لماذا نطالب بالحرية؟.. سؤال تطرحه وتجيب عنه فاطمة الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 1205 مشاهدات 0


الأنباء

يسألون عن  /  الحرية

د. فاطمة الشايجي

 

باسم الحرية يولد لدينا إيمان بأن وجودنا له كيان خاص لا يتحقق إلا بتحقيق رغباتنا الخاصة، فأصبحنا نطالب بما نراه حقا لنا بغضب، واتخذنا من العنف والقوة أساسا لكسر أي قيد، واعتقدنا أن ما نريده هو الحق، ورفضنا تحمل مسؤولية أفعالنا بقول أنا حر، وخلط الناس بين أشكال الحريات، ولم تعد هناك رؤية تجمع بين الخاص والعام.

لقد اتفق العالم على أشكال الحرية، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان اوضح أن الحرية حق من حقوق الإنسان، وحدد الحريات، وهي حرية الديانة والضمير والتنقل والتفكير والرأي والتعبير والاشتراك بالجمعيات السياسية والتصويت وحرية العمل، ولكن العالم لم يتفق على كيفية الحصول على هذه الحريات وكيفية ممارستها على أرض الواقع، وذلك لأن هناك إيمانا بأن لكل مجتمع ظروفه الخاصة، لذلك نجد أن ممارسة الحرية تخضع لقيود خاصة يقررها قانون المجتمع الذي يعيش فيه كل إنسان.

اعتقد أن الفهم الخاطئ للحرية باعتبارها هبة شخصية منحها الخالق للإنسان أدى إلى رفض فكرة أن الحرية هبة منحها الخالق للجميع. كما أدى إلى تحديد غاية مغايرة لغايتها الأساسية، فهناك من يعتقد أن بممارسة الحرية نحن نمارس الديموقراطية لكن الديموقراطية لا تقف عند حد الحرية فقط، بل هناك المساواة والعدل، وقد تكون ممارساتنا الخاطئة للحرية تؤدي إلى انعدام المساواة والعدل. لذا إذا أردنا تحديد ماهية الحرية، يجب علينا أن نعرف غايتها الأساسية وأشكالها لكي نعرف كيف يمكن لنا أن نمارسها.

لماذا نطالب بالحرية؟ ولماذا نطالب بحقوقنا باسم الحرية؟ إن غاية الحرية هي الاستقرار النفسي، والاجتماعي، فنحن نطالب بالحرية حتى نستطيع أن نطالب بحقوقنا الضائعة، ولتحقيق ذلك نحتاج إلى تفاعل من المجتمع لما نقوم به باسم الحرية. وإذا فقد الإنسان تفاعل مجتمعه فسيظل يعيش في صراع نفسي وفكري ومجتمعي وقد يقترف بعض الحماقات باسم الحرية.

تحقق الحرية غايتها عندما يعي الإنسان مفاهيم كثيرة منها أن الاختلاف أمر طبيعي ويجب التعايش معه، وأن احترام الآخر واجب، فكما هو حق له فهو أيضا واجب عليه، وأن المواجهة تقابلها المسؤولية، وأن لغة الحوار يجب أن تكون منطقية ومقنعة لتحقق غاية الحرية وليس لإثارة النفوس وشحنها.

فلكي تكون حرا، يجب عليك أن تجعل المجتمع يؤيد ما تريد، لذلك يجب أن تلتزم الأدب والاحترام ليتقبل المجتمع فكرك فتجعله يغير من قيوده بلطف وليس بعنف، ويجب أن تعلم أن التغيير يحدث تدريجيا وليس جذريا، ولكي يتفاعل معك المجتمع يجب عليك عدم استخدام أسلوب الفرض والقوة بل الإقناع، فالحرية ليست فردية وإنما هي اجتماعية وتحتاج إلى تفاعل إيجابي، وهي ليست انتقاء لأفكار أو أفراد وإنما هي اتفاق بين الأفراد. إن الانسجام والتناغم بين الأفراد يساعد على تحرير طاقات وقدرات الفرد ويدفعه إلى الإنتاج أكثر لمجتمعه.

الحرية هي فعل فيه إنشاء وليس فعل ما تشاء وهو الأمر الذي يجعلنا نعرض لأشكال الحرية لنعلم ما الأسس التي تقوم عليها الأفعال باسم الحرية وكيف يمكن لنا ممارستها؟.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك