خالد الجنفاوي يحذر من استعمال خطاب التجريد من الانسانية في إقصاء المختلفين
زاوية الكتابكتب مايو 23, 2014, 1:35 ص 827 مشاهدات 0
السياسة
حوارات / خطاب التجريد من الإنسانية
د. خالد عايد الجنفاوي
لَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا” (الاسراء 70).
يستعمل الكارهون للآخر خطاباً سلبياً للغاية يمتلئ بالكراهية والحقد ضد الآخر المختلف. ولعل ما يتصف به هذا النوع من الخطابات الكريهة هو محاولة من يستعملها تجريد الآخر المختلف من الإنسانية والتقليل من آدميته و نزع أي طابع إنساني يمتلكه الآخرون, ولقد استمر العنصريون والفوبائيون عبر التاريخ في استعمال خطاب الكراهية ضد المختلفين عنهم عرقياً ودينياً ومذهبياً وثقافياً, فخطاب التجريد من الإنسانية خطاب تدميري يتم استخدامه غالباً قبل البدء بإقصاء أو قتل وتدمير المختلفين.
عندما يحاول أحدهم إزاله الصفات البشرية من الشريك الآخر في المجتمع أو الفرد المختلف, فهو يحاول إزالته من الوجود الإنساني عن طريق البدء في إزاله الصفات البشرية عنه. ويمتلئ قاموس الكارهين للآخر بكلمات مثل “جرذان, حيوانات, حثالة, خونة…الخ وهو ما تطلقه عادة ألسنة وأقلام بعض الكارهين لكل ما هو مختلف عنهم.
أعتقد أن من يحاول تجريد الآخر المختلف من الصفات الإنسانية يفتقد هو نفسه الإنسانية والرحمة والتعاطف الإنساني الطبيعي. فالتجريد من الإنسانية وخصوصاً ضد من هم أضعف أو أقل حظاً في الدنيا, لا يستعمله سوى من فقد إنسانيته وآدميته وبدأ ينظر للعالم الخارجي بعيون الكراهية السوداء. وعقل الكاره يمتلئ أيضاً بكوابيس وسيناريوهات دموية ضد من هو مختلف عنه. بل إن من يستعمل خطاب التجريد من الانسانية يعيش معاناة يومية قاسية تتمثل في امتلاء قلبه وعقله بكل أنواع الحسرة والألم والغيرة القاتلة والكراهية السوداء, فكيف بهذا النوع من بني البشر أن يعيش حياة إنسانية آمنة ومطمئنة أو متكاملة?
من يكره الآخرين المختلفين لأنهم مختلفون عنه عرقياً أو دينياً أو ثقافياً لا يمكن أن يدخل الحب قلبه, وإذا زعم أحد هؤلاء الفوبائيين أنه يحب أعضاء أسرته أو شريك حياته أو يحب نفسه فهو يكذب. فلا يمكن للكراهية والحقد الأعمى والحب أن تجتمع في قلب يكره الآخر المختلف فقط لأنه ينتمي إلى جماعة عرقية أو دينية أو مذهبية مختلفة. نزع الصفات البشرية من الإنسان المختلف لن يؤدي إلى تحويله في ليلة وضحاهاً إلى حيوان أو جماد, بل من يتحول إلى مسخ شرس وجماد لا يفقه هو من أدمن استعمال خطاب التجريد من الانسانية ضد الآخرين المختلفين.
تعليقات