هيبة القانون تصحح أوضاع العمالة المخالفة بقلم طلعت زكي حافظ

الاقتصاد الآن

2456 مشاهدات 0



الإجراءات الصارمة التي اتخذها الحكومة السعودية أخيراً في حق العمالة المخالفة لنظام الإقامة والعمل في السعودية، انعكست بشكل واضح وملموس على سوق العمل، وعلى الجهود الحكومية الرامية لتصحيح أوضاع العمالة غير النظامية في المملكة، والتي يتوقع لاستمرارها أن يتم بإذن الله تعالى عاجلاً القضاء على أحد التشوهات الرئيسة التي ظل يعانيها سوق العمل لفترة طويلة جداً في المملكة، والتي تسببت في حدوث اختلالات هيكلية في السوق، إضافة إلى حدوث أضرار اجتماعية واقتصادية وأمنية أخرى، من بينها تفشي ظاهرة التستر التجاري وارتفاع المعدل العام للبطالة في المملكة.

الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة السعودية لتصحيح أوضاع العمالة غير النظامية في البلاد، استلزمت إحداث تعديل جوهري لنص ومضمون المادة 39 من نظام العمل، حيث تتمكن وزارتا العمل والداخلية من خلال التنسيق فيما بينهما من التفتيش على الشركات والمؤسسات العاملة في المملكة والقبض على العمالة المخالفة لأنظمة العمل والإقامة بما في ذلك إيقاع العقوبة المنصوص عليها قانونياً على المنشآت التجارية والأفراد المخالفين.

العمالة المخالفة لنظام العمل والإقامة في المملكة والتي ربما تصل أعدادها إلى ملايين، استجابة لتلك الإجراءات وبادرت على الفور بتصحيح أوضاعها، مستفيدة بذلك من التسهيلات التي منحتها الدولة لجميع المنشآت والأفراد الأجانب المخالفين، والتي جاءت على هيئة عددٍ من الاستثناءات التي تمكن العمالة من تصحيح أوضاعها قبل نهايـة المهلـة المحددة للتصحيح والتي هي بتـاريخ 24/8/1434هـ الموافق 3/7/2013.

جدير بالذكر أن من بين الاستثناءات التي منحتها الدولة للعمالة المخالفة لأنظمة العمل والإقامة لتصحيح أوضاعها غير النظامية، إعفاء جميع الوافدين المخالفين لنظامي الأقامة والعمل الراغبين في تصحيح أوضاعهم والبقاء للعمل في المملكة من العقوبات والغرامات المرتبطة بمخالفاتهم باستثناء الرسوم، وذلك لمن وقعت مخالفاتهم قبل تاريخ 25/5/1434هـ الموافق 6/4/2013، وفي حالة المغادرة النهائية خلال الفترة التصحيحية، يتم الإعفاء من رسوم الإقامة ورخصة العمل والعقوبات والغرامات المرتبطة بالمخالفات عن الفترات السابقة، وبطبيعة الحال هذه المهلة التصحيحية والاستثناءات لا تشمل المتسللين الذين دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية. وبحسب التنظيم الجديد ''يمكن للعمالة الوافدة المتغيبة عن العمل ''الذين عليهم بلاغات هروب'' أو التي انتهت صلاحية إقامتهم بتصحيح أوضاعهم إما بالعودة لصاحب العمل الحالي أو نقل خدماتهم لصاحب عمل آخر''، ويسري الأمر نفسه على العمالة المنزلية الهاربة. كما سمحت تلك الاجراءات والاستثناءات للمتأخرين عن المغادرة من القادمين للحج والعمرة قبل تاريخ 28/6/1429هـ الموافق 3/7/2008 بتصحيح أوضاعها كعمالة منزلية لدى الأفراد أو كعمالة لدى منشآت القطاع الخاص، شريطة ألا يؤدي هذا الإجراء إلى زيادة إجمالي أعداد العمالة المنزلية لدى الأسرة الواحدة على أربعة أشخاص بعد التصحيح، وألا يؤدي كذلك إلى نزول المنشآت التي يبلغ إجمالي عدد عمالتها عشرة فأكثر دون النطاق الأخضر، مع الأخذ في عين الاعتبار، ألا يتم نقل أكثر من أربعة عمال وافدين كحد أقصى إلى الكيانات الخضراء الصغيرة جداً والتي يبلغ عدد عمالتها تسعة عمال فأقل أو التي وظفت سعوديا واحدا على الأقل سواء كان صاحب العمل نفسه أو موظفا سعوديا آخر تم توظيفه بأجر لا يقل عن ثلاثة آلاف ريال.

كما مكنت تلك التسهيلات والاستثناءات التي منحت للعمالة الوافدة المخالفة لنظام العمل والإقامة في المملكة، العامل الوافد الذي يعمل لدى منشأة يملكها مستثمر أجنبي من القيام بنقل خدماته أو المغادرة النهائية دون الحاجة إلى الحصول على موافقة من صاحب العمل وذلك في حال مغادرة المستثمر الأجنبي للمملكة وعدم وجود وكيل شرعي أو مفوض لإدارة المنشأة. وسمحت أيضاً بتغيير مهن العمالة الوافدة إلى أي مهنة ما عدا المهن المقصورة على السعوديين حسب حاجة صاحب العمل وذلك وفقاً للمؤهلات التي يحملها والضوابط المنظمة لذلك.

جدير بالذكر أن الحملات التفتيشية ستبدأ بعد انتهاء المهلة المحددة بالنظام والتي هي بحدود 90 يوماً وسيتم بعدها تطبيق النظام الجديد على المخالفين من أصحاب العمل والعمالة الوافدة فور انتهاء فترة تلك المهلة.

وبغرض تمكين المنشآت من الاستفادة من تلك التسهيلات وتصحيح أوضاع العمالة المخالفة لديها بالسرعة الممكنة، سخرت وزارة العمل جميع الإمكانات والتسهيلات اللازمة لذلك، والتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، إمكانية نقل الخدمة، وتغيير المهنة وإلى غير ذلك من خلال استخدام القنوات الإلكترونية التابعة للوزارة والمخصصة لتلك الأغراض.

خلاصة القول، إن الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الدولة أخيراً لتصحيح أوضاع العمالة المخالفة لأنظمة العمل والإقامة في المملكة، قد أتت أكلها وثمارها وتحققت عنها الأهداف المنشودة، والتي من بينها على سبيل المثال الاستغناء عن العمالة غير النظامية والمخالفة لأنظمة الإقامة في المملكة، والتي كانت تشكل في الماضي عبئا ثقيلا جداً وغير مبرر على اقتصاد المملكة. ومن بين الأهداف التي تحققت أيضاً مؤازرة ومساندة البرامج والمبادرات العديدة التي اتخذتها وزارة العمل للرفع من نسب التوطين والسعودة في مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية بما في ذلك معالجة الاختلالات الهيكلية في سوق العمل.

دون أدنى شك، الجهود والمبادرات التي بذلتها وزارة العمل في مجال التوطين والسعودة محل تقدير الجميع، ولكن ستظل قدرتها على القضاء على ظاهرة العمالة المخالفة لأنظمة العمل والإقامة في البلاد وتنظيم سوق العمل في السعودية، أمراً مرهوناً بمدى استمراريتها بالوتيرة نفسها ومستوى الزخم والطموح التي بدأت به، وعدم التراجع أو التراخي تحت أي ظروف.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك