' أوبك ' بصحة جيدة ولكن!

الاقتصاد الآن

2211 مشاهدات 0


أنهى وزراء النفط لدول منظمة 'أوبك' اجتماعهم النصف سنوي في فينيا يوم  الجمعة الماضي بالاتفاق و بالإجماع علي إبقاء سقف الانتاج الحالي والبالغ 30 مليون برميل حتى ديسمبر من العام الحالي، واتفق الوزراء على ان معدل  السعر الحالي والبالغ حوالي 100 دولار  مقبول للجميع، ومنذ أكثر من عامين ونصف، ولم يجد وزراء النفط أي داع لتغيير أي شيئ في الوقت، حيث ان أسواق النفط مستقرة والمعدل السعري مازال مناسبا تحت الظروف الاقتصادية الصعبة لمعظم دول العالم والنشاط الاقتصادي مادون المطلوب ومعدل النمو الاقتصادي العالمي مازال ضعيفا ومستوى النمو مادون المطلوب واقل من 2%. في حين ان الطلب العالمي  على النفط  مستقرا ولا خوف من أي انخفاض او ضعف في اسعار  النفط حتى نهاية العام الحالي .
كان اجتماعا قصيرا هادئا والكل خرج سعيدا مبتسما، لكن وراء الابتسامة كان هناك سؤلا على طرف لسان كل وزير للنفط، ماذا عن النفط الصخري؟ . الكل من دون استثناء تغاضى النظر والتفت يسارا مجتنبا الرد على هذا السؤال الفاضح الأليم . والنفط الصخري المنافس قادم . قادم . لكن وزراء المنظمة فضلوا تجاهل السؤال لحين آخر، لتركه لمؤتمرات أخرى قادمة مع أن هذه الابتسامات لن تظل طويلا، لأن علينا نحن الدول النفطية مواجهة الحقيقة المرة وستتعرض أوبك لكبوة  قادمة، ومع أن المنظمة حتى الآن لم تنظر أو تبت في هذا الموضوع المصيري، الا ان وزرائها يتهامسون في أورقة المنظمة  حول كيفية مواجهة هذا الخطر الحقيقي الداهم. ويختلف الوزراء في تقييمهم للنفط الصخري، فهناك من يقول ان هذا ليس خطرا حقيقيا وسيساعد الأسواق النفطية والمنظمة في الحفاظ على استقرار الأسواق و الأسعار، الا ان الدول الأفريقية أصحاب النفط الخفيف يرون عكس ذلك وخاصة نيجيريا وانجولا، حيث يفكرون عن البحث عن أسواق جديدة في الشرق بالصين و الهند تحديدا، و ذلك بسبب ان كل انتاج النفط الصخري من النوع الخفيف والذي يؤثر مباشرة على الدول التي تصدر هذا النوع من النفط الى اسواق الولايات المتحدة الأمريكية .
في حين استوردت امريكا من المملكة العربية السعودية مايعادل 3 ر1 مليون برميل في اليوم العام الماضي وهو الأعلى منذ عام 2008 ، حيث صدرت كل من نيجيريا و انجولا تقريبا 550  الف برميل وهو الحد الأدنى منذ 25 عاما تقريبا، في حين مازالت كندا المصدرة الأكبر للنفط مابين 5 ر2 و  8 ر2  مليون برميل، وتمتلك المملكة العربية عدة مصافي في الولايات المتحدة تعتمد اعتمادا كليا على النفط الخام السعودي، مما يعني صعوبة احلال النفط الصخري ( الخفيف )  في هذه المصافي لسنوات قادمة طويلة، وترى الدول أصحاب النفط الخفيف أن عليها ايجاد أسواق أخرى لتحل محل أسواق أمريكا. مما يجعل استثمار السعودية والكويت وفنزويلا في الاستثمار في المصافي داخل الدول المستهلكة في آسيا و أوروبا وأمريكا استثمارا جيدا وضمانا آمنا لنفوطها على المدى الطويل .
من المتوقع أن يحدث صراعا داخل 'اوبك ' في السنوات القليلة القادمة بين أصحاب  النفط الخفيف والثقيل وبين الدول النفطية الغنية التي تمتلك فوائض مالية تستطيع ان تتعايش مع معدلات اقل لسعر النفط للنفط مقابل الدول الأخرى والتي تمتلك نسبة كبيرة من السكان ولاتستطيع ان تتعايش مع معدل  سعري مادون 95 دولار للبرميل حاليا ومستقبلا، ولا تستطيع أيضا مواجهة أي انخفاض حاد في اسعار النفط، هذا ان أرادت الدول النفطية مواجهة النفط الصخري مابين 70 الى 80 دولار .
وبدأت ايضا المنافسة للحصول على حصص أكبر من كل من نيجيريا وأنجولا في الأسواق الآسيوية، حيث حلت نجيريا مكان الولايات المتحدة الأمريكية في الهند وزادت في نفس الوقت صادراتها الى الصين في نفس الوقت، وقد ترى أن الدول الآسيوية ان الدول الأفريقية المصدرة للنفط أكثر آمنا لاستيراد نفوطها بدلا من المرور عبر الخليج العربي، ناسيين ومتناسيين أن التهديد سينتهي مع توقف أمريكا استيرادها النفط من الخليج العربي وفي اقل من 4 سنوات من الآن، ويجب أن نذكر   أنفسنا دائما طالما استطاعت أمريكا من تطور انتاج النفط الصخري بقية دول العالم ستفعل نفس الشيئ وهي عملية وقت لاغير.
في الوقت الحالي ستكون أسعار النفط مستقرة والأسعار لن تنخفض عن معدلاتها الحالية ولن تتأثر بأي مؤثرات خارجية سياسية او طبيعية، حيث الأسواق النفطية تكاد ان تكون مشبعة وان الفائض الاحتياطي من النفط الخام في تزايد ومن كل صوب، من العراق و من دول خارج أوبك مثل كندا والمكسيك والبرازيل، اضافة الى الزيادة اليومية من انتاج النفط الصخري .
اجتماع أوبك يوم الجمعة كان هادئا وصحيا ومن دون مسكنات لأن لم يتم بعد وضع النفط الصخري على جدول أعمالها للنقاش، لكن هذا لن يدوم، حيث الموضوع سيتصدر جدول أعمالها، وعند ذلك سيبدأ الصداع ووجع الرأس وقد تتدهور صحة المنظمة في سنوات قليلة قادمة، ويجب أن نكون  جميعا مستعدين لذلك اليوم .

كامل عبدالله الحرمي  
 كاتب ومحلل نفطي مستقل

 

الآن: كامل عبدالله الحرمي-كاتب ومحلل نفطي مستقل

تعليقات

اكتب تعليقك