سامي خليفة: لهذه الأسباب أصبح «الربيع العربي» نافر وغير جاذب!
زاوية الكتابكتب إبريل 28, 2013, 12:37 ص 910 مشاهدات 0
الكويتية
أميركا.. والمخطط الأخبث!
د. سامي ناصر خليفة
مع التطور الدموي الكبير الذي يحدث في سوريا - وبدرجة أقل في المناطق المحيطة بها - يمكن أن نَصِف المشهد السياسي بأنه مزرٍ! ذلك نتيجة لافتقاد الفرقاء إلى الحس الإنساني والطرح العقلاني، والمنهجية الانفتاحية وغرقهم بالفكر الظلامي والطرح الصدامي والنفس الانغلاقي! ما يمهد لاستمرار تفاقم تلك الأمراض النفسية، إلى التمهيد لصدام دموي أكبر بين قوى المنطقة وعلى مستوى أوسع، قد تشمل عناوين دينية أو عنصرية بتحريض من الدول الكبرى في غياب القيم والأخلاق والمعرفة!
فالإدارة الأميركية - ومعها حلفاؤها في أوروبا - استطاعت تجاوز اختراق الأنظمة العربية إلى نخر القوى الناشطة التي خرجت من رحم إرادة واحتياج شعوبها، بل ونجحت في التأثير والاستحواذ على مصالح المجتمعات، من خلال زيادة منسوب التوترات المذهبية والنزاعات الطائفية من جانب، وربط مصالح آنية مع تلك القوى الشعبية تتعلق باستبدال أنظمة عربية رثّة مهترئة، واستبدالها بأنظمة أكثر قبولا عند الشارع العربي، مع ضمان ممارستها لنفس الأدوار السياسية السابقة، وبقائها في نفس المعسكر الغربي!
إنها مرحلة الاستحواذ والاستغلال والاستبداد التي تشكل معالم السياسة الأميركية الجديدة في المنطقة العربية، التي تسعى إلى شرذمة المنطقة عبر تعميم الرعب، بصورة يشعر الجميع أن مصيره مهدد، وخلق مسارات منفردة ومضادة لبعضها البعض تنتهي خيوط مصالحها في واشنطن، يرافق ذلك نشر ثقافة الكراهية بهدف تعزيز الاتجاهات المتطرفة عنصريا في الساحة، وإنعاش الحركات المتطرفة دينيا ودعمها بقوة، ثم إضفاء طابع «الثورة» و«الربيع» و«الحرية» و«الديمقراطية» بنكهة النزاعات الدموية!
ومن الطبيعي أن تؤدي تلك السياسة الأميركية الخبيثة إلى جعل أنظمة «الربيع العربي» نافرة وغير جاذبة، إلى حد تفكير الشعوب باستهدافها والثورة عليها من جديد، بعد أن تم إفراغها من كل المعاني الجميلة التي قام الناس من أجلها!
ومن الطبيعي أيضا أن تؤدي السياسة الأميركية الخبيثة إلى ظهور الجماعات الإسلامية المتشددة، وانتشار العنف «المقدس» والفتاوى «التكفيرية»، والخطابات المحرّضة على القتل، وإلغاء ثقافة التعددية والتقليل من الحريات العقدية! ومن الطبيعي أن تسارع الأقليات إلى الابتعاد عن الانخراط في مفهوم الدولة المدنية الواسعة، لتتقوقع على ذاتها وتمارس التطرف المضاد في مواجهة تطرف الأكثرية حماية لوجودها وحفاظا على دورها التاريخي.
إنه المخطط الأخبث الذي تبنته الإدارة الأميركية في المنطقة، ولابد في مواجهة ذلك من تحكيم العقل، واستعادة الأخلاق من أجل بناء حوار حضاري بين الفرقاء اليوم في الساحة العربية، وقبول الانفتاح الديني والحرية السياسية التي تعيد التنوع الإيجابي السابق من جانب، وتأصيل ثقافة التعايش وقبول الآخر المختلف، وتعزيز مبادئ التضامن الإنساني من الجانب الآخر. فالمخطط أكبر مما نتصور، وعلينا أن نكون بمستوى وحجم التحدي، إن كنا نريد أن يكون لنا بقاء في القادم من السنين.
تعليقات