فوزية أبل تكتب: 'سلفيون.. ولكن ظرفاء'!

زاوية الكتاب

كتب 982 مشاهدات 0


القبس

'سلفيون.. ولكن ظرفاء'

فوزية أبل

 

• وضع يد الاخوان المسلمين على السلطة في مصر اضطر السلفيين للخروج إلى الضوء، مما وضعهم أمام عدة احتمالات: إما التحالف معهم أو الانسحاب أو التفتت أو الاصطدام.

البروز المتنامي لتيارات الحركة السلفية في مصر ما بعد حسني مبارك يحتاج إلى قراءة متأنية، ليس بالنظر إلى الاعتبارات الفكرية فقط، وإنما بفعل التبدلات والتنازلات المرتبطة بدخول المعترك السياسي أيضا، وبالعلاقة مع الاخوان المسلمين المسيطرين على السلطة الحالية.

من البديهي القول ان التيارات الإسلامية هي أقل من قدم التضحيات خلال الثورة، وأكثر من استفاد من مجريات الأحداث، ولكن بعد انتصار الثورة فإن واقع الحراك أرغم جماعات سلفية متعددة على تغيير نهجها وإجراء مراجعات فكرية، وبرزت التعددية، والتنوع الفكري والأيديولوجي والخطابي في الحالة الإسلامية عموما، والعديد من الفصائل السلفية صارت تبحث عن كيفية تنظيم العلاقة بين العمل الحزبي والعمل الدعوي.

وهنا بيت القصيد.. فقد برز جدل وقلق سواء في مصر او في العالم الخارجي حول تأثيرات هذا الصعود والخروج المفاجئ للجماعات السلفية، والتحول السريع في فكرها وأدبياتها سعيا إلى التأقلم مع المتغيرات التي طرأت على الواقع المصري بعد الثورة. بعد أن كانت المدرسة السلفية تنتقد «الاخوان» لأنها فضلت العمل السياسي (وبالتالي تسلم مقاليد السلطة) على حساب الدين والعمل الدعوي. وهي الآن تمارس الأنشطة ذاتها في الأحياء والقرى، تشبه الأنشطة التي كانت يقوم بها الاخوان لكسب الشارع المصري والتغلغل فيه.

فمبدأ خوضها الانتخابات يفرض عليها القبول بمبدأ الديموقراطية وتبادل السلطة، كونها تحتاج إلى أصوات مختلف فئات الشعب، كما تضطر إلى تخطي بعض الثوابت والكلاسيكيات المرتبطة بالفكر السلفي الأصولي، فهذا التبدل يمكن اعتباره أحد مكاسب الثورة. مما فتح الباب مشرعا أمام نشوء العديد من الأحزاب والائتلافات والكيانات السلفية الجديدة.

ولا شك أن استئثار الرئيس مرسي ومرشد الاخوان بمواقع السلطة أحدث صدعا مع السلفيين، وراح السلفيون يخوضون معترك النقاش السياسي، ويتصدرون شاشات القنوات الفضائية المصرية في محاولة للانطلاق من القوقعة القديمة إلى الانخراط بالعمل الحزبي والسياسي بالمعنى الأوسع بعد سنوات طويلة من العمل في الظل، بل ويحاولون الإيحاء بأن السلفية تتمتع بنفوذ كبير داخل المجتمع المصري عبر تعظيم نفسها في وسائل الإعلام.

ووصل فيهم الحال أن أطلق بعض السلفيين شعار «سلفيون ولكن ظرفاء» في محاولة لإظهار صورة حديثة وتبديد الصورة المتشددة المرتبطة في أذهان المصريين! فهم يظنون أن جماعة الاخوان تسلقوا واستفادوا منهم في الوصول إلى السلطة، وأنهم عانوا قمع أجهزة الأمن في عهد الرئيس السابق.

بعد عامين على الثورة، تحاول الأحزاب والائتلافات والكيانات السلفية الجديدة تقديم خطاب سياسي يواكب المستجدات ويحافظ على ثوابت المنهج السلفي.. وسط تساؤلات لا بد منها: ما مستقبل المدرسة السلفية الأصولية مع التحول الديموقراطي؟ ومستقبل العلاقة بينها وبين التيارات المستقلة والمدنية والليبرالية؟

والأحزاب السلفية هل ستستفيد من استئثار الاخوان بالسلطة وانتهازيتهم في كسب ولاء المجتمع المصري المحافظ؟ وكيف سيكون وضعها في حال سقوط حكم «الاخوان» أو تدهور أوضاعه؟ فهل هي قادرة على ملء الفراغ، وهو ما ستعتبره القوى الشبابية انقلابا «لسرقة الثورة من جديد»؟

وفي المقابل، هل سيتمكن الاخوان من إضعاف السلفيين أو تفكيك ائتلافهم وتقويض قدراتهم؟.. أم ستشهد المرحلة المقبلة توافقا مع الاخوان لمنع سقوط أو انهيار الحكم الإسلامي في مصر من جهة وللتمكن من مفاصل الدولة من جهة ثانية؟

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك