تنمية العباد أخلاقيا أهم من تنمية البلاد عمرانيا.. بنظر سامي الخرافي
زاوية الكتابكتب مارس 28, 2014, 1:04 ص 848 مشاهدات 0
الأنباء
جرس / 'دموع طالب'
سامي الخرافي
انتشر مؤخرا مقطع «يوتيوب» لمعلم خليجي يقوم بتصوير طالب وهو يبكي ويترجاه بأنه سيتعلم بالبيت ثم يأتي غدا بعد أن يفهم الدرس.
إن ظاهرة انتشار مثل هذه المقاطع لا ينبع من قلب معلم يخاف الله وينظر إلى طلابه بعين الأب الحنون والحريص على مستقبلهم، فلكم أن تتخيلوا أن يطلب المعلم من الطالب أن يحضر ولي أمره، ولا يعلم المعلم بأن ولي أمره متوفى منذ فترة، ومن ثم يذهب الطالب إلى قبر أبيه ليقول له «أبي» المعلم يريدك أن تحضر للمدرسة غدا.
وهنا سرح بي الخيال قليلا وتخيلت أن هذا الطفل «الأسمراني» قد أخذ جوازه من منزل والديه من أجل السفر لبريطانيا للدراسة، ولكم أن تتخيلوا طالبا في سنة العاشرة يتحدث بعفوية وبقهر عن معاناته لما حدث له مع ذلك المعلم لمكتب السفريات ليقنعه بشراء التذكرة.
وتخيلوا معي فقط كيف يقف طالب على «الطاولة» ويشرح للموظف ما حدث له مع المعلم الذي لا يحبه، لأنه دائما ما يستهزأ به أمام أصدقائه، فأردت أن أذهب للدراسة هناك ومثل ما يقولون: فأنا أريد لجوء «دراسي» فقد اخترت الدراسة في بريطانيا، لأني سمعت بأنها تحترم الطالب وتشجعه بل وتساعد الفاشل لكي ينجح، وليس مثل ما هو عندنا يساعدون الناجح للفشل.
ما شعر به الطالب هو بالتأكيد مشاعر وآلام الكثير من طلابنا في دولنا العربية من سوء معاملة من قبل أشباه المعلمين والمعلمات، الذين اتخذوا من مهنة التعليم «وظيفة» فقط.
دموع الطالب المقهور لخصت مفهوما واحدا من وجهة نظري بأن مناهجنا يجب أن تنسف عن «بكرة أبيها» فهي لا تخاطب الوجدان ولا تخاطب العقل والمناقشة والاستنتاج، بل تتجه لمفهوم واحد «أحفظ» وأنسى بعد ذلك ما درسته بعد الاختبار.
فعلى سبيل المثال إذا ما سأل الطالب المعلم سؤالا: ما لون السماء زرقاء ألم تكن حمراء؟ فيجيب المعلم غاضبا: ما تفهم يا غبي هي كانت منذ بداية العالم زرقاء يعني مالها مفهوم علمي يا أستاذ، أكثر ما يسمعه الطالب في مدرسته هو اسكت ولا تناقش و«الألفاظ البذيئة».
وأصبحت أجزم بأن تنمية العباد أخلاقيا أهم من تنمية البلاد عمرانيا، فلهذا السبب تفوق علينا الغرب علميا بإعطائهم لطلابهم مساحة كافية للنقاش والحوار من أجل فهم المعلومة بشكل واضح، ولكم أيضا أن تتخيلوا كم من التجارب التي تمت لطلابنا والسبب تجربة منهج تم استيراده من الخارج ونريد أن نجربه ونعمل له بعض التعديلات ثم يطرح في الميدان وبعد ثبوت فشله يتم تطبيق منهج آخر وهكذا، لذلك نرى أن طلابنا يحتلون المراكز الأخيرة في الكثير من المسابقات الدولية رغم ضخامة المبالغ التي ترصد من أجل التعليم، ولكن تعليمنا عبارة عن «حشو» معلومات لا تغني ولا تسمن من جوع، ومن هنا عرفت سبب رحيل الكثير من شبابنا إلى بلاد الغرب من أجل العيش هناك والتسلح بالعلم كما هي حالة الطفل «الاسمراني»، وهناك من يرجع لخدمة وطنه ولكنه يصطدم بالواقع، فإما أن يرجع من حيث أتى أو يتأقلم مع الوضع الذي هاجر بسببه وكأنك يا بوزيد ما غزيت.
وأخيرا نصيحة أخوية للمعلمين والمعلمات، ازرعوا الحب والحنان في نفوس طلابكم، فسوف تحصدون يوما ما ثمار جهودكم، بل والأهم من كل ذلك هو الأجر منه سبحانه وتعالى على تعبكم وإخلاصكم، ويقول الله سبحانه وتعالى للمصطفى صلى الله عليه وسلم «وإنك لعلى خلق عظيم» قاعدة مهمة جدا يحتاجها الكثيرون من معلمينا للسير عليها في تعاملهم مع أبنائهم الطلاب.
آخر المطاف: شكر خاص لمعالي وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد، ووكيل الوزارة الفريق سليمان الفهد وجميع منتسبي وزارة الداخلية على جهودهم المخلصة أثناء عقد مؤتمر القمة في الكويت، فحجم المسؤولية الملقاة على عاتقكم كانت كبيرة، من حيث تأمين سلامة جميع الوفود بالإضافة لتأمين الطرق لمرتاديها من الجميع، فلكم منا كل الشكر والثناء، وبارك الله جهودكم في خدمة وطنكم الكويت.
تعليقات