التفريط بالمسجد الأقصى كما يراه عادل المزعل جريمة لا تغتفر

زاوية الكتاب

كتب 779 مشاهدات 0


الوطن

الإسراء والمعراج

عادل نايف المزعل

 

تمر هذه الايام ذكرى الاسراء والمعراج وحال المسلمين حال فرقة وشتات كل يسير على هواه ممن لم يكن الاسلام صلبا في قلوبهم، تروي كتب السنة النبوية الشريفة ان النبي عليه الصلاة والسلام قد اسري به من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى ببيت المقدس حيث ركب دابة سريعة العدو يقال لها البراق ثم عرج به الى السماوات العلى حيث رأى ما رأى من آيات الله الكبرى وبلغ سدرة المنتهى وقد تحدث القرآن الكريم عن الاسراء والمعراج فقال تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير) (وما جعلنا الرؤيا التي اريناك الا فتنة للناس) ان معجزة الاسراء والمعراج ان دلت على شيء فانما تدل على تكريم الله تبارك وتعالى للرسول صلى الله عليه وسلم ولمنزلته عند الله جلت قدرته وعزت عظمته وعنايته برسوله وهي حفاوة ما بعدها حفاوة وقد سجل هذا التكريم في القرآن الكريم حتى تبقى هذه المآثر لا تندثر ولا تزول ذكراها ولا يضعف تأثيرها بتعبد الناس بتلاوتها حتى يقوم الناس لرب العالمين، لقد اجتمع الانبياء عليهم السلام برسلونا محمد عليه الصلاة والسلام في بيت المقدس واستقبلوه بحفاوة وتكريم ويأتمون به في بيت المقدس حيث فرحت الملائكة بمقدمه عليه الصلاة والسلام وفرحت ببعثة وصلت معه وحيّته وقد صلى الرسول عليه الصلاة والسلام بالانبياء اماماً مما يدل على انهم عليهم الصلاة والسلام قد رضوا به قائدا ورائدا واماما وان دين الاسلام قد نسخ جميع الديانات السابقة، وقد جاءت معجزة الاسراء والمعراج مكافأة لرسولنا عليه الصلاة والسلام وتكريما له على جهاده وصبره ومصابرته في مواجهة عدو حاقد قد صبر على موروث من عادات جاهلية وواجه موجات من التحدي هي مرحلة الفتنة والاذى والتعذيب اذ صب المشركون عليه وعلى من آمن معه جام غضبهم واعتدوا عليهم من ذلك ما قام به عقبة بن ابي معيط مع رسول الله وهو يصلي في ظل الكعبة حيث لف الرداء على عنقه عليه الصلاة والسلام وشده حتى كاد يخنقه لولا ان الله يسر ابا بكر رضي الله عنه ليرفع عنه ذلك الشقي وهو يقول اتقتلون رجلا يقول ربي الله، وقبل الاسراء مات عمه ابوطالب الذي كان يدافع عنه فطمع فيه اعداؤه وازدادوا ايذاء له وماتت زوجته خديجة رضي الله عنها التي آمنت به حين كفر به الناس وصدقته حين كذبه الناس وواسته بمالها حين حرمه الناس فكانت خير عون له على تحمل تبعات الدعوة تؤيده وتسرِّي عنه كل ما يلاقيه من الألم والمتاعب لقد صبر رسولنا صلى الله عليه وسلم على هذه الابتلاءات فكوفئ بهذا التكريم وهذه المعجزة وهي معجزة الاسراء والمعراج وهذه الرحلة لتسري عنه بعض ما اصابه من الألم وكانت في الوقت نفسه شحنة قوية تدفعه للسير الى نهاية الطرق والمستقبل الزاهر الذي ينتظره، والقارئ للآيات القرآنية الكريمة والاحاديث النبوية الشريفة التي تحدثت عن الاسراء والمعراج قد حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في يقظته وبروحه وبجسده ويدل ذلك على عدة امور منها ان الله عز وجل بدأ الحديث عن الاسراء والمعراج مطلع سورة الاسراء بقوله تعالى: (سبحان الذي اسرى بعبده) والعرب حين تتعجب من شيء «تندهش لوقوعه او منه» تقول (سبحان الله) وحين تبدأ السورة بالتسبيح تدل على ان هناك امرا متعجبا منه جاء مباشرة بعد التعجب وهو الاسراء برسولنا عليه الصلاة والسلام وعروجه جسما وروحا وهذا الذي يتعجب منه، اما الرؤيا في المنام فلا يتعجب منها اصلا ولقد جاء في الآية الكريمة التعبير عن الاسراء والمعراج بقوله سبحانه: (سبحان الذي اسرى بعبده) كلمة عبد كما هو معروف تطلق على الانسان روحا وجسما ولا تطلق على الروح وحدها فقال سبحانه وتعالى (وما جعلنا الرؤيا التي اريناك الا فتنة للناس) ولو كانت بالروح لما وقف المشركون يكذبونها ولو كان الاسراء والمعراج بالروح فقط اي في المنام لما كانت معجزة اذن ان الانسان العادي في منامه قد يرى اشياء لا يراها في اليقظة وقد تصدر تصرفات لا يقدر عليها في اليقظة كالطيران في الهواء والمشي على الماء وقوله تعالى (ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من ايات ربه الكبرى).
فالآيات صراحة على ان المعراج كان رؤية عين وليس مناما وان صلاة النبي عليه الصلاة والسلام اماما في المسجد الاقصى وصلاته مع الملائكة تدل على ان الحادثة حصلت يقظة بالروح والجسد ولقد صرحت الاحاديث الصحيحة ان الرسول عليه الصلاة والسلام قد ركب دابة يقال لها البراق والانسان بجسمه وروحه يركب الدابة فهل يقال للروح تركب البراق وهل يصح نسبة الركوب الى الروح اما الرؤيا فتأتي في اللغة بمعنى ما يراه الانسان في نومه وتأتي ايضا بمعنى ما يراه الانسان في يقظته وبهذا المعنى شاهد في اللغة وهو قول الشاعر:
وكبر للرؤيا وهش فؤاده
وبشر قلباً كان جما بلابل

والرؤيا بمعنى ما يراه الانسان في يقظته هو ما يحدث وحدث لرسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ليلة الاسراء والمعراج، والمسلمون الآن يتطلب منهم ان يدركوا مسؤولياتهم تجاه المسجد الاقصى وان يفدوه بدمائهم واموالهم والغالي والنفيس وان التفريط بالمسجد الاقصى هو جريمة كبيرة لا تغتفر فالاقصى ينادي بصوت حزين ايها المسلمون هبوا تعالوا واسرعوا جميعا لنجدتي وتخليصي من ايدي الصهاينة الكفرة، ونسأل الله سبحانه وتعالى رب العرش العظيم ان يجعل هذه الذكرى العظيمة باعثة رشد ومنار هدى وطريق العزة للمسلمين وان يرحم شهداءنا وشهداء المسلمين وان يحفظ بلدي الكويت واميرها وشعبها من كل مكروه اللهم امين.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك