صناعة النفط الليبية تصطدم بالمليشيات وغياب القانون بقلم هبة صالح
الاقتصاد الآنمايو 1, 2013, 1:34 م 971 مشاهدات 0
على مبانى تشغلها مكاتب شركة ميللتا في طرابلس، وهي مشروع مشترك بين الحكومة الليبية ومجموعة إيني الإيطالية للطاقة، ترتفع لافتات هائلة معلنة: 'نعم لنزع السلاح' و'لا لدولة المليشيات'
يذكرنا هذا بصدامات دامت يومين بين مجموعات مسلحة من بلدتي الزنتان وزوارة، بسبب خلاف على من عليه أن يحرس مجمع ميلليتا للنفط والغاز في غرب ليبيا. وخلَّف القتال الذي نشب بالأسلحة النارية قتيلاً واحداً على الأقل وعدة جرحى. وفوق ذلك عمل على إعاقة إنتاج النفط وأوقف بشكل مؤقت صادرات الغاز الطبيعي إلى إيطاليا قبل أن يتمكن الجيش أخيراً من استعادة النظام.
أصبحت الحوادث العنيفة مثل التي حدثت في ميلليتا مظهراً متكرراً في صناعة الهيدروكربونات في ليبيا منذ سقوط الرئيس الليبي معمر القذافي عام 2011.
وعلى الرغم من أن ليبيا استطاعت استعادة إنتاجها من النفط إلى مستويات ما قبل الثورة وهو نحو 1.6 مليون برميل في اليوم، إلا أن ضعف الحكومة وانتشار الجماعات المسلحة غيّر وجه البيئة التي تعمل فيها الشركات العالمية في هذه الدولة الغنية بالنفط في شمال إفريقيا.
فالمليشيات المدججة بالأسلحة الثقيلة تجتاح حقول النفط، والسكان المحليون المطالبون بالوظائف يحاصرون المرافق، والمظاهرات تغلق محطات تصدير النفط. وفوق ذلك، هناك المخاوف الإقليمية في أعقاب الهجوم على مرفق للغاز في الجزائر المجاورة في أوائل هذا العام.
وفي مقابلة مع 'فاينانشال تايمز'، قال عبد الباري العروسي، وزير النفط الليبي، إن الانقطاعات في الإنتاج كلفت هذه الدولة العضو في منظمة أوبك نحو مليار دولار في الأشهر الخمسة الأخيرة. وقال: 'عندما توجد اعتصامات، تُغلق حقول النفط. وتنتج خسائر عن الإخفاق في الإنتاج والتصدير. ونحن نحاول أن نحل هذه المشاكل من خلال الحوار والمناقشات'.
وزادت الحكومة عدد أفراد الحراسة على مرافقها النفطية، ويبلغ تعدادهم الآن نحو 18 ألف رجل، كثيرون منهم كانوا في السابق أعضاء مليشيات تم دمجهم في الجيش. لكن ما زال المسؤولون يقولون إنه لا توجد أجوبة سهلة على المشاكل الأمنية في دولة تعمها الفوضى وبلا قانون تقريياً، ولا تزال مغمورة بالأسلحة.
ويقول المدير الإقليمي لإحدى الشركات الدولية: 'يمكن السيطرة على الأمن، لكن الأمور متوترة جداً. لم يتم استهداف العاملين الأجانب، لكن يمكن أن تعلق في وضع سيئ، إنها عملية مختلفة تماماً عما كان يحدث قبل سقوط القذافي. ولا تستطيع الإدارة فرض أي شيء على العاملين لديها'.
ويقول دبلوماسيون وبعض المطلعين في الصناعة إن جزءاً من المشكلة يعود إلى أن بعض المليشيات المحلية التي قامت بحراسة المنشآت أثناء الحرب التي استهدفت خلع القذافي تشعر الآن أن لها الحق في الوظائف ومنافع أخرى. أما قبل الثورة، فلم يكن التشدد الأمني ضروريا.
وقال ديبلوماسي غربي: 'كان الحال مثل جيش خاص (أثناء الثورة)، لكن الحكومة الآن سيطرت على أمن المرافق النفطية. يجب تقديم شيء لهؤلاء الناس، أو العمل على دمجهم. الحكومة تعمل على ذلك، لكن هذه عملية طويلة'.
وفي آذار (مارس) الماضي، قامت 'الواحة للنفط'، وهي شركة تملكها وتديرها مؤسسة النفط الوطنية بالاشتراك مع شركة كونوكو- فيليبس، وهيس آند ماراثون أويل، بإلغاء عقد مع شركة في القطاع الخاص لخدمات النفط بعد 17 يوماً من حصار متظاهرين لها قالوا إن الشركة سرقت وظائفهم. ويقول العروسي إن على الشركات أن تفكر في مسؤولية البرامج الاجتماعية للمجتمعات المحلية: 'يمكنها تقديم خدمات صحية وتعليمية أو تدريب الناس أو جلب مواصلات لهم، مثل باص أو سيارة إسعاف'.
والتعامل مع ميليشيا غليظة الطباع ليس هو التحدي الوحيد، إذ يخشى كثيرون صعود المسلحين الإسلاميين في الصحراء الكبرى التي ليس لها حدود.
وفي كانون الثاني (يناير) الماضي هاجمت جماعات منتسبة للقاعدة، عبرت الحدود الجزائرية، مجمعاً للغاز في 'إن أميناس' تشغله شركتا بريتيش بتروليوم وشتات أويل.
وقال التنفيذي في شركة النفط: 'حادثة إن أميناس غيرت قواعد اللعبة. قبل الثورة لم تكن حقول النفط محمية. والآن تتخذ الحكومة الإجراءات، بالمزيد من الحراس'.
لكن المخاوف لا تزال قائمة حول مدى كفاءة وولاء أفراد الميلشيا الذين تم تجنيدهم لحماية مرافق النفط.
تعليقات