عبد العزيز الفضلي يحذر من التآمر على إسقاط الحاكم المختار من قبل الشعب

زاوية الكتاب

كتب 608 مشاهدات 0


الراي

رسالتي  /  وسقط الوزير الخائن

عبد العزيز صباح الفضلي

 

لم يَجْنِ خونة الأوطان عبر التاريخ سوى اللعنات والشتائم التي تلاحقهم حتى في قبورهم، ولذلك كان العرب يقولون:

إذا جاء الفرزدق فارجموه.. كما ترمون قبر أبي رغال

وأبو رغال هو الذي دل أبرهة الحبشي على مكان الكعبة عندما أراد هدمها ولم يستدل على طريقها، فكانت العرب تلعن أبا رغال، وكلما مر حجاج بيت الله الحرام على قبره رجموه.

ومن أشهر الوزراء الخونة لأمتهم وأوطانهم «ابن العلقمي» والذي كان له الدور البارز في سقوط بغداد في يد هولاكو، ومن ثم تدميرها.

وثق الخليفة العباسي المستعصم بابن العلقمي - باطني المذهب - وجعله وزيرا في دولته، وألقى إليه زمام الأمور، لكن ابن العلقمي لم يرع هذه الأمانة ولم يقدر هذا الفضل، بل عمل على إسقاط الخلافة العباسية، وكانت خطته تمر بثلاث مراحل:

الأولى : إضعاف الجيش الإسلامي:

بقطع أرزاق العسكر، وتقليل النفقات على الجهاد فكان ابن العلقمي يجتهد في صرف الجيوش، وإسقاط اسمهم من الديوان، فكان العسكر في آخر أيام المستنصر قريبًا من مئة ألف مقاتل، فلم يزل يجتهد في تقليلهم، إلى أن بات عددهم لا يتعدى العشرة آلاف في زمن المستعصم.

والثانية : مراسلة التتار:

حيث كاتب التتار؛ وعرض عليهم المساعدة في اقتحام بغداد وإسقاطها، وأمدَّهم بما يحتاجونه من المعلومات، وحكى لهم حقيقة الحال، وكشف لهم ضعف الرجال.

والثالثة : التخذيل عن مواجهة التتار:

فقد قام بتثبيط الخليفة عن جهاد التتار، ونهى عامة الناس عن قتالهم، وقاوم كل من دعى لجهادهم، ومن مكره وخبثه أنه أوهم الخليفة بأن ملك التتار يريد مصالحتهم، وأشار على الخليفة بالخروج إليه، والمثول بين يديه لتقع المصالحة وليحقن دماء المسلمين، فخرج الخليفة إليه في سبعمئة راكب من القضاة والفقهاء والأمراء والأعيان.

فكان في ذلك الخروج هلاكه وقتل كل من كان معه من قواد الأمة وأعيانها، ثم دخل هولاكو بغداد ليقوم بتدمير مكتبة بغداد العظيمة، وألقى التتار بكتبها في نهر دجلة، حتى تحول لون مياه نهر دجلة إلى اللون الأسود من أثر مداد الكتب، وحتى قيل: إن الفارس التتري كان يعبر فوق المجلدات الضخمة من ضفة إلى ضفة.

وكثُر القتل في أهل بغداد وخاضت أرجل الخيل في الجثث والدماء، وانتشر الطاعون نتيجة الجثث المنتشرة في كل مكان.

عين هولاكو ابن العلقمي حاكمًا صوريا على بغداد، بينما كانت القيادة الفعلية للتتار.

وكانت الإهانات تتوالى على ابن العلقمي حتى من صغار جند التتار، ومنها ما ذكره السُّبكي بقوله: «وأما الوزير - اي ابن العلقمي - فإنه لم يحصل على ما أمَّل وصار عندهم أخس من الذُّباب، وندم حيث لا ينفعه الندم، ويحكي أنه طُلِب منه يومًا شعيرا، فركب الفرس بنفسه ومضى ليُحصِّله لهم، وهذا يشتمه وهذا يأخذه بيده، وهذا يصفعه بعد أن كانت السلاطين تأتي فتُقبِّل عتبة داره، والعساكر تمشي في خدمته حيث سار من ليله ونهاره.

مات ابن العلقمي بعد شهور قليلة من دخول التتار لبغداد مهانا محتقرا، فلم يستمتع لا بملك ولا حكم، وكان ذلك عقوبة ربانية لخيانته.

إن هذا هو مصير كل من خان وطنه، وتآمر على إسقاط الحاكم المختار من قبل الشعب، فهل من متعظ؟

****

وصية:

يقول العرب: احذر عدوك مرة، واحذر صديقك ألف مرة، فلربما انقلب الصديق، فكان أعلم بالمضرة.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك