عن بورما المنسية!!.. يكتب رياض الصانع
زاوية الكتابكتب مايو 3, 2013, 12:39 ص 1542 مشاهدات 0
عالم اليوم
بورما المنسية
رياض الصانع
لقد نام المجتمع الدولي بكل ثقله على أزمة إنسانية وأخلاقية، لا تهز المشاعر والأحاسيس فقط بل تهز الإنسانية بأكملها وبضميرها الأخلاقي الذي صيغ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية والمتمثل في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما تهز المنظمة الدولية للصليب الأحمر بإتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولات الملحقة بها، وبأطرها ومنظريها ومفتشيها، إن ما يحدث في بورما المنسية من حكايا صراع الجبروت، تأخذ الذهن إلى أبعد من مائه سنة من العزلة رائعة ماركيز، وأبشع من جرائم دراكولا في التراث الغجري القديم، إنها حكاية شعب يباد، أقلية أو أكثرية لا يهم، مسلمة أو مسيحية أو حتى لائكية لايهم، المهم في متن الحكاية أنها إهانة أخلاقية وهمجية للإنسان ذلك المخلوق الذي كرمه الله عز وجل، فأذل ونكل به في بلد، منطوٍ في أقصى زاوية بالخريطة اسمه بورما.
فالأمم المتحدة تصف أقلية الروهينجا المسلمين في ميانمار ببورما، والذين تعود أصولهم العرقية إلى منطقة البنغال ويبلغ عددهم حوالي (800) ألف بأنهم الأقلية الأكثر اضطهادا بالعالم، فقد أسفر في وقت سابق العنف الطائفي من قبل البورميين البوذيين إلى وقوع الآلاف من القتلى، إضافة إلى تهجير ما يقارب من (100) ألف روهينجي من قراهم ومنازلهم لتمتلئ بهم معسكرات لاجئين تفتقد الحد الأدنى من الإنسانية، إضافة للعرقلة الممنهجة لوصول المساعدات الإنسانية إليهم من قبل الحكومة البورمية.
وتعود بذور أزمة مسلمي الروهينجا تاريخيا إلى الاستعمار البريطاني، واشتداد الشعور القومي للبورميين البوذيين وتصاعد مطالبهم بالاستقلال من بريطانيا، مما ولد شعور العداء لكل من الإنجليز والعرقيات الأخرى وعلى رأسها المسلمون، حيث اعتبروهم دخلاء، وأطلقوا حملة حملت شعار «بورما للبورميين فقط» فمنذ استقلال بورما والمسلمون الروهينجا يعانون من العنف الموجه ضدهم وعدم الاعتراف حتى بوجودهم فقانون المواطنة البورمي لعام 1982 يحرم الروهينجا من صفة مواطن، لكن الغريب في الأمر أن كل المحن امتدت إلى ما بعد وصول أول رئيس ديمقراطي منتخب وهو» ثين سين « حيث صرح علنا بأن الروهينجا في بورما يجب طردهم جميعا من البلد وإرسالهم لمخيمات لاجئين، وحتى أقوى زعيمة حقوقية ببورما « سو تشي « والحاصلة على جائزة نوبل للسلام عام 1991، قالت بأنها ليست متأكدة بأن الروهينجا بورميين أم لا، وهو ما يضع أكثر من علامة استفهام حول أية حقوق تدافع عنها؟ وهل منحها جائزة نوبل للسلام كان معيارها سياسي ؟ أم أن هؤلاء البشر لا تنطبق عليهم كلمة حقوق؟! فالمسلمون يعانون من تطهير عرقي وتهجير جماعي وتعذيب وحبس واغتصاب وتعقيم للنساء، وهو ما يرقى بحسب تفسير المادة ( 6 ) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية إلى حالة إبادة جماعية.
إن تغيير المعايير وازدواجيتها في العمل الحقوقي، يسمى بالنفاق الأخلاقي الذي تنتهجة الحكومة البورمية، والتي تتبجح بمكتسبات ديمقراطية لا توجد إلا في ذهنها فقط، فالقدرة على القتل والتهجير والاغتصاب، لا يمكن أن تصدر من أناس يؤمنون بالإنسانية، بل من أناس تملكتهم غرائز همجية أو ورثوا بالتوارث جينات القبائل المغولية في القرون الوسطى، فالعنف الطائفي مازال مستمرا ببورما والتهجير كذلك والقتل كذلك، فهل من ضمير عالمي حي ليس للتدخل والضغط من أجل حل القضية، بل فقط من أجل عرضها على العالم أكثر.
أنه فقط زمننا الرديء، الذي تهدر فيه الأرواح لأسباب قومية وعرقية تافهة.
تعليقات