الـ'دي جي' الإسلامي كما تراه سعاد المعجل فهم خاطئ للدين

زاوية الكتاب

كتب 595 مشاهدات 0


القبس

'دي جي' إسلامي

سعاد فهد المعجل

 

• هناك متخصِّصون يُزيلون الحرام من الموسيقى، فتصبح حلالاً! و«المَحْرَم» يبعد مئات الأميال!

كنت أتمنى لو أنني سمعت تصريحاً أو تعليقاً واحداً لمسؤول في الجامعة حول ما حدث في كلية العلوم الاجتماعية!

تفاصيل ما حدث أوردتها بعض الصحف كالآتي: أقامت جمعية العلوم الاجتماعية فعالية ضمن فعاليات الأسبوع الإنساني الذي تنظمه الكلية، وقد تضمنت الفعالية أداء غنائياً، إلا أن المفاجأة حدثت حين قام بعض أعضاء الجمعية بوقف الفعالية، وذلك بسبب استخدام بعض الآلات الموسيقية، كالأورغ وغيره، وقد كان تبرير الجمعية انها تنبثق من القائمة الائتلافية التي تقود الجامعة، وتمثل تيار الإسلام السياسي!

اما الحادثة الثانية، وفي الكلية نفسها، فقد جاءت في إعلان النادي السياسي التابع للاتحاد الوطني لطلبة الجامعة عن امتناعه تسجيل بعض الطالبات في رحلة ثقافية الى البرلمان والاتحاد الأوروبي في بلجيكا، بحجة أنه ليس برفقتهم «محرم»!

لن أتناول هنا حكم الموسيقى في الإسلام، فهذا موضوع أُشبع بحثاً ونقاشاً، لكنني أود ان أتطرق الى أساليب التحايل المضحكة بهذا الصدد! احدى الصديقات اللاتي يحرمن الموسيقى والمعازف - على حد تعبيرها - دعتني إلى حفلة عقد قران ابنتها، وهناك اصابتني الدهشة، حيث كان الطرب والرقص مشتعلين، سألتها عن مسألة تحريمها للموسيقى وعما اذا كانت قد غيّرت رأيها في ذلك، فكانت الإجابة صاعقة، وبأنها لا تزال ترى في المعازف حراماً بيِّناً وان ما أسمعه الآن في الحفلة هو «دي جي إسلامي»! سألتها عن طبيعة هذا الــ «دي جي الإسلامي» فأجابت بان الأغاني التي أسمعها تمت معالجتها بواسطة الكمبيوتر على يد شخص متخصص لإلغاء الأورغ وما شابهه من الموسيقى، وبذلك تصبح حلالاً! المضحك والمثير ان الموسيقى لم تتأثر إطلاقاً بهذا التدخل الإلكتروني، وبحيث كان الطرب والاندماج في ذلك الحفل على أوجه!

النموذج الثاني من التحايل كان من نصيب «المحرم»، وهو تجربة أخرى لسيدة أعرفها، اضطرت إلى السفر إلى لندن بمفردها، ومن دون «المحرم» الذي ترى فيه حكماً شرعياً لا جدال فيه. سألتها هي الأخرى عن حكم سفرها من دون محرم هذه المرة.. فأجابت بأن ابن اختها يدرس في بريطانيا، وبالتالي فهو يعتبر محرماً متواجداً معها في البقعة الجغرافية نفسها، علماً بان هذه السيدة قضت أسبوعين في لندن، بينما ابن أختها يدرس في ادنبره على بعد مئات الأميال، ولم تلتقيه طيلة فترة تواجدها!

كثيرة هي قصص التحايل المشابهة لما ذكرته هنا، وكلها تعكس فهماً خاطئاً وتعاملاً ساذجاً للدين وللعقيدة! مثل هذا التحايل نراه في بعض البنوك الإسلامية التي يقال إن فوائدها من القروض تعادل ضعف البنوك الأخرى، يساندها في ذلك جمهور من الشيوخ والمستشارين الشرعيين الذين ربما يكسبون أموالاً طائلة من الفتاوى التي يقدمونها لهذه البنوك.

ان قيم الإسلام الحقيقية تشترط الأمانة والنزاهة والصدق والزهد وثبات المبادئ، كلها انحرفت - وبكل أسف - بعد أن أصبح الدين غطاء شكلياً، جعل من جمعية طلابية في مؤسسة أكاديمية، تترك كل مشاكل التعليم من تدنٍّ في المستوى الى انتشار للغش في الامتحانات، وتراجع في المحتوى الأكاديمي، وتتشبث بتحريم «أورغ» وفرض «محرم» في عالم يسعى البشر فيه الى العيش في المريخ، وتخترق فيه التكنولوجيا أدق تفاصيل الحياة البشرية!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك