الفرق بين أخلاق الدول وأخلاق البشر!.. بقلم فاطمة البكر
زاوية الكتابكتب مايو 9, 2014, 12:42 ص 585 مشاهدات 0
القبس
وهج الأفكار / أخلاق الدول وأخلاق البشر
فاطمة عثمان البكر
هناك دول تبدي تسامحاً وتفاهماً كالبشر.
احتفالية خاصة ومميزة تنظمها وتقيمها جامعة السوربون في باريس كل عام للاحتفال بمؤسس علم الاجتماع الشهير على مدى قرون خلت. وقد كان لي شرف حضور جانب من هذه الاحتفالية. ويرأس هذه الاحتفالية رئيس قسم الفلسفة في الجامعة العريقة.
ابن خلدون هو مؤسس علم الاجتماع، ويرى في مقدمته الشهيرة ان هناك تشابهاً بين أخلاق البشر وأخلاق الدول، فالدول كالبشر في دورة حياتها: لها طفولة تكتشف ما حولها، ولها شباب يفور ويؤسس ويتعب للجيل القادم، ثم يأتي الجيل القادم وهو يتذكر فضل الآباء وكفاحهم، ويحاول المحافظة على ما قاموا به، يوسع ويؤسس ويرسخ، ويحاول ان يترك اشياء للمستقبل، ينتهي جيل الكهولة تاركا خيرا وفيرا للجيل القادم، الذي وصفه ابن خلدون بجيل الشيخوخة، وهو جيل عاش حياة العز والدعة والخير، لم يتمرن ولم يتمرس، ولديه ثروات كثيرة يعبث بها، فتبدأ الحاسدة تتسلل الى الدولة تحاول ان تنهشها.
أخلاق البشر وأخلاق الأفراد ايضا تشبه أخلاق الدول، البشر كالدول، تتحكم عقول ببعض الدول، وعواطف بالدول الأخرى، هناك دول لديها العزة والكرامة والقانون فوق الجميع. وفي المقابل، دول تجد لذتها في كسر القوانين وتطالب الآخرين باحترامها، دول تمجد العمل والبحث والدراسة، وتصل الى نتائج كما يصل اي طالب جاد، ودول تريد ان يأتي كل شيء إليها جاهزا مجهزا تماما، كأي مراهق همه قيادة السيارة لا كيف تعمل السيارة، دول تدوّر الصناعات وتؤسس على صناعات أخرى، ودول لا تعرف كيف تتخلص من النفايات.
هناك دول تريد لنفسها أن تكون محورا، ودول همها أن يأتي ذكرها في الأخبار فقط لتسمع اسمها كما البشر، دول تحب أن تتجمل، ودول خلقها الله جميلة دول تشوه جمالها بمساحيق لا تليق بسنها وعمرها ولونها، دول تقلد كل شيء فتكون صدى، ودول لا ترضى إلا ان تكون اصلا، هناك دول الدين عندها كل شيء، وهناك دول تبدي تسامحا وتفاهما تماما كالبشر، وكما يمرض البشر هنا دول تمرض وتفقد شهيتها ووزنها، وهناك طبابة للدول كما هناك طبابة للبشر.
الدول صناعة بشرية ويقع عليها حيف وحوب كما يقعان على البشر تماماً!
تعليقات