معظم الأناشيد الإسلامية تحمل أفكاراً متطرفة.. هكذا يعتقد خليل حيدر
زاوية الكتابكتب مارس 3, 2014, 12:49 ص 1546 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / إسلاميون ينشدون: 'إننا نهوى الظلاما'
خليل علي حيدر
ثمة قصائد حماسية وأغانٍ دينية شبابية واسعة الانتشار في قنوات التلفاز والمواقع الالكترونية تسمى بـ«الأناشيد الإسلامية».
هذه الأناشيد في أحيان كثيرة مجرد صياغة نظمية في مواضيع مختلفة، وقد تحمل الكثير من الأفكار المتطرفة والدعوات العدوانية التوسعية والمضامين التي تروج لها الجماعات المتشددة والتنظيمات الإرهابية كالقاعدة وغيرها.
مثل هذه «الثقافة الشعرية» للأسف، هي أبرز ما أفرزه أدب الإسلام السياسي «الملتزم».. للأدب العربي المعاصر والشعر الحديث لا تكاد أشعار هذه الأناشيد تعترف بأي دين آخر في القرن الحادي والعشرين سوى دين الإسلام السياسي التوسعي والصدامي الذي تروج له الجوقات المغنية. وتخلط هذه النصوص المضامين الدينية بالأفكار الجهادية التكفيرية ودعوات العنف والتفجير التي نسمعها أو نراها، كخلفية صوتية لصور العمليات الإرهابية في مختلف البلدان العربية والمناطق الإسلامية، والتي تتطاير خلالها أشلاء المسلمين أنفسهم من مرتادي الأسواق أو الأطفال والنساء، ويموت فيها كل يوم عدد لا يحصى من الانتحاريين الشباب الذين «يستشهدون» في سبيل عزِّ الإسلام وسؤدده!.
«كانت الأناشيد الإسلامية في بدايتها حماسية وطنية إسلامية»، يقول الزميل الإسلامي فيصل الزامل، «الأنباء»، 2007/8/22، ويضيف: «ربما كانت الكويت هي نقطة الانطلاق في مطلع السبعينيات من القرن العشرين- وهي اليوم تمتد من جاكرتا إلى المغرب، في كل بلد منشدون، وفرق وأساتذة متخصصون في علم الأصوات، ومسابقات «كُرست لأفضل نص، وأفضل منشد وأفضل فرقة.. إلخ».
وإشارة الأستاذ «الزامل» إلى المنشأ الكويتي لهذا الشعر الدعوي الدعائي له ما يسنده في كتاب «أناشيد الدعوة الإسلامية» مثلا. وهو صادر عن عمّان الأردن سنة 1984 ويتضمن نصوصاً عديدة بعضها للشيخ يوسف القرضاوي وسيد قطب وعبدالحكيم عابدين وغيرهم من الإخوان المسلمين المعروفين. ومن قصائد الكتاب قصيدة «نشيد الزئير» لـ«محيي الدين عطية»، وهو كما يقول الكتاب «شاعر نشأ في ظل الحركة الإسلامية والتزم الإسلام طريقاً ومنهجاً، ولد عام 1934، وعاش شبابه في مدينة القاهرة، ودرس في كلية الاقتصاد بجامعتها.. وسجن أكثر من مرة، ثم انتقل إلى الكويت فعمل هناك، ثم انشأ دار البحوث العلمية والتوزيع عام 1969» [ص 80].
ومن شعراء «الأناشيد الإسلامية» الذين يورد لهم الكتاب بعض القصائد «محمود آل جعفر»، وهو شاعر عراقي له ديوان شعر مطبوع نشرته «الدار الكويتية للطباعة والنشر» سنة 1969 له من الأناشيد نشيد «فتى الإسلام»، ويقول فيه:
أنا الداعي بإيمانِ
أنا الإسلام ربّاني
أعيدوا المجد ولنحيا
نسُد في ظل قرانِ
شباب الحق يا جندُ
على اعدائنا اشتدوا
أخي فالنوم لا ينفع
فجرِّد للعِدا المدفع [ص22 – 23]
الدكتور يوسف عبدالله القرضاوي، يقول عنه كتاب الأناشيد الإسلامية، «عالم وخطيب وكاتب وشاعر. ولد في بلدة «صفط تراب» من قرى محافظة الغربية بمصر عام 1926، ودرس في الأزهر الشريف. وتولى أعمالاً كثيرة كان آخرها عميد لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر»، وقصيدته بعنوان «نشيد مسلمون» ويقول فيها:
مسلمون مسلمون مسلمون
حيث كان الحق والعدل نكون
نرتضي الموت ونأبى أن نهون
في سبيل الله ما أحلى المنون
يا أخا الإسلام في كل مكان
قُم نفكُّ القيد قد آن الأوان
واصعد الربوة واهتف بالأذان
وارفع المصحف دستور الزمان
واملأ الآفاق: إنّا مسلمون [ص29]
وللشاعر الإخواني الأردني يوسف العظم نشيد بعنوان «حي على الجهاد» يقول:
دعوة للجهاد
في الرُبى والوهاد
بالسيوف الحِداد
نستردُّ البلاد
رغم حقد اليهود
كلنا نفتدي دعوة السؤدد
كي نرى في غدِ
راية المسجد
فوق كل البنود
ومن أناشيد المجموعة «نشيد الكتائب»، وهو نص ذو طابع عسكري واضح يقول فيه الأستاذ «عابدين»:
هو الحق يحشد أجناده
ويعتدُّ للموقف الفاصلِ
فصفوا الكتائب آسادهُ
ودكوا به دولة الباطلِ
ويقدم مُعدَّا الكتاب حسني جرار وأحمد الجدع الأستاذ عبدالحكيم عابدين بأنه كاتب وشاعر وخطيب، من مواليد عام 1914 «مطر طارس» بالفيوم، وقد «استجاب لدعوة الإمام الشهيد حسن البنا مبكراً، وأصبح من رجال الحركة الإسلامية وقادتها، وأمضى فترة كبيرة وهو يعمل سكرتيراً عاماً للإخوان المسلمين» [ص38].
وكان مكتب الإرشاد في جامعة الإخوان قد أصدر قراراً بفصل عبدالحكيم عابدين بأغلبية ثمانية أصوات مقابل صوت واحد وتدخل البنا في القضية ثم استقال الرجل لاحقاً ورفضت استقالته. وقد جاء في كتاب د.ميتشل عن الاخوان المسلمين، ترجمة د.محمود أبوالسعود، أنه تم تبليغ حسن البنا في أواخر عام 1945، أن سكرتيره العام عبدالحكيم عابدين، وهو صهره في الوقت نفسه، استغل مركزه «لانتهاك حرمة مساكن بعض الإخوان وحرماتهم»، وظلت هذه الشكوى سراً لا يعلمه إلاّ البنا والشاكون أنفسهم وقليل من كبار زعماء الإخوان.. وتسربت الأخبار إلى صفوف الاعضاء وسبّب هذا نتائج خطيرة في منتصف عام 1946» [ص137].
«الأناشيد الإسلامية»، يؤكد بعض الإسلاميين أنفسهم أداة خطيرة اليوم في غسل دماغ الشباب. يقول فيصل الزامل محذراً:
«إن كانت حماسية بلا ضوابط فقد تزرع في عقل بعض الشباب الرغبة في تفجير نفسه، والشاب في سن معينة عجينة سهلة التشكيل، حيث تتقدم العاطفة عنده على العقل، خصوصاً مع قلة الخبرة. خذ كمثال بعض النصوص:
«يا ظلام السجن خيِّم
إننا نهوى الظلاما»
ويقول حسن عبدالله الهداد في مقال بعنوان «الأناشيد الحماسية تهيِّج الإرهابيين»، الرأي العام، 2005/2/13، إن منحرفي الفكر قد غُسلت أدمغتهم، وتمت تغذية عقولهم بمفاهيم تكفيرية. ويضيف أن هؤلاء الشبا باتوا أدوات في يد قياداتهم، جاهزين لتنفيذ أي عمل إرهابي يطلب منهم، «وبخاصة أن المحرضين يشحنون هؤلاء الشباب بالأناشيد الحماسية الخاصة بالجهاد، ما تجعلهم في وضع حماسي مشابه للجنون. وهذه إحدى خطط المحرضين قبل أي مواجهة مسلحة، كي لا يعطوا الشباب المغسولة أدمغتهم فرصة لمراجعة أنفسهم قبل أي عمل إرهابي يُطلب منهم».
«عمر الحبيش»، أو «المنشد أبو أسيد المدني»، من تنظيم القاعدة في اليمن وجهادي قاتل في البوسنة في تسعينات القرن الماضي، أحد هؤلاء، فهو يعد منشد فرع القاعدة في اليمن، وهو معروف في أوساط المتشددين بـ«المنشد»، وتضيف صحيفة الحياة، 2014/2/22، «يسمع صوته كثيراً في أناشيد دعائية لـ«القاعدة» خلال تنفيذ هجمات أو عرض مقاطع عن «الاستشهاديين في القسم الإعلامي لفرع القاعدة في جزيرة العرب».
تعليقات