مفعول الواسطة .. أتعرف أحدا؟بقلم بدور بنت عبد الرحمن أبوعمه

الاقتصاد الآن

2608 مشاهدات 0



كثر الحديث في الأسابيع الماضية عن الواسطة بعد انتشار فيديو اليوتيوب للشيخ الدكتور سلمان العودة، الذي ناقش فيه قضية الواسطة بشكل جريء، لوحظ على أثرها من خلال ردود الأفعال والتعليقات والتغريدات، انتشار هذه الظاهرة في عديد من البلدان العربية والإسلامية. ويبدو لي أن فتح مثل هذه الموضوعات يعد أمرا صحيا للتعرف على الأسباب وفهم طبيعة المشكلة وإصلاح نقاط الخلل.

يسوء المراقبين لهذه الظاهرة اقتناع البعض باستحالة حصول أي شخص على خدمة ما دون أن يعرف أحدا يوفرها له، وأن من أسباب انتشار هذه المشكلة بهذا الحجم الكبير وكأنها الممارسة السائدة في كل مكان هو مجاهرة الكثير بواسطتهم والتفاخر بتحقيق مطالبهم بهذه الطريقة. كما يرى البعض أن أحد أسباب انتشار ظاهرة الواسطة هو تحولها لعادة اجتماعية يعُد الكثير نقصها في إحدى الجهات الحكومية أو الخاصة من الغرائب التي يجب دراستها أو التشكيك في مصداقيتها. ويرجع آخرون أسباب تفشي هذه الظاهرة، تقاعس الموظفين في بعض الدوائر عن خدمة المراجعين وعدم الالتزام بأوقات الدوام الرسمية، الأمر الذي يجعل البعض يبدؤون البحث عن شخص يعرفونه في المكان لإكمال أعمالهم بطريقة نظامية قبل الذهاب والمحاولة، لعلمهم المسبق لما قد يواجهونه من تعطيل لأعمالهم. كما يلجأ بعض مخالفي القوانين والأنظمة أحيانا لشخص يعرفونه لتمرير مخالفاتهم ولمساعدتهم في إنجاز أعمالهم بطرق غير مشروعة بسبب انعدام الأمانة والحس بالمسؤولية لدى كثير من هؤلاء المتوسطين. كما يبدو للمتابعين أن من الأسباب الأساسية لتفشي هذه الظاهرة، انعدام المساواة في تطبيق الأنظمة والقوانين، واستغلال المناصب والإجراءات المتاحة لبعض الموظفين للمجاملة ولتبادل المصالح.

من الآثار السلبية للواسطة، التغاضي عن الأهلية في اختيار الموظفين وتولية المناصب، وتعطيل الأعمال، وتوليد الخلافات والتشابك بين الموظفين، وزيادة أكبر في نسبة المحسوبية. كما قد يعمل البعض بتغطية نقاط ضعفهم وجهلهم بمبادئ العمل في مناصبهم باستبعاد الموظفين ذوي الكفاءة أو استغلالهم. وربما يتولى بالاعتماد على الواسطة رئيس قسم أو مدير أقل أهلية من موظفيه، مما قد يؤدي إلى إيجاد بيئة عمل غير صحية تتسم بقلة الإنتاجية.

يبدو أن سكوت كثير من الإدارات وتغاضيها عن التجاوزات هو من أسباب استمرار هذه الظاهرة، حيث إن المتابعة المستمرة والتفتيش المفاجئ وفرض عقوبات على الموظفين المتقاعسين والمتجاوزين، قد يكون من الأسباب الرادعة لهم، كما أن تكاتف المؤسسات والتزامها بالعدل والشفافية واستخدام أنظمة واضحة في التعيين والتقييم والمفاضلة بين الناس بشكل جلي للجميع من الأمور المهمة. وختاما، الواسطة في الغالب هي أحد مؤشرات الفساد، يجب محاربتها بالاعتماد على الشفافية وتحقيق العدالة الاجتماعية. ولو كانت هذه الظاهرة في الغرب كما هي في الشرق والدول النامية، لأصبحت من أبرز مقومات الأخلاق المهنية لأي مؤسسة، وكانت مجالا للدراسة والبحث.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك