عن سقوط عرش الإخوان في مصر.. يكتب النيباري
زاوية الكتابكتب يوليو 4, 2013, 1:03 ص 2088 مشاهدات 0
القبس
سقوط عرش الإخوان في مصر
عبد الله النيباري
لا أدري ما إذا كان هذا المقال سيصل إلى القارئ قبل إعلان سقوط نظام مرسي والاخوان أم بعد ذلك، لكن من المؤكد انه بعد إعلان الجيش فإن المسألة أصبحت محصورة في موعد إعلان الوفاة.
استجابة لدعوة «تمرد»، التي أطلقها شباب الثورة في مصر بعد جمع ما يفوق 22 مليون استمارة، مطالبة بتنحي مرسي وإجراء انتخابات مبكرة، لم تبق قرية أو مدينة أو محافظة لم تنهض فيها جماهير الشعب ملبية النداء، مطالبة «ارحل يا مرسي»، وامتلأت الميادين بالتجمعات وليس في «التحرير» في القاهرة فقط، ولكن في كل المحافظات من الشمال في دلتا مصر إلى أقصى الجنوب في الأقصر وأسيوط والمنيا.
يقول مراسل الـ «بي بي سي» البريطانية «ان ميدان التحرير امتلأ قبل الساعة الخامسة من يوم الأحد موعد التجمع حتى لم يعد يتسع للمزيد».
وهكذا كانت الميادين الأخرى في الاتحادية وفي الاسكندرية وبورسعيد والمحلة، حتى أصبح هناك ما لا يقل عن عشرة ميادين تدفق إليها ملايين المواطنين، التي تفاوتت تقديراتها بين 14 مليوناً و17 مليوناً، وقد وصفت بأنها تجمعات فاقت التوقعات، بل فاقت الخيال، ووصفت أيضا بأنها أضخم حركة احتجاج في تاريخ مصر، بل في تاريخ الشرق الأوسط، وربما في تاريخ البشرية، بحيث يصعب استدعاء الذاكرة لاستحضار تظاهرات مشابهة.
صفعة ساخنة
هذه التظاهرات التي استوعبت الغالبية العظمى للشعب المصري كانت صفعة ساخنة لـ «جماعة الاخوان»، الذين اصابهم الذهول فأطلقوا العنان لخيالهم المريض باتهام كل هذه الملايين، بانهم فلول النظام السابق وبلطجية وثورة مضادة، ولم يجد رئيسهم مرسي في آخر خطاباته إلا مهاجمة أفراد، واستنكر المراقبون والإعلاميون هذا السلوك من رئيس جمهورية في أشد الأوضاع التي تواجهها مصر حرجاً، وفي ظرف يتطلب منه اتخاذ موقف لرأب صدع الانقسام والاستقطاب، الذي تعيشه مصر، ويخشى معه أن تصل الأمور إلى احتراب أهلي، إلا أن الرئيس مرسي بدلا من خطاب للوفاق، تحدث بما يزيد فجوة الانقسام - لدرجة ان المصريين علقوا بالقول: ان خطاب مرسي عزز عزم المصريين على المشاركة في الاحتجاج، وقالوا «بطرافتهم المعهودة»: «ان مرسي يعمل من تحت الطاولة لمصلحة حركة تمرد».
شتم
ولم يقتصر إطلاق الاتهامات وشتم المخالفين للاخوان في مصر، بل شارك فيه جميع فروعهم خارج مصر.
وهكذا فعل قياديوهم في الكويت، مكررين الاسطوانة المشروخة نفسها والأفكار المريضة.
كتب مبارك الدويله في القبس الأحد 2013/6/30، مقالاً بعنوان «نهاية جبهة الخراب»، هاجم فيه التيارات الليبرالية والعلمانية والقومية المناهضة للاسلام، والتي ستظهر على حقيقتها يوم 30/6، وستعلن كفرها بالعمل السياسي والممارسة الديمقراطية، وأن لا صحة لاتهامها الاخوان والتيارات الدينية بالتسلط والتفرد بالرأي وكبت الآخر، ولم يقصر السيد الدويله هجومه على المعارضة في مصر، بل وسعه ليشمل كل المعارضين لهيمنة الاخوان في العالم العربي عندما قال: «الغريب ان ملة الكفر واحدة! فها هي التيارات الليبرالية والقومية في بقية العالم العربي تؤيد ما يمارسه إخوانهم في مصر من رفض لنتائج العملية الانتخابية، بل تؤيد الممارسات اللا أخلاقية والخارجة عن القانون بكل وقاحة.. لأنهم وخاصة مفكريهم وكتابهم ومؤيديهم لم يقبلوا الانصياع لنتائج صندوق الانتخاب، وأعلنوا منذ اليوم الأول أن مرسي والإخوان لا يصلحون للحكم! وأن غلمانهم كانوا أشد منهم في مصر في ممارسة رفض الآخر حتى طلب كبيرهم هنا بقتل الإخوان وسحقهم». هذا ما جاء في مقالة الدويلة حرفياً.
مخطط فساد
ويمضي الدويله يتوعد المعارضين للإخوان بأن يوم 6/30 سيكون يوم نهاية مخطط الفساد وسقوط جبهة الخراب، ويضيف بإذن الله.
يا له من كلام راق في الديموقراطية واحترام الآخر، وآية في الخلق الرفيع، وما جاء فيه من بذاءات لابد أنها لم تكن مقصودة أو فلتة لسان أو شحطة قلم، لا ينبغي محاسبته عليها، بل الترفع عنها، هكذا فان من يعارض الإخوان هم كفار يناهضون الاسلام الذي يمثله الاخوان وحلفاؤهم من التيارات الدينية. ومن يخالفهم أو يعترض على هيمنتهم هم وقحون ولا أخلاقيون وهم ليسوا أكثر من غلمان.
الحقيقة أن هذا الكلام إن فعل شيئا، فهو قد كشف وعرى طريقة التفكير الإخواني، وهو «ستربتيز» سياسي لا أخلاقي يظهر الإخوان على حقيقتهم.
فلول
القوى المضادة للإخوان في مصر ليست فلولاً ولا ثورة مضادة، بل هم الشباب الذين فجروا ثورة 25 يناير، التي التحق بها الإخوان بشكل رمزي بعد بزوغ بشائر نجاحها وتظاهرات 6/30، التي دعت اليها «تمرد»، هي ثورة تصحيحية لاستعادة الثورة التي سرقها الإخوان.
واتساع الحركة الاحتجاجية هي حصاد سوء ممارسة الإخوان سياسياً وفشلهم في إدارة شؤون مصر، التي أصبحت تعاني أزمة اقتصادية وصلت لكل بيت.
يدعي الاخوان أنهم يحكمون بشرعية نتائج صندوق الانتخاب، متناسين أن مرسي لم يحصل إلا على 5 ملايين صوت في المرحلة الأولى، وهي تشكل 10 في المائة من إجمالي الناخبين، وهي حجم الإخوان الحقيقي.
ليبرالي
وما أوصله إلى النجاح في المرحلة الثانية، هو أصوات الليبراليين والقوميين بمن فيهم جزء كبير من مؤيدي حمدين صباحي البالغين 4.8 ملايين صوت. هذه الأصوات ذهبت لمرسي لا حباً فيه، ولكن ضد منافسه أحمد شفيق. ولو كان منافسه في المرحلة الثانية حمدين صباحي أو أبو الفتوح أو عمرو موسى لما نجح.
هيمنة
ان هيمنة الإخوان واستحواذهم على السلطة قد امتدا إلى الاقتصاد وأنتجا أزمة اقتصادية، وصلت إلى شح القوت للعائلات الفقيرة بارتفاع اسعار الخبز والمواد الغذائية وسوء الادارة الاقتصادية،مما أدى إلى تفاقم العجز في الميزانية، الذي ارتفع إلى ما يفوق 200 مليار جنيه وانخفضت احتياطيات النقد الأجنبي من 36 مليار دولار إلى 13 مليار دولار، وتراجعت قيمة الجنيه المصري من 6 جنيهات للدولار إلى 8 جنيهات للدولار.
هذه الأوضاع هي الدافع لضخامة حركة الاحتجاج، التي فاقت بملايينها السبعة عشر سقف التوقعات، مما أدى بالجيش الى إصدار بيانه بالانحياز إلى حركة الشعب بعد أن سمع صوته بأقصى درجة من الاحترام والاهتمام.
وبات من المحتم أن يتلقى الشعب رداً على حركته. وبذلك أصبح المشهد الحالي حسب تقدير الخبراء المصريين، هو أن الجيش بعد انضمام الشرطة معه يقف مع 75 في المائة من الشعب في مواجهة 25 في المائة من جماعة الاخوان وحلفائهم.
أمام هذه المعطيات، فإن نظام حكم الاخوان ورئيسهم مرسي أصبح في عداد انتهاء الصلاحية، ولم يبق إلا قراءة الفاتحة، ربما قبل أن يصل هذا المقال إلى القراء.
تعليقات