كوريا الجنوبية تحقق ثباتاً في نموها
الاقتصاد الآنتقرير: لم تتأثر بتراجع الاقتصاد العالمي
نوفمبر 3, 2013, 1:32 م 591 مشاهدات 0
واصلت الاقتصادات الناشئة حول العالم تباطؤها مع استمرار التراجع الذي يشهده التبادل التجاري العالمي. وقد سبب ذلك انخفاض في حجم الطلب العالمي الذي نتج عنه انخفاضاً في النشاط الصناعي ونشاط التصدير، مما جعل الاقتصادات تنمو بمعدلات منخفضة. وكان هذا حال كوريا الجنوبية التي يستمر ناتجها المحلي الإجمالي بالتراجع منذ أكثر من ثلاث سنوات. وبما أن الصادرات تعادل أكثر من نصف حجم الاقتصاد الكوري، فإن التراجع التدريجي للإقتصاد العالمي منذ الأزمة المالية تسبب على صعيد كوريا الجنوبية بتراجع أدائها الاقتصادي. وفقدت الصناعة الكورية دورها الأساسي في الاقتصاد، كما تأثرت الخدمات المتعلقة بقطاع الصادرات بشكل سلبي.
ولكن خلال الربع الثالث من عام 2013، بيّنت كوريا الجنوبية أنها تستطيع المحافظة على معدل نمو منتظم، بالرغم من ضعف الصادرات.
فيما انخفض معدل نمو الصادرات إلى النصف خلال الربع الثالث من العام ليبلغ معدل 2.8% بعد أن كان يبلغ 5.7% في الربع السابق على أساس سنوي، نجحت كوريا الجنوبية برفع معدل إجمالي نموها، حيث ارتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي من 2.3% إلى 3.3% خلال الفصل على أساس سنوي، وهو أسرع ارتفاع سنوي منذ نهاية عام 2011. ويعود السبب الأساسي وراء ذلك إلى مرونة القطاع المحلي.
كان الاستهلاك الفردي في كوريا قوياً على مدى العام الأخير واستمر بنفس الأداء في الربع الثالث حيث بلغ معدل 2.1% على أساس سنوي بعد أن كان يبلغ 1.8% في الربع الثاني. ويعادل الاستهلاك الفردي أيضاً نصف حجم الاقتصاد الكوري، لذا يترك أي تغيير صغير في طلب المستهلكين أثراً كبيراً على الاقتصاد إجمالاً. وكانت الاستثمارات المحلية قوية كذلك، حيث ارتفعت من 0.3% إلى 5.8% على أساس سنوي. إجمالاً، وبالرغم من تباطؤ الصادرات، كان الاقتصاد المحلي متيناً بما يكفي ليحفز نمو الناتج المحلي الإجمالي، ويرجع هذا بشكل جزئي إلى المحفزات المالية لهذا العام. فقد كشفت الحكومة الكورية في وقت سابق من هذا العام عن حزمة تحفيزية تبلغ 17.3 تريليون وون، أي ما يعادل 15.4 مليار دولار، تهدف إلى خلق فرص وظيفية وتحفيز الاستهلاك. وقد ساهم وعي الحكومة بتراجع النمو، وميزانيتها الصحية بمساعدتها على تنمية الاقتصاد للربع الثاني على التوالي.
الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي يمكّننا من قياس الناتج الاقتصادي أو حجم الاقتصاد - معدّل بالنسبة للتضخم أو الانكماش. فهو مجموع القيم المعّدلة لكافة السلع والخدمات النهائية التي تنتجها دولة أو منطقة ما خلال فترة زمنية محددة. وتعتمد هذه القيم على كميات (حجم) وأسعار السلع المنتجة. الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مقياس يجعل الأسعار ثابتة من خلال اعتماده على قيمة عام معين الذي يكون عام الأساس لجميع السلع والخدمات. ومن ثم، يتم استخدام هذه القيم لقياس الناتج المحلي الإجمالي للأعوام التي سبقت عام الأساس والأعوام التي تليه. كما يمكن قياس الناتج المحلي الإجمالي بعدة طرق، ويتبع البنك المركزي في كوريا الجنوبية طريقة حساب الناتج المحلي الإجمالي للقطاعات، وطريقة حساب الناتج المحلي الإجمالي على حسب الإنفاق، حيث مصادر الإنفاق الأربعة هي: الاستهلاك الفردي، والإنفاق الحكومي، والاستثمار، والصادرات والواردات. وتلعب الصادرات والاستهلاك الفردي دوراً مهماً في نمو الاقتصاد الكوري.
ويعود الفضل في ثبات معدل النمو الكوري بشكل أساسي إلى المحفزات الحكومية. ولكن في الفترة الأخيرة كانت عوائد الدولة من الضرائب أقل من المتوقع بسبب انخفاض النشاط الاقتصادي. ويقلل هذا من احتمالية زيادة الإنفاق العام في المدى القريب، وخصوصاً مع كون أحد الأهداف الأساسية للرئيسة بارك كون هيه تحقيق موازنة عادلة خلال فترة حكمها التي تنتهي في عام 2018. وبما أنه من غير المحتمل أن يرتفع الإنفاق العام بشكل كبير، ومع التوقعات التي تشير إلى بقاء الصادرات ضعيفة مع ضعف الاقتصاد العالمي الذي لا يُظهر علامات للتعافي، يتوجب على كوريا الجنوبية أن تعتمد على قطاعها الخاص المحلي لدفع الاقتصاد.
وقد ظلت السياسة النقدية على حالها دون تغيير خلال معظم الوقت من هذا العام، ويبلغ سعر الفائدة الأساسي حالياً 2.5%، وهو المعدل الذي ظل ثابتاً عليه لأكثر من خمسة أشهر الآن. ومع ثبات التضخم على مستويات منخفضة جداً، قد يعني هذا أنه آن الأوان ليقدم البنك المركزي الكوري المساعدة للاقتصاد إذا ما فقد الاقتصاد زخمه. إلا أن البيانات الشهرية تشير إلى عدم حاجة الاقتصاد إلى محفزات حتى الآن. فقد نتج الانخفاض البالغ 3.6% في الناتج الصناعي على أساس سنوي في سبتمبر، بعد أن حقق نمواً بمعدل 3.2% في أغسطس، بسبب عوامل موسمية وانخفاض مؤقت في إنتاج السيارات من بعد إضرابٍ للعمال. وقد ارتفعت ثقة المستهلكين من 102 إلى 106، وهو أعلى مستوى لها منذ مايو 2012، فيما يخطط المستهلكون لزيادة الإنفاق في الشهور الستة القادمة. ولهذا تجد كوريا الجنوبية أنها بوضع جيد، مع التوقعات الاقتصادية الإيجابية وتوافر المحفزات النقدية. وهذا ينعكس بالتالي على أكبر الشركاء التجاريين لكوريا الجنوبية، دول مجلس التعاون الخليجي.
تعليقات