خالد مال الله يكتب عن 'سبيع العامرية'

زاوية الكتاب

بحث واسع عبر ((الآن)) عن القبيلة ونسبها وديارها

كتب 11249 مشاهدات 1

خالد مال الله الخالدي

قبيلة سبيع العامرية نسبها وديارها

كتبه: الأستاذ الباحث خالد مال الله الجبري الخالدي

يرجع نسب قبيلة سُبَيْع إلى بني عامر بن صعصعة بن معاوية بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. إذًا فهي قبيلة من قيس عيلان المضرية العدنانية.
 وما زالت قبيلة سبيع في ديار أسلافها القديمة بني عامر منتشرة في نجد وغيرها منذ العصر الجاهلي.
وقد أشاد الكثير من النسّابين والمؤرخين إلى نسب قبيلة سبيع العامرية نسبًا النجدية موطنًا، ويجب أن نشير إلى أن هناك الكثير من القبائل والبطون تحمل الاسم نفسه، وعلى إثر ذلك وقع في الخلط بعض الناقلين من كتب الأنساب وعدم تمييزهم، لذلك سوف نكتفي بالتوضيح بين بني السَّبيع، بفتح السين المهملة وكسر الباء الموحدة وسكون المثناة التحتية ثم عين مهملة.
 بنو السَّبيع بن سبع بن صعب بن معاوية بن بكر بن مالك بن جشم ابن حاشد بن خيوان بن نوفل بن همدان. وبنو السبيع بن صعب بطن من همدان القحطانية منهم أبوإسحاق السِّبيعي، الفقيه المشهور، واسمه عمرو بن عبدالله بن علي بن يوسف بن السبع بن السبيع إلى آخر نسبه، راجع: [انساب العرب - تاريخ العوتبي للمؤلف أبوالمنذر سلمة بن مسلم العوتبي، ج2، ص 166.
 ويجب أن نفرق بين الأول (بنو سَّبيع) وبين الثاني سبيع بنوعامر بن صعصعة بن معاوية بن منصور بن عكرمة ابن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ترجع عدنانية. [راجع قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان القلقشندي، جـ1، ص 100].
 وهذا ما بيَّـنه المغيري صاحب كتاب المنتخب في ذكر أنساب قبائل العرب في الطبعة الثانية ص 495، حيث ذكر [قبيلة سَّبيع في نسب قبيلة همدان القحطانية، وقال ذلك أيضًا محمد آل عبدالقادر، لكن المؤلفين الآخرين نسبوا قبيلة سُبَيْع إلى عامر بن صعصعة من عدنان].
 ويتبين من خلال النص للمغيري أن هناك نسبتين إلى القبيلة عند قوله واستشهاده في آل عبدالقادر كما أنه ذكر [لكن المؤلفين الآخرين نسبوا قبيلة سبيع إلى عامر بن صعصعة من عدنان].
وكلمة لكن تثبت بعدها حُكمًا مخالفًا لحكم ما قبلها ولذلك لا بد أن يتقدمها كلام مناقض لما بعدها. وفي دلالة لإثبات النسب يجب أن يكون التوثيق دلالة صريحة وقطعية.
 وإذا كان هناك عدة نصوص تحتاج إلى تبيان النسب والترجيح، فيجب الاحتجاج بالدليل لتوثيق النسب، ولكن ما ذهب به المغيري ما يسمى بالاستنباط - إراء جديدة استخرجها بفهم واجتهاد استنتاجها - ، وهذا لا يكفي لترجيح وإثبات النسب الذي أشاره إليه.
 كما قام من بعده مَن الْتَبس عليه نسب قبيلة السبيع وجعلها بينة قطعية في نسب قبيلة سبيع العامرية العدنانية إلى همدان القحطانية، متجاهلاً ما صوبه إليه من الرأي الآخر، حيث إن المغيري لم ينفِ نسب سبيع لعامر بن صعصعة ولم يأكدها واكتفى بذكره  [لكن المؤلفين الآخرين نسبوا قبيلة سبيع إلى عامر بن صعصعة من عدنان]  والذي لا يقلل من ضعف الرأي والدليل بل يعطينا مؤشرًا إلى البحث به، لذلك نجد من يستغل بعض الإشارات التي أوردها المؤلفون وهي واضحة متجاهلًا محتواها، مكتفيًا في النصوص التي توافق رأيه وهواه ويظهرها ويقوم بإخفاء الآراء الأخرى متعمدًا قصده العبث بأنساب القبائل الصريحة أو عدم معرفة مسؤولية الأمانة العلمية في النقل.
 وعلى أثر ذلك يقع البعض في الخلط، وينسب القبيلة إلى غير ما هو متعارف عند كثير من الباحثين والنسابة الأجلاء. كما من ذهب إلى نسب البطون التي تدخل في القبائل في الحلف. وينسب القبيلة بأكمالها إلى هذا البطن لشهرة هذا البطن في قبيلته السابقة لعدم معرفة في أنساب القبائل وتشابه الأسماء.
 وهناك من يطعن بغير حجة ودليل قاطع دون التحقق في أصول الأنساب ولم يأخذ في أحكامها وضوابطها ولم يعر للموروث أي اهتمام، وهذا الطرح مرفوض لأنه لم يقم على أسس علمية والأصول الشرعية المتعارف عليها في علم الأنساب من حيث التحقيق والتمحيص في المخطوطات.
 كما يتطلب الأمر الرجوع إلى المصادر والمراجع وأمهات الكتب ودراسة الديار في المعاجم والرجوع إلى الأشعار المنقولة، لذلك من يطعن في النسب بدون أي دليل وحجة فهو طعن باطل ليس له أي شواهد قطعية يستند عليها.
وضع علماء الأنساب والمهتمون بهذا العلم تقسيمات وضوابط يستطيعون من خلالها تسمية كل تجمع من الناس تجمعه صلة الدم والقرابة على أنهم من أرومة واحدة.
 فأقول عندما يذكر اسم سبيع عند النسابة والباحثين في علم الأنساب والتاريخ؛ ينصرف الذهن إلى قبيلة عامر بن صعصعة لارتباط موروثها (شعرًا - وقصصًا - وديارًا) وهي إحدى بطون قبيلة بني عامر بن صعصعة.
راجع: [المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام الدكتور جواد علي، جـ 19، ص111، الطبعة 4، 1422 هـ - 2001م، الحيدري البغدادي في كتابه عنوان المجد في أحوال بغداد والبصرة ونجد].
 وقد أكد النسابة والمؤرخون من قبيلة سبيع بأن نسب قبيلتهم يرجع إلى عامر ابن صعصعة ومنهم الأستاذ المؤرخ عبدالله بن خثلان السبيعي والأستاذ المؤرخ خالد بن عبد الله السبيعي حيث أشار الأول في كتاب (نسب سبيع والسهول) حيث أشار إلى نسب سبيع بن عامر بضم السين بقوله أنها قبيلة نجدية من بني عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
 وأكد الأستاذ خالد بن عبد الله السبيعي في كتابه (سبيع الغلبا) - وكان أكثر دقة وإيضاحًا بالنقل - حيث بيَّـن تداخل بطون بني عامر في سبيع، وهذا أمر ليس غريبًا لتجاورها مع باقي بطون بني عامر حيث يقول [قبيلة سبيع بضم السين إحدى القبائل العربية الصريحة النسب والمعروفة بتسلسلها العريق، فهي في أصولها ترجع إلى بطون متعددة من القبيلة الأم الأولى قبيلة عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة ابن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان].
 وما ذكرناهم من النسابة والمؤرخين من قبيلة سبيع وما لم نذكرهم، ومنهم على سبيل المثال: الأستاذ عبدالله بن سعد الحضبي والأستاذ فهيد بن عبدالله السبيعي وغيرهم كثير، حيث أجمعوا على أن نسب قبيلة سبيع الكريمة ترجع إلى بني عامر بن صعصعة بن معاوية بن منصور بن عكرمة ابن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
 ويطلق عليها علماء النسب في هذه الحالة الأنساب المتفقة أو صريح النسب وهو النسب الثابت بالإجماع والمطابق لمراجع النسب المنصوص عليها في مراجعهم، كما شهادة المشهود لهم بالتقوى والأمانة والعلم.
وهذا ما يقره نسابة قبيلة سبيع ويتفق عليه أمراء وشيوخ القبيلة أن نسب قبيلتهم ترجع إلى بني عامر بن صعصعة وهذا ما يسمى علم الموروث والمنقول من الآباء والأجاد وسلف بعد خلف.
 وعلى الباحث في علم النسب أن يكون معقولًا للمدى الذي يمكن أن يصل إليه في عمق التسلسل المستهدف في علم القرابة ، وعلماء النسب المعاصرون في هذه المسألة مع ابن خلدون.
وهذا خلاف ما يدعيه بعض الأدعياء في علم أنساب القبائل العربية ذات النسب الصريح ، وينسب القبيلة أو قبيلته إلى قبيلة هوازن أو عبس بدون حجة ولا دليل ولا برهان يسند قوله إلا بمصادر حديثة ومجروحة. وحرصو على استكمال سلسلة النسب فى غياب الادلة الثبوتية ويطلق علماء النسب على هذا الاصطلاح نسب مفتعل وهو النسب الذى لاحقيته له والذى وضع على غير اصل من اصول النسب ويعتبر لصيق وهو المتهم فى نسبه كما أن أدعاءه يعارض ما تناقلته كتب الأنساب ونحن نذكر هذا حتى نبين أنه ليس كل من يكتب في أنساب القبائل هو حقيقي ومسلم به، بل يجب البحث والاستقصاء للحقائق.
 وهذا ما يبينه نسابة قبيلة سبيع على اتفاق القرابة والنسب الواحد في عامر بن صعصعة دون أدنى شك. كما يتفق مع نسابة سبيع من المؤرخين والمهتمين بالأنساب وهم ليسوا من قبيلة سبيع من الجزيرة العربية وخارجها ومتعارف عند القبائل الصرحة بإنها  لا تقلل من شأن القبائل الأخرى في نسبها بل تفتخر بمكارمها، وخير شاهد الشعر الذي تناقلته شعراء القبائل، فتجد شاعرًا من قبيلة عتيبة يمدح قبيلة سبيع وشاعر من قبيلة سبيع يمدح قبيلة عتيبة وهكذا. والمصهارات بين القبائل الشريفة دلالةً على عاداتها الحميدة - بنقيض من يقدح، في هذه القبائل الصريحة النسب فهذه دلالة على نقص ألتمسه في تاريخ قديم سجله.
 ونأخذ مثال قول أحد الشعراء الذي امتدح قبيلة سبيع الشهيرة وهو من قبيلة عريقة لها تاريخها الكبير من قبيلة مطير التي عرفت بالكرم والشجاعة حيث ينشد الشاعر زنيفر بن نوبان العبيوي المطيري:
قلته ونا مع سبيع الغلباء
ظهور السوافي للقصير صحاح
 يا سبيع يا أهل الفعل  يا ولاد عامر
لياقيل يم المال ثار صياح
ونوضح قول الشاعر العبيوي المطيري عند ذكره سبيع الغلبا أي أنهم أهل القوة والمنعة لكثرة غلبها (انتصارتها) في الحروب، وقد أكدها الأستاذ المؤرخ عبدالله بن سعد الحضبي السبيعي في كتاب سوالف الطيبين الجزء الثاني حيث ذكر أن الغلباء لقب سبيع بن عامر بن صعصعة.
 وعند ذكر الشاعر المطيري يا ولاد عامر فهي نخوة القبيلة في الحرب سبيع هي خيالة العرفاء أولاد أو (آلاد) عامر يعتزون في جدهم عامر بن صعصعة.
والجدير بالذكر عند نسب تغلب بن وائل في كتاب انساب العرب للمؤلف أبوالمنذر الصحاري، الجزء الأول، ص 60  جاء ذكر الغلباء إلى تغلب بن وائل، قال الشاعر
وفي الغلبا تغلب أهل عز
وأحلام تعود على الجهل
كما أنه أسماء الألقاب التي تنسب إلى القبائل قد تكون متشهابة في أكثر من قبيلة.
ولقد اطلعت على ما جاء في كتاب المؤلف محمد بن حبيب البغدادي المتوفي (245) هجري في كتابه: [المنمق في أخبار قريش، جـ1، ص 175] حيث وجدت أن بين ثنايا الكتاب المذكور للمؤلف قد أشار إلى معلومة تستحق أن أشير إليها، [حيث ذكر: وتجمعت قيس واستعانت بثقيف]، (وفي ص 172)، ذكر أيضًا، وتجمع وفي الأصل وجمعت قيس وتجمعت هوازن وسليم جمعًا وثقيف وجمعوا الجموع وقادوا الخيل فكانت خيلهم كثيرة يومئذ، قال فحدثني عبدالله بن يزيد الهذلي عن يعقوب بن عتبة قال: سار في ثقيف مسعود بن معتب ووهب بن معتب فاستجلبا ثقيفًا ومن أطاعهما عباس بن حي الأصم الرعلي، فاجتمعوا ونزلوا عكاظ قبل قريش بيومين.
فاختلفوا في الرئاسة فقالت بنوعامر: نُرأس أبا براء عامر بن مالك بن جعفر، وقالت بنونصر بن معاوية وسعد بن بكر وثقيف نُرأس سبيع بن ربيعة بن معاوية النصري، وقالت بنوجشم بل نرأس دريد بن الصمة، حتى كادوا يقتتلون بينهم فمشى بينهم أبوبراد فقال: اجمعوا على ذلك من شئتم، فأنا أول من أطاع وأجاب، فكف القوم ورضوا وجعلوا على بني عامر أبا براء وعلى بني نصر وسعد بن بكر وثقيف مسعود بن معتب الثقفي وهو رأس ثقيف وأمره إلى سبيع بن ربيعة .. إلى آخر النص.
 ونعلق على ما جاء من أخبار قبيلة سبيع وقبائل بن عامر الهوازنية حيث ذكر في بداية حديثه (وتجمعت قيس واستعانت بثقيف) والمقصود منها: قيس عيلان.
والتي تندرج منها قبائل بنو عامر بن صعصعة وهوازن، وأشار إلى أبوبراء وهو أبوبراء بني عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
 أتت الإشارة إلى أحدى القبائل العامرية التي تجمعت للحرب، ومنهم بنونصر سبيع بن ربيعة وهذا تأكيد قطعي لا مريته منه على أن سبيع قبيلة عامرية ترجع في نسبها إلى قبائل هوازن القيسية العدنانية حيث جاء في النص [وبعثت قيس في كل قبيلة من قيس رجلًا ليستجلبها فكان في بني عامر أبوبراء وكان في جشم دريد بن الصمة، وكان في بني نصر سبيع بن ربيعة وفي سليم].
 ولا نغفل عن ذكر بني سليم التي جاءت في أحداث قبائل بني عامر وهوازن القيسة قال: ابن حزم بنوسليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان وهؤلاء من هوازن، كما ذكر المؤلف البغدادي وضمن الذين اجتمعوا عباس الرعلي نسبة إلى رعل، وأما رعل فهم بنورعل ابن مالك بن عوف بن امرئ القيس بن بهته بن سليم بن منصور بن عكرمة، والرعلي أحد بطون بني سليم، ومنهم الصحابي عباس بن مرداس بن أبي عامر السلمي الذي أعطاه الرسول  صلى الله عليه وسلم الراية يوم حنين وأنشد:
 انا العباسُ ذو رأيٍ قويمٍ
معي ساداتُ آلِ بني سليمِ
أذلُّ بهم حماةَ البَغي لما
ترى الهجَّاءَ كالليلِ البهيمِ
كما لا يخفي علينا أن نشير إلى قبيلة ثقيف التي ذكرها البغدادي والتي ترجع في نسبها إلى ثقيف بن منبة بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن عيلان.
 [راجع علي ابن الأثير المتوفي (630) هجري اللباب في تهذيب الأنساب ج2، ص31. وراجع جمهرة أنساب العرب لابن حزم، ج1 ، ص261راجع أيضاً الكلبي ص 359 ] .
ونذكر هنا أن القبائل التي جاء ذكرها في النص حيث ذكر (وكان في جشم دريد بن الصمة) أي من يمثل قبيلة جشم، وجشم منسوب إلى جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان، منهم مالك بن نضلة بن حديج أبوأبي الأحوص الجشمي له صحبة ورواية، وغيرهم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. (راجع كتاب عجالة المبتدي وفضالة المنتهي في النسب للمؤلف محمد بن موسى زين الدين، ج1، ص 12. راجع أيضًا: جمل من أنساب الأشراف للمؤلف أحمد بن يحيى البلاذري ج13، ص  153 والكلبي في جمهرة النسب ص 383 ).
 كما جاء في النص ذكر سعد بن بكر, وننقل لكم حرفيًّا ما نصه: [فقالت بنوعامر: نرأس أبا براء عامر بن مالك بن جعفر، وقالت بنونصر بن معاوية وسعد بن بكر] وسعد بن بكر وهي احدى بطون هوازن بن منصور ومنهم بكر بن هوازن وبنو معاوية وبنو منبة بني بكر، فأما بنوسعد بن بكر، وهم أظهار النبي صلى الله عليه وسلم أرضعته منهم حليمة بنت أبي ذؤيب بن عبدالله بن سحنة بن ناصرة بنت عصية بن نصر بن أسعد. [راجع تاريخ ابن خلدون، ج 2، ص 369].
 ونقف عند رضاعت الرسول صلى الله عليه وسِلم من حليمة السعدية: كانت المراضع يَقْدُمْنَ من البادية إلى مكة، يطلبن أن يرضعنَ الأطفال، فقدمت عدة منهن، وأخذت كل واحدة طفلًا، ولم تجدْ حليمة طفلًا تأخذه غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يتيمًا قد مات أبوه عبدالله فلذلك لم يرغبن في أخذه لأنهن كن يرجنَّ الخير من أبي الطفل ولا يرجن أمه، فأخذته حليمة بنت أبي ذؤيب بني الحارث السعدية، وتسلمته من أمه آمنة وأرضعته ومضت به إلى بلادها، وهي بادية بني سعد فوجدت من الخير والبركة ما لم تعهده قبل ذلك، ثم قدمت به إلى مكة، وهي أحرص الناس على مكثه عندها، فقالت لأمه آمنة: لو تركت ابنك عندي حتى يغلظ، فإني أحشى عليه وباء مكة، ولم تزل بها حتى تركته معها، فأخذته وعادت به إلى بلاد بني سعد، وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم هناك. [راجع المختصر في أخبار البشر للمؤلف أبوالفداء عمادالدين، ج 1، ص 113].
 فبنو سعد أو السعدي منسوب إلى سعد بن بكر من هوازن والمعروفين اليوم في بني سعد قبيلة عتيبة والتي ترجع  اغلب بطونها إلى هوازن [راجع بنوسعد بن بكر بن هوازن تأليف الأستاذ راشد بن حمدان الأحيوي ص15].
والجدير بالذكر أن جميع ما ذكرناه من القبائل العامرية الهوازنية وتم الإشارة إليها ، هي قبائل اجتمعت لمن يمثلها ويقودها في الحرب، فكانت شاهدًا لنقل نسبهم وهذه المرتبة تقابل ما درج عليه علماء الحديث في التواتر وقدماء علماء السيرة مثل ابن جرير الطبري.
 سوف نتناول كتاب البغدادي [عنوان المجد في أحوال بغداد والبصرة ونجد] سنسرد نبذة بسيطة عن المؤلف قبل أن نبدأ حديثنا حيث عرف عنه من أهل الصلاح والعلم والصدق والأمانة  فلا بد على الناقل أن يختار من المصادر منهم المهمة التي لم يدخلها التزيف والتحريف ، لذلك يجب الحذر في هذه المسألة في انتقائنا للكتب التي أشاد بها الثقات.
 نرجع لحديثنا هو المؤلف الشيخ محمود شكري بن عبدالله الآلوسي وهو أحد علماء أهل السنة في العراق ومن الممسكين بمنهج السلف الصالح ومن أحد الشخصيات البارزة في العالم العربي والإسلامي وكان حبه لطلب العلم بدأ منذ صغره وأخذ إجازات العلم من كثير من علماء بغداد.
 ولد العلامة الآلوسي في بغداد عام 1273 هـ/ 1856، حيث ذكر الآلوسي نسب قبيلة سبيع من بني عامر، كما جاء في كتاب صحيح الأخبار عما ورد في بلاد العرب من الآثار للعلامة محمد بن عبدالله بن بلهيد والمتوفي سنة 1377 هـ حيث قال: [سبيع بطن من بني عقيل ابن عامر بن صعصعة] ونلاحظ هنا المؤلف ذكر أن سبيع بطن من قبيلة بني عقيل المعروفين في بنوعامر وإن أورد نسبهم إلى عقيل فهم متفقون على النسب الواحد وهذي دلالة على أن قبيلة سبيع عامرية النسب وإن تعددت البطون العامرية في قبيلة سبيع.
 هذا ما سنوضحه من خلال ما جاء في كتاب الدكتور عبدالعزيز بن محمد الفيصل حيث بين في كتابه شعراء بني عقيل شعرهم في الجاهلية والإسلام حتى آخر العصر الأموي جمعا وتحقيقًا ودراسة ونقل لنا في الطبعة الأولى ص 24، 25 عن حديثه عن عقيل ذكر  [والقبيلة الآن ليس لها وجود في نجد بأسمها المذكور، فمنذ انسلاخ القرون الثلاثة الأولى بدأ اسم عقيل يزول من مساكنها في جنوب نجد، ويذكر ابن سعيد أن عقيلا تسكن في مساكن بني أسد - وابن سعيد عاش في القرن السابع  - فهو يقول: «وبلدهم الآن بنجد قد احتوى عليه طيء وبنو عقيل.
 وقد نقل ابن خلدون هذا النص فقال: «وبلادهم الآن فيما ذكر ابن سعيد لطيء وبني عقيل وابن خلدون يتحدث عن بني أسد وإذا صح أن القبيلة سُبَيع من عقيل بن كعب فتكون هي القبيلة الباقية في مساكن عقيل والمنتمية إليها في نسبها].
لقد توافق الآراء في النصوص والتي ذكرها العلامة الآلوسي والعلامة محمد بن عبدالله بن بليهد والدكتور عبدالعزيز الفيصل وهذا ما تأكده على أن قبيلة سبيع من عده بطون من عامر بن صعصعة يزكرنا بقول ما ذهب به المؤرخ خالد بن عبد الله السبيعي وعقيل الذي ذكر في نص بن بليهد هو من عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وإخوة عقيل هم: الحريش وجعدة وقشير وعبدالله وحبيب وسنبين مساكن بنو عقيل العامرية وديارهم .
 لقد أشرنا إلى المؤلف بن بليهد حيث أنه من أحدى الأسر الشهيرة في قبيلة بني خالد العامرية والذي جاء ذكر نسبه في كتاب علماء نجد خلال ستة قرون تأليف الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البسام ج2، ص 542 عندما ذكر البسام نسب [الشيخ عبدالله بن سليمان بن سعود بن محمد بن عبدالله بن سليمان ابن عثمان بن بليهد بن عبدالله بن فوازان بن محمد بن عائد بن بليهد بن عثمان. وآل بليهد عشيرة من آل سيار المسمون - السيايرة - (السياري) وهم فخذ من بني عامر من صعصعة من هوازن أحد الشعوب المضرية العدنانية وبنوخالد نزحت من عالية نجد حيث كانت تقييم قبيلة بني عامر] ومن أعلام فخذ السيايرة (السياري) من جبور بني خالد وكان أبرزهم أمراء هذه العشيرة حسب ما جاء في الحاشية لدى البسام الأمير جبر بن سيار الشاعر المشهور الذي تأمر في القصب في آخر القرن الحادي عشرة هجري. وهو خال البطل الأمير الخطير والشاعر الشهير رميزان بن غشام التميمي أمراء الروضة وبين جبر بن سيار وابن اخته رميزان مراسلات بالقصائد وهو الذي يعنيه بقصيدته التي يقول فيها:
 لي ديرة يا جبر فوق منشع
محالها بالليل تسهر رقودها
يا جبر تشكي الملح واشكي رفاقه
أظن عدمها خير لي من وجودها
لأن ديرة جبر بن سيار القصب معدن من معادن الملح المائي.
والجدير بالذكر إن جبر بن سيار أحد مشاهير نسابة الجزيرة العربية حيث ذكر جبر السياري الخالدي والمتوفي سنة 1085 هـ في مخطوطته الشهيرة      ( السهول من قبيلة سبيع بن عامر ) والسهول جمع نسباً الى سهل بن أنس بن ربيعة بن كعب ، وواحدهم سهلي قبيلة عامرية النسب نجدية البلاد جاء ذكرهم في نصوص عده لا يتسع المجال لذكرها راجع [ معجم البلدان الحموي الجزء الأول ص 123 ]
 وبعد أن ذكرنا نسب بن بليهد وما أشار إليه الدكتور الفيصل على أن نسب قبيلة سبيع وبني خالد ترجع إلى نسب واحد عامر بن صعصعة، ومن أشادوا في نسب قبيلة سبيع هم أهل علم ودين
والجدير بالذكر أن الدكتور عبدالعزيز الفيصل أتى بإشارة إلى قبيلة سبيع ووضحه ديارها العامرية منذ ذلك العهد في كتابه [شعراء بني عقيل وشعرهم في الجاهلية والإسلام حتى آخر العصر الأموي جمعًا وتحقيقا ودراسة، الطبعة الأولى، ص 58، 76، حيث ذكر رنية: لبني خفاجة العقيليين قال لغدة الأصفهاني: «جميع بني خفاجة يجتمعون ببيشة ورنية وقال عرام السلمي: «وفي حد تبالة قرية يقال لها رنية وقرية يقال لها بيشة وتثليث ويبمبم والعقيق عقيق تمرة وكلها لعقيل. ورنية بلدة تقع في واد يقبل من السراة متجها إلى نجد ويسكنها اليوم سبيع وهم من بني عامر بن صعصعة من عقيل، وأظن أن سكانها اليوم هم سلالة من سكنها في الماضي من بني خفاجة من عقيل.
 حيث ذكر الدكتور الفيصل أن قبيلة سبيع - التي ترتبط ببني عقيل في نسبها - في الدهناء دليل على نزوحها من بلادها الواقعة في جنوبي نجد، وقد احتفظت قبيلة عقيل ببعض بلادها الأولى فبطون من سبيع ما تزال في بلدة رنية وهي من مساكن عقيل منذ العصر الجاهلي. - والتي سنوضحها باستفاضة في موضعه من البحث - .
 اعتمدنا في بحثنا على المصادر القديمة والحديثة والربط بينهما حتى نستدل منها على الموروث والمنقول وندعم التاريخ في الأحداث المتفق عليها، لذلك سوف نورد بعض المصادر الحديثة لمؤرخين أفاضل نقلوا لنا بصدق وأمانة وحيادية ، ونبدأ مع أولهم:
 عاتق البلادي الحربي صاحب كتاب معجم قبائل الحجاز في الطبعة الثانية، ص 211. وإشارته إلى بعض الأحداث التي وقعت من قبيلة سبيع العامرية كالحروب، ونستخلص بعض الفوائد وفي معرض حديثه يذكر: [أنه وقعت حرب بين بني عامر والقرشات وكلاهما من سبيع فاستنجدت القريشات وحلفاؤها بشريف مكة عبدالمعين بن عون وانضم قسم من بني عُمر بن سبيع إلى بني عامر وبعد وقائع جلت بنوعامر ومن ساندها إلى أواسط نجد فنزلوا على بني خالد هناك وعاش الحيّان في جوارٍ وتآخٍ ثم حدث أن سبيعيًّا أخذ إبلًا لرجل من بني خالد، فدارت حرب بينهم جلت بنوخالد على إثرها إلى الأحساء وتملكت بنوعامر وأحياء من بن عمر ديار بني خالد، ثم صارت سبيع نجد تضرب دائرة حول الرياض، وأما القبيلة الأم فلا زالت في ديارها الأصيلة ثم إن بعضًا منها استوطن بيشة وعمروا مزارع هناك. وهناك جاليات (بطون) عديدة من سبيع في مدن نجد كعنيزة والحريق وليلى والوشم.
 ونستدل مما ذكره البلادي على أمرين رئيسين أولهما: أن نسب بني خالد وسبيع نسب واحد وذلك بقوله (وعاش الحيان في جوار وتآخ عندما نزلت على بني خالد في نجد).
ولو رجعنا إلى المصدر نفسه في موضع آخر صفحة 340 حيث ذكر أن عقيل: بطن من عامر بن صعصعة من هوازن وهم: بنو عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن وكانت ديارهم يسار بيشة واليمامة، ثم نزلوا البحرين، ثم نزل قسم كبير منهم الشط الغربي لشط العرب والفرات، ثم تغلبوا على غرب الفرات والموصل والجزيرة ومنهم اليوم بطون عديدة في العراق ومنهم في إقليم الأحساء بنوخالد وهي قبيلة ذات منعة وسيادة، قال:
 ولا تنسَ جمعَ الخالدي فإنهمْ
قبائلُ شتّى من عُقَيْلِ بن عامرِ
ويقصد البلادي الحربي إلى البيت المشار إليه وهو للأديب والشاعر أحمد بن مشرف التميمي قاضي الأحساء.
والأمر الثاني: فعندما ذكر البلادي (فدارت حرب بينهم وجلت بنوخالد على إثرها إلى الأحساء، واستولت بنوعامر وأحياء من بني عمر ديار بني خالد) على أن نجد من ضمن سطوة ونفوذ بني خالد منذ القرن الثامن الهجري وكانت من أسياد نجد والدليل قول جعيثن اليزيدي راثيًا السلطان مقرن بن أجود الجبري العقيلي العامري
  ونجدٍ رعى رِبْعِيّ زاهي فلاتها
 على الرغم من ساداتِ لامٍ وخالدِ
 وساداتِ حجرٍ من يزيدٍ ومزيدٍ
قد اقتادهم قودَ الفْلا بالقلايد
ولقد اطلعت على أقدم نص تاريخي فيه ذكر لبني خالد (الخالدي) هي الأبيات الشعرية لحمر الأشهب (أبو كليب العامري) التي أوردها أبو علي الهجري من علماء القرن الرابع الهجري - رحمه الله - في كتابه التعليقات والنوادر، يقول الشاعر العامري في مدح (الخالدي العقيلي) البار بوالديه :
 فإنّ على (الأوانه) من (عُقْيلٍ)
فتًى كِلْتا اليدين له يمينُ
يفدي (الخالدي) بــوالديــهِ
خريمي بـــــــوالــده ضنـيـــــنُ
حتى قال:
فقام إليَّ أروع (خالدي)
يجلي الليلَ لي عنه الجبين
وفي هذه الأبيات نرى نسبة الخالدي إلى بني عقيل، وهم بنو عُقيل ابن عامر، وهذه هي النسبة الصحيحة التي لا جدال فيها لبني خالد، فهذا أقدم نص تاريخي فيه ذكر لبني خالد (وواحدهم الخالدي) في القرن الرابع الهجري، ونص فيه على نسبتهم إلى بني عقيل.
 ورد في هذه الأبيات لرجل كريم النفس يسمى (الخالدي)، وهذا الرجل نسب في هذا البيت الأول أنه من (بني عقيل).
ويتضح لنا مما سبق أعلاه على أنه نسب قبيلة سبيع العامرية وبني خالد العقيلية يرجعان إلى نسب واحد هي قبيلة بني عامر بن صعصعة، وسوف نأتي في تصور آخر يتبين لنا ذلك، ولا يختلف على هذا إلا من ليس له إدراك في علم طبقات الأنساب.
 [راجع: علي الهجري: التعليقات والنوادر، جـ2، ص 368.  وراجع أيضًا شعراء بني عقيل شعرهم في الجاهلية والإسلام حتى آخر العصر الأموي، جمع وتحقيق ودراسة د. عبدالعزيز بن محمد الفيصل، ط 1، ص 22, 32 . راجع أيضَا : كتاب تاريخ دول وإمارات قبيلة بني خالد العامرية خالد ياسين مال الله].
 وننتقل إلى مصدر آخر جاء ذكر قبيلة سبيع العامرية وننقل لكم ما جاء في كتاب قبائل هوازن دراسة في الأنساب والتاريخ صفحة 257 للمؤلف محمد بن دخيل العصيمي ووضح القبائل العامرية التي ترجع إلى هوازن فذكر منها: (ثقيف وبنوجشم وبنو خالد وبنو خفاجة وسبيع وبنو سعد وبنو سلول والسهول وبنو عامر وبنو عبادة وعتيبة وبنو عقيل وبنو قشير وبنو كعب وبنو كلاب والمنتفق وبنو معاوية وبنو نصر وبنو نمير وبنو هلال).
 وجاء العصيمي في ذكر قبيلة سبيع ونسبها حيث ذكر: (قبيلة سبيع قبيلة عامرية تنسب إلى سبيع بن عامر، وفي هوازن عدد من الرجال يسمون سبيع منهم سبيع بن عناد بن عوف بن نصر النصري، أبناء التابعي عبدالواحد بن عبدالله بن كعب بن عمير بن سبيع بن عباد عوف بن نصر من رجال الحديث ومنهم سبيع بن الحارث سيد بني مالك من هوازن، ومنهم سبيع بن ربيعة النصري سيد بني نصر في يوم نخلة الأول من أيام الفجار وسبيع بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وغيرهم كثير وشاعرهم الشعبي سعود بن سعد بن مزيد يقول:
 سبيع بن عامر راع الفضيلة
جدي وأنا من سلسلة الفضائل
من صعصعة من قيس عيلان جيلة
وعدنان جدة يوم عد السلايل
نوضح قول العصيمي تأكيدًا في نسب قبيلة سبيع إلى عامر بن صعصعة وإن تعددت الأسماء فتأتي الشهرة على أحدهم وتتسمّى القبيلة عليه، هذا ما بيناه في علم القرابة في البداية ويكون هناك سلف مشترك تجمعت هذه البطون واندمجت في اسم واحد ويكون الجد الأعلى هو الجامع عامر بن صعصعة فيتفقون عليه وأن كانت من بعض بطون مختلفة عامرية على سبيل المثال جعدة وقشير ، كما هو واقع في بني خالد على أنهم من قبائل شتى من عقيل بن عامر أي كل البطون تلتقي بالنسب للتقارب.
 كما أن الشعر يبين لنا نسب القبيلة إلى سبيع بن عامر وفي هذا البيت نرى نسبة سبيع إلى بني عامر النسبة الصحيحة التي لا جدال فيه.
في البيت الثاني يؤكد الشاعر سعود ويوضح نسب قبيلة سبيع إلى عامر بن صعصعة من قيس عيلان، إذًا نسب قبيلة سبيع يرجع لقبائل عدنانية من عامر بن صعصعة وهذا مناف لما يزعمهُ البعض على أنها قبيلة قحطانية من همدان.
 أما الشاعر دسمان بن مناحي السبيعي فقد امتدح قبيلته الكريمة وافتخر بنسبها حيث يقول:
حنا سلايل عامر بن صعصعة
ساس الوفَا مروي شبان الذان
كعب وخالد اخوان المنتفق
وسبيع وآل هلال اخوان
خمسة خوان مثل مشط البندق
 الماء والكبريت والخفان
وفي هذا جزم على نسب قبيلة سبيع التي يرجع لعامر بن صعصعة حيث قال (حنا سلايل عامر بن صعصعة) ويقصد نسل أو سلالة قبيلة سبيع يرجع إلى عامر بن صعصعة، كما ذكر الشاعر قبائل بني عامر بني صعصعة كعب والمنتفق وخالد (بني خالد) على أنهم إخوان وكلمة (خمسة إخوان مثل مشط البندق) أي أنهم في نسب واحد يجمعهم متساويين.
 وندعم قول الشعراء من قبيلة سبيع بالشعر القديم وما جاء عن مآثر بني عامر كما جاء في أنساب الأشراف للبلاذري الجزء الرابع  263، ويقول النابغة الجعدي  وهو: قيس بن عبدالله بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة:
 وشاركنا قريشًا في نقاها
وفي أنسابها شرك العنان
لما ولدت نساء بن هلال
وما ولدت نساء بني أبان
وبهذا نربط ما ذكره الشاعر دسمان بن مناحي السبيعي وقول النابغة الجعدي عندما ذكر (هلال). وهؤلاء بنوهلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ابن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وبنوهلال بن عامر منهم ميمونة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم قال أبوعبيد وهي في بني عبدالله بن هلال، وفيهم الشرف في بني هلال، وأقول المتنسب إليهم من بني هلال يطلق عليه هلالي ومنهم أبوزيد الهلالي الشهير.
 [أنساب الأشراف للبلاذري، جـ4، ص 263، جمهرة أنساب العرب لابن حزم جـ1، ص  283 راجع الكلبي جمهرة النسب ص367 ].
وذكر أحد شعراء بني عامر هو القحيف بن حمير بن سليم الندي بن عبدالله بن عوف بن حزن بن عمرو بن عُقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وهو شاعر عاش في زمن الدولة الأموية وقد يكون أدرك بداية العباسية، وأغلب شعره في الحماسة والرثاء، اشترك مع بني كعب في يوم الفلج وسجل بعض الأحداث في شعره:
 لقد جمعَ المهيرُ لنا فقلنا
أَتَحْسَبُنا تُروِّعُنَا الجُموعُ
سَتَرْهَبُنا حنيفةُ أنْ رأتْنَا
وفي أيمانِنا البيضُ اللَّموع
(عقيل) تعتزي وبنو قشيرٍ
تُواري عن سواعدِها الدُّروع
وجعدةُ والحريشُ ليوثٌ غابٍ
 لهم في كل معركةٍ صريع
فنعمَ القومُ في اللَّزباتِ قومي
بنو كعبٍ إذا جحدَ الربيع
فمهلًا يا مهيرُ فأنت عبدٌ
لِكَعبٍ سامعٌ لهمُ مطيعُ
ويتبين على ما ذكرنا أعلاه من القصائد التي تربط في نسب قبيلة سبيع بن عامر بن صعصعة قبائل عدة ومنهم كعب وخفاجة وعبادة والمنتفق والحريش ونميرة وهلال وجعدة (سبيع) وعبدالله وقشير وعقيل المعروفين منهم: حاليًّا (بنوخالد) وغيرهم.
جاء في جمهرة الأسر المتحضرة في نجد لحمد الجاسر صفحة  324 - 325 عند ذكر قبيلة سبيع حيث قال: [من أشهر القبائل النجدية، وبلادها كانت أسافل أودية السراة، وهي سراة غامد وزهران، في وادي رنية ووادي الخرمة، وهي في أكثر بطونها من بني عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن من قيس عيلان].
 لقد أورد في كنز الأنساب ومجمع الآداب محمد الحقيل ط 14 ص 149 قبيلة سبيع وهم من أهل النجدة والنخوة، وتتألف هذه القبيلة من أرومة (عدنانية) وهم بنو السبيع بن عامر بضم السين المهملة من بني عامر بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وأماكن هذه القبيلة بعضها في (نجد) وبعضها في (الخرمة - ورنية).
 وجاء ذكرهم عند عمر كحالة في معجم العرب، ص 502 [قبيلة تقع أماكنها في وادي سبيع بين أطراف عسير الشرقية الشمالية، ونجد بقرب الوشم، وتمتد إلى وادي تربة ورنية ويقال إن عدد سبيع محدود ويوجد منهم من تحضر].
ويؤكد فؤاد حمزة في كتابه قلب جزيرة العرب ص 163 ما نصه: [سبيع: أماكن هذه القبيلة في وادي سبيع بين أطراف عسير الشرقية الشمالية ونجد بغرب الوشم وتمتد إلى تربة ورنية وسبيع هي تحسب بادية نجد المقصود بها أهل العارض ويقال أن عدد سبيع محدود ويوحد منهم من يحضر].
 وجميع ما سبق ذكره من المصادر وغيرها تؤكد أن نسب قبيلة سبيع يعود إلى بني عامر بن صعصعة بن معاوية بن منصور بن عكرمة ابن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، كما أشارو إلى ديار قبيلة السبيع في وقتنا الحاضر وهي ديار  بنوعامر ديار أسلافهم.
والتي سنفصل عنها في كتب المعاجم والبلدان عن ديار بنو عامر التي تعيش أو عاشت بها في الزمان، لقد تحدثنا في مقدمة البحث على أن التحقيق في الأنساب يقوم على عدة عوامل يجب اتباعها فقد تناولنا المصادر والأشعار وبقية دراسة الديار في المعاجم، ومن خلال سردنا ما جاء في كتب الأنساب التي أشارت إلى بعض الديار التابعة لقبيلة سبيع أو بالأحرى ديار بني عامر القبيلة الأم إلا أنها جاءت باختصار والذي سنوضح بعضها ومنها على سبيل المثال:
  ليلى: المنطقة التي أشرنا إليها، ترجع سبب التسمية إلى ليلى الأخيلية العامرية وهي من ضمن ديار بني عامر. وليلى الأخيلية بنت عبدالله الرحال بن شداد بن كعب بن معاوية هو الأخيل بن عبادة بن عقيل بن كعب ابن عامر بن صعصعة.
فأما عبادة بن عقيل هو الأخيل وكان بنوه قديمًا يعرفون بالأخايل وهم رهط ليلى الأخيلية الشاعرة وقد ذكر ابن قتيبة أن مجنون ليلى العامرية من الأخيل وقد تركوا هذا النسب والمعروف الآن عبادة.
 ليلى الأخيلية أحبها توبة بن الحمير بن حزم بن كعب بن خفاجة بن عروة بن عقيل بن كعب شاعر أموي وأحد عشاق العرب المتيمين.
يقول في ليلى:
ولو أنَّ ليلى الأخيليّةِ سلَّمتْ
عليَّ ودوني جندلٌ وصفائحُ
لسلَّمتُ تسليمَ البشاشةِ أو زقا
 إليها صدًى من جانب القبر صائحُ
ومن عادة نساء بني عقيل في اللبس البرقع، يقول توبة بن الحمير في ليلى الأخيلية:
وكنت إذا ما زرت ليلى تبرقعت
فقد رابني منها الغداة سفورها
[راجع: ديوان توبة، ص 30]
والجدير بالذكر أن عبادة لا قائمة لها بجزيرة العرب وأراضيها الآن بالجزيرة الفراتية وما ولاها من العراق.
 إن القبائل الهوازنية انتقل منها قبائل وبطون كثيرة هاجروا إلى بلاد المغرب والشام والعراق، ذكرت هجراتهم في كتب الأنساب ومنهم بنوسليم وبني هلال بن عامر وبني عقيل بن كعب وغيرهم.
[راجع المنتظم في تاريخ الملوك والأمم الجزء الأول ص 172. نشوة الطرب في جاهليةج1، ص 503. تاريخ ابن خلدون، ج2، ص 373].
 تربة: بضم التاء، جاءت أثناء تعديد سرايا وغزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم وغزوة عمر بن الخطاب تربة من أرض بني عامر.
قلت تربةُ وادٍ من أودية الحجاز الشرقية طويل ذو مياه وزروع وقوى، أعلاه لغامد، ووسطه للبقوم، وأسفله لسبيع. وبه بلدة عامرة تقع شرق الطايف على قرابة (200) كيلو تعرف بتربة البقوم، وينصرف الاسم اليوم إليها، وأما أسفله ففيه بلدة عامرة لقبيلة سبيع تسمى الخرمة وهذا الوادي يسيل من سراة غامد قرب الباحة، ويتعرج بين الشرق والشمال حتى يجتمع مع بيشة ورنيه في مكان يسمى الفرشة، قرب عرق سبيع المعروف قديمًا برمل بني عبدالله (بني عبدالله بن هلال بن عامر) بن صعصعة.
 [راجع المعالم الجغرافية في السيرة النبوية عاتق البلادي الحربي، ج1، ص 26، وكتاب تاريخ خليفة الخياط للمؤلف أبوعمرو خليفة الخياط، ج1، ص 78 وكذلك تاريخ الطبري محمد بن جرير الطبري، ج3، ص 154 ، ومعجم ما استعجم في أسماء البلاد والمواضع عبدالله الأندلسي، ج1، ص 308 وج3، ص 787].
 بيشَة: بالهاءِ اسم قرية غنَّاءَ في واد كثير الإبل من بلاد اليمن، وقال القاسم ابن معن الهُذلي بيشة ورنية ( رنية: لبني خفاجة العقيليين قال لغدة الأصفهاني: «جميع بني خفاجة يجتمعون ببيشة ورنية) مهموزتان أرضان. وقال عُقيل وجميع بني خفاجة يجتمعون ببيشة ورنية وهما واديان بيشة تصبُ من اليمن، ورنية تصب من سراة تهامة، وبين بيشة وتَبالة أربعة وعشرون ميلاَ، وبيشة من جهة اليمن. وعن أبي زياد خير ديار بني سَلُول بيشة وهو واد يصب سيله من الحجاز، حجاز الطائف، ثم ينصب في نجد حتى ينتهي في بلاد عقيل، وفي بيشة بطون من الناس كثيرة من خَثعم وهلال وسُوَاءةَ بن عامر بن صعصعة وسلول وعقيل والضباب وقريش وهم بنو هاشم لهم المعمَل وبيشةُ من عمل مكة مما يلي اليمن من مكة على خمسة مراحل، وبها من النخل والفسيل شيءٌ كثير، وفي وادي بيشة موضع مشجر كثير الأسد.
قال السمهري:
وأنبئتُ ليلَى بالغَرِيين سلمَت
 علَيَّ ودوني طِخفَةٌ ورجامُها
فإن التي أهدَتْ على نأيٍ دارها
 سلامًا لمردودٍ عليها سلامُها
عديد الحصى والأثلِ من بطن بيشةٍ
وطرفائها ما دام فيها حمَامها
[راجع ياقوت: معجم البلدان ج1 ص 385].
  رنية: بفتح أوله وسكون ثانيه ثم ياءٍ مثناة من تحت خفيفة يقال رَنا إليه يرنو رُنُوًّا إذا أدام النظر يقال ظَلّ رانيًا وأرناه غيره فيجوز أن يكون رَنية من رَانٍ كأنه مرة واحدة، وهي قرية من حد تبالة عن أبي الأشعث الكندي يسكنها بنو عُقَيل وهي قرب بيشة وتثليث وببمبم وعقيق تمرَةَ وكلها لبني عُقَيل ومياهها بُثُور، والبثور الأحساءُ تجري تحت الحصى على مقدار ذراعين وذراع وربما أثَارَته الدواب بحوافرها.
 [راجع ياقوت: معجم البلدان ج2 ص 411].
العَقِيقُ: بفتح أوله وكسر ثانيه وقافين بينهما ياء مثناة من تحت، قال أبو منصور: والعرب تقول لكل مسيل ماءٍ شَقه السيلُ في الأرض فأنهره ووَسعه عقيق قال: وفي بلاد العرب أربعة أعقة وهي أودية عادية شقتها السيول، وقال الأصمعي: الأعقة الأودية، قال: فمنها عقيق عارض اليمامة، وهو واد واسع مما يلي العَرَمة يتدفق فيه شعاب العارض وفيه عيون عذبة الماء، قال السكوني: عقيق اليمامة لبني عُقيل فيه قرى ونخل كثير ويقال له: عقيق تمرَةَ وهو عن يمين الفُرُط منقطع عارض اليمامة في رمل الجزء وهو منبر من منابر اليمامة عن يمين من يخرج من اليمامة يريد اليمن عليه أمير.
  وفيه يقول الشاعر:
تربّعُ ليلَى بالمضَيح فالحمى
وتحفرُ من بطنِ العقيقِ السَّواقيا
[ياقوت: معجم البلدان ج3 ص 240]
ومنها، العقيق الذي في بلاد بني عُقيل، قال أبو زياد الكلابي: عقيق بني عُقيل فيه منبر من منابر اليمامة ذكره القُحيف بن حُمَير العقيلي حيث قال:
 أأمَّ ابنِ إدريسٍ ألم يأتكِ الذي
صبَحنا ابنَ إدريس به فتقطَّرَا
فليتكِ تحت الخافقين تَرينَهُ
 وقد جُعلت درعًا عليها ومِغْفَرَا
يريد العقيقَ ابن المُهَيرِ ورهطُهُ
 ودون العقيقِ الموتُ وردًا وأحمرا
وكيف تريدون العقيقَ ودونَهُ
 بنو المحصناتِ اللابساتِ السنَوَّرا
[ياقوت: معجم البلدان ج3 ص 241. البكري: معجم ما استعجم، ج1، ص 53.]
تَمرَة: بلفظ واحدة التمر، من نواحي اليمامة لبني عُقيل وقيل: بفتح الميم وعقيقُ تمرة عن يمين الفرط [ياقوت: معجم البلدان،ج1 ص 425.] . وتمرة تسكنيها العمور الدواسر وأخوانهم العمور الخوالد من بني عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة فكثير من فروع بني عقيل دخلوا في القبائل التي دخلت بلادهم في عقيق بنوعقيل أو عقيق تمرة [ياقوت: معجم البلدان (تمرة) شعراء بني عقيل وشعرهم، ص 51]. (وادي الدواسر حاليًا) ومن مشاهير وآمراء العمور آل منديل ولهم شهرة كبيرة في نواحي الجزيرة العربية.
 وعلى الباحث أن يتذكر دائمًا أن من الكفر انتساب المرء إلى غير أبيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم كفر بالله ادعاء نسب لا يعرفه، وكفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق .  وقد يصيب الباحث إثم كبير إذا حاول التدليس والكذب في الأنساب وما ينطوي على ذلك من تضليل الناس وإضاعة الحقوق.
 ويجب أن أوضح أن هذا البحث الذي تم إعداده ما هو إلا جزء بسيط من تاريخ قبيلة سبيع الكريمة وأود أن أنوه على أن منهجية كتابة الموضوع أقتصرت على نسب القبيلة بشكل عام ، كما أنه لم يغفل التاريخ بتدوين تاريخهم حيث كان الشعر شاهداً على مكارمهم الرفيعة  ، لذلك نعتذر عن ذكرمشاهيرهم من الشيوخ والأمراء في هذا الموضوع الخاص بنسب القبيلة ، كما أنه لا يفوتني أن أبين بأن وفقت في هذا العمل فهذا مرده إلى الله وتوفيقه  ، وإن أغفلت أو أخطأت فهو من عندي وحسبي أنني اجتهدت  والله  اسأل أن ينفع به الناس والباحثين عن الحقيقة ..
 
ويقول الشاعر أبي تمام :
السيف أصدق أنباء من الكتبِ .. في حده الحد بين الجد واللعب

 

الآن - رأي: الباحث: خالد مال الله الخالدي

تعليقات

  1. موضوع رائع وموثق بالمراجع شكراً للمؤرخ المميز خالد مال الله الخالدي وشكراً لك على هذا البحث الرائد والمتكامل عن قبيلة سبيع العامرية وفقك الله استاذنا ودمت بعز

اكتب تعليقك