الأمة الغاضبة لا تعرف ثقافة التعامل الإنساني الرحيم.. هكذا يعتقد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 601 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  /  أمة غاضبة

د. خالد عايد الجنفاوي

 

“وَلَوْ كُنْتَ فَظا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ” (ال عمران 159). يصعب التعميم السلبي ضد ثقافة, أو شعب, أو أمة معينة, فلكل قاعدة استثناء أو استثناءات عديدة, ولكن تبقى سمات ثقافية معينة تفرق بين أمة وأخرى يصعب تغييرها بين ليلة وضحاها. على سبيل المثال, توجد ثقافات إنسانية تستند في نماذجها التفكيرية النمطية الى التفكير العملي, والكفاءة, وإجادة العمل ودقة الوقت, وهناك أمم يكثر فيها الكسل, وقلة تحمل المسؤولية الفردية, بل ثمة أمم تبتسم غالباً واخرى عابسة وغاضبة دائماً, ليس بسبب سوء أحوالها الاجتماعية او الاقتصادية, بل يرجع ذلك إلى نموذج التفكير الفطري الذي ترتكز عليه الامة الانسانية الغاضبة. الأمة الغاضبة يكثر فيها الحنق, والعنف, اللفظي والجسدي, ويكثر فيها التماحك والتأزيم المتعمد والتخوين المتبادل, ويكثر فيها أيضاً رفض الاختلاف والرأي الآخر, بل يكثر في الامة الغاضبة الصراخ والضجيج المصطنع, وتكاد تغيب فيها ثقافة الايثار المدني, ويكثر ايضا رفض التعاون والتعاضد المجتمعي بسبب الانانية, وعدم الرغبة في تحمل المسؤولية الفردية والاجتماعية. هذا النوع من الأمم الغاضبة تكثر فيها المآسي الثقافية والاجتماعية, وذلك بسبب حنق كثير من الأفراد ضد أنفسهم وضد شركائهم في المجتمع أو بسبب حنق البعض ضد كل ما هو مختلف عنهم ! إضافة إلى ذلك, تكثر في الأمة الغاضبة الفظاظة, ومكابرة بعض الأفراد وجلافة تعاملهم مع أنفسهم ومع الآخرين, فيصعب مثلاً توقع أن تكتسب الامة الغاضبة ميزة, الاتيكيت أو التعامل المتحضر, أو آداب التعامل اليومي المدني, فلا يمكن أن تتكرس الحياة المدنية السمحة في مجتمعات تكاد تغيب فيها ثقافة التعامل الانساني الرحيم مع ما هو خارج الأنا المتضخمة والانانية. الامة الغاضبة تعمل بغير أسسها الاخلاقية, والدينية, والثقافية التاريخية فتزيد فيها الفظاظة وغلظة القلب, بل تروج فيها الشعارات البراقة وتمجيد الماضي الذهبي بينما تتم مخالفة المبادئ الأخلاقية السامية في الحياة اليومية. تزيد في الامة الغاضبة الأنفة المصطنعة ضد الآخر المختلف, وبخاصة التكبر المبالغ فيه ضد الثقافات الانسانية الأخرى. تستمر الأمة الغاضبة حانقة ضد الآخر المختلف لأنها تعتقد أنها الأفضل في العالم, وأن الآخرين, وبخاصة من ينتمون الى ديانات وثقافات إنسانية مختلفة أقل آدمية, بينما يطلعنا عالمنا المعاصر وبشكل يومي على تجليات ونشاطات إنسانية رحيمة للغاية يمارسها “أعداء” الأمة الغاضبة ! 

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك