة بتعزيز فرص نجاحه، وتوفير روافد التمويل الطويل الأجل لتنفيذ المشروعات الهادفة، وتشجيع مبادرات المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم والقائمة على استغلال الموارد المحلية المتاحة من سلع وخدمات، نظرا لما توفره من فرص عمل حقيقية للعمالة الوطنية.
الركيزة الثالثة، تتمثل في الاهتمام بأوضاع حقوق الإنسان حيث صار الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان واحدا من أبرز مؤشرات الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي في الدول والمجتمعات، وفي هذا السياق يدعم سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد المقترح البحريني الذي طرحه الملك حمد بن عيسى بإنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان كآلية قانونية تدعم منظومة حقوق الإنسان في الوطن العربي بحيث تشكل إضافة هامة لعملنا العربي المشترك وتأكيدا للأهمية التي نوليها جميعا بالالتزام بمبادئ حقوق الإنسان ووضع هذه القضية في مقدمة الاهتمامات والمشاغل.
الركيزة الرابعة، هي تفعيل جامعة الدول العربية وتطوير بنائها المؤسسي وإنشاء هيئة متابعة تنفيذ القرارات الصادرة عن الجامعة من جانب وتطوير عمل المؤسسات المنضوية تحتها مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي ودعم عمل وأنشطة البرلمان العربي الانتقالي، وهو ما عبر عنه سمو الأمير بالقول 'إن ما شهده العالم من تطورات وتغيرات تتطلب منا العمل سريعا على إيلاء منظومة عملنا العربي المشترك ما تستحقه من اهتمام وتطوير بتوفير سبل الإصلاح والتطوير لجامعة الدول العربية هذا البيت الذي يجمعنا جميعا وذلك لنتمكن من مواكبة التحديات وتمكين الجامعة من أداء دورها على الوجه الأكمل'. وأضاف قائلا 'إن ذلك لن يتحقق إلا عبر دراسة شاملة نضع فيها الأولويات والأهداف ونقيم فيها مؤسسات الأمانة العامة للجامعة العربية'.
الركيزة الخامسة، هي الدفع في اتجاه عقد قمم عربية نوعية مثل القمة الثقافية العربية والقمة التكنولوجية العربية على غرار القمة الاقتصادية الاجتماعية التنموية، وهو ما يعرف بأسلوب 'النواة' في التطور.
وأكد اتجاهات ان خلاصة القول تشير الى ان خطاب سمو الأمير في قمة الدوحة هدف إلى ضرورة ترك بصمات قوية على العمل العربي المشترك، وتفعيل دور الجامعة العربية باعتبارها 'بيت العرب' وتحديث مؤسساتها وإعادة النظر في أسلوب عملها، بحيث تتجه الدول العربية نحو عصر جديد ومناخ مختلف من خلال فكر متطور ورؤية واقعية وتضامن رشيد.
تعليقات