قضايا المغردين سياسية.. هكذا يعتقد سعد حوفان الهاجري
زاوية الكتابكتب مايو 16, 2013, 12:35 ص 697 مشاهدات 0
عالم اليوم
نقطة نظام / قصر العدل
سعد حوفان الهاجري
في زيارة لقصر العدل خلال الأٍسبوع المنصرم وللأمانة على ما أظن أنها الثانية لي في دخول قصر العدل، وكانت زيارتي لأحد الأصدقاء الأعزاء على قلبي، وهو قاض لي قال تعال وشاهد جلسات قصر العدل، فحضرت عنده، ولكن قبل ذلك وأثناء الصعود إليه كنت أشاهد الكثير من المراجعين والمحامين والازدحام على المصاعد، وأيضا في ممرات القاعات فجلست أحدث نفسي أمام هذا العدد والذي لا أعتقد أنه يومي في المحاكم، وهذا ما شاهدته في قصر العدل دون غيرها من المحاكم الأخرى فقلت : إن القضاء والقاضي فعلا موكل إليهم أمر عظيم وعليهم مسؤولية أمام الله كبيرة في إصدار الأحكام، و كيف للقاضي أن ينام وهو يريد أن يحكم على إنسان ممكن أن يؤدي ذلك الحكم إلى ضياعه.
عندما وصلت إلى ذلك الصديق العزيز، وجلست معه بدأت أسأله، عن حجم القضايا وكيفية تحضيرها، وماذا تعملون وكيف تصدرون الأحكام؟ ولكن قطع علي التساؤلات وقال لي: بغض النظر عن الوقت الذي نقضيه في المحاكم وكذلك مراجعة القضايا في الأوقات الأخرى حتى منتصف الليل، إلا أن أكثر ما يسبب الصداع والهم هو لحظة نطق الحكم، خصوصا في قضايا تتسبب في تحديد مصير فرد أو أسرة.
خرجت منه وأنا فعلا أحدث النفس كيف للقاضي أن يتحرى الدقة والعدل، وما هي الإجراءات والضمانات الكفيلة بذلك، وبعدها رجعت وقررت أن أقرأ في كيفية تعامل القضاة في صدر الإسلام، محاولة مني لمعرفة كيف يتعامل القضاة في ذلك الزمان، وحتى أجد مثالا يمكن أن يحقق شيئا من القدوة الحسنة، فعرفت أن من أهم الإجراءات هي المساواة أمام القضاء وهي مساواة حق التقاضي، والمساواة في القواعد الموضوعية والإجرائية، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام «من ابتلي بالقضاء بين الناس فليعدل بينهم في لحظة، وإشارته، ومقعده، ولا يرفع صوته على أحد الخصمين ما لا يرفع على الآخر» . شاهد هذه القواعد النبوية مع ذكره عليه الصلاة والسلام أن القضاء بلاء، وقرأت أيضا تجب المساواة بين الحاكم والمحكوم أمام القضاء، فيروى أن الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور شكاه الجمالون إلى القاضي فأمر باستدعائه فلما حضر لم يقم له، وسوى بينه وبين خصومه في المجلس واستمع إلى أقوالهم، ثم حكم على الخليفة، فلما انقضي مجلس القضاء استدعى الخليفة القاضي وقال له « جزاك الله عن دينك ونبيك وعن حسبك وعن خليفتك أحسن الجزاء « .
هكذا فعلا تظهر استقلالية القضاء، وهكذا تظهر المساواة وعدم التمايز وينال المظلوم حقه، وهكذا دور الحاكم الذي ينتصر لرعيته حتى ولوكان على نفسه، هكذا يكون دور القاضي ألا يجامل لأجل شيخ أو تاجر أو وجيه أو متنفذ لأنهم كلهم للزوال وهو المحاسب أمام الديان، حتى إذا وجد القاضي في نفسه ميولا إلى أحد المتخاصمين فالأجدر له أن يبتعد ولا يستلم أو يحكم في هذه القضية، لأن ذلك يعتبر من الإحساس بالمسؤولية والالتزام بالمبادئ حين يصبح الإنسان رقيبا على نفسه.
هناك الكثير من القضايا المتهم بها مغردون وهي معروضة أمام القضاء، وأنا في نظري الغالب منها يغلب عليه الشق السياسي، فالقاضي عليه وقت الحكم أن يخرج من كل المؤثرات المحيطة ويعلم أن الذي أمامه إنسان ممكن أن يقتل مستقبله بقراره.
تعليقات