حسن كرم يطالب بإعادة عقوبة الجلد في الكويت

زاوية الكتاب

كتب 828 مشاهدات 0


الوطن

أعيدوا عقوبة الجلد

حسن علي كرم

 

بداية لابد من توضيح أن دعوتنا إلى إعادة عقوبة الجلد التي كان معمولاً بها في فترة ما قبل تطبيق القوانين الجزائية الحديثة ليست دعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية، فثمة فرق بين تطبيق الشريعة الإسلامية كنظام تشريعي وتطبيق عقوبة رادعة، فالكويت حتى ما قبل تطبيق القوانين المدنية لم تكن تطبق قوانين الشريعة بدليل أنه في الوقت الذي كان يؤخذ بعقوبة الجلد والصلب في السرقات، كانت الخمور مباحة، وقد منعت الخمور في الستينيات بواسطة مجلس الأمة وليس قبل ذلك.
لقد كانت الكويت منذ نشأتها متسامحة ومتصالحة مع نفسها، ولولا التسامح والتصالح لما ازدهرت هذه البقعة المباركة من أرض الله بأهلها الأوفياء الذين تمسكوا بها رغم قساوة الطبيعة وشح الموارد، ولعل سمة التسامح والتصالح جعلت الوسطية ديناً ومذهباً ومظلة يستظل بها كل المحبين والباحثين عن العدالة والحرية والكرامة الإنسانية.
إن الدين لا يتحقق بالممارسة العبادية اليومية وحسب، إنما يتحقق الدين بالأخلاق (إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق) فيما قيمة العبادات اليومية إذا لا يردع المرء عن ارتكاب المعاصي والرذائل وأكل الحرام، هذه مسألة مهمة جداً جاءت في سياق موضوعنا عرضاً بقصد التوضيح ولا ريب في أنه مطلوب من أهل العلم وأهل الذكر التركيز على الجانب الأخلاقي للدين، فرأسمال المرء ليس بماله أو بجاهه أو بشهرته أو عدد أفراد أسرته وعائلته أو قبيلته، إنما رأسمال الإنسان أخلاقه، وقد خاطب الله رسوله الأمين قائلا: {وإنك لعلى خلق عظيم} ولم يقل له «إنك على دين عظيم» ذلك أن عظمة الدين بعظمة الأخلاق، ومن المؤسف أننا اليوم لئن نتمسك بالدين وبالممارسة اليومية الآلية، لكننا قلما تمسكنا بأخلاق الدين من نظافة الكف ونظافة القلب والضمير وعفة اللسان، والإخلاص بالعمل والصدق في القول والصدق مع النفس أولاً والصدق مع الآخرين ثانياً.
من هنا وطالما نفتقد كل ذلك من الخصال الدينية الواجبة، وطالما أن الردع من ارتكاب بعض الجرائم ولاسيما الشركات وتجارة المخدرات والتحرش بالنساء في الأسواق والأماكن العامة، وغير ذلك لم تمنعها القوانين الوضعية فلابد من طرق السبل إلى وسائل ردع فاجعة.. في كتابه الرائع (الكويت كما عرفتها) يذكر الدكتور يعقوب يوسف الحجي عن مظاهر الأمن في فترة الخمسينيات من القرن الماضي حيث جاء النص التالي «أما الأمن الداخلي فقد كان مستتباً آنذاك في الكويت، وذلك نتيجة لجهود الشيخ عبدالله الأحمد الصباح المشكورة ولكن عبدالله الأحمد تركنا عام (1957) وبذهابه ذهب أسلوبه في الردع والتأديب»، وفي السياق ذاته يذكر أنه في تلك الفترة (الخمسينيات) جاء لص محترف معروف في بلاده إلى الكويت ليمارس مهنته في اللصوصية، فوصل إلى ساحة الصفاة وهناك شاهد تجمهراً من الناس، فلما اقترب من المكان وجد شخصاً ممدداً على الأرض ويتولى شخص ضربه بالخيزرانة على ظهره، فسأل: ما الحكاية؟ فقيل له إنه حرامي نفذت عليه عقوبة الضرب، فقال لنفسه لا مكان لي في هذا البلد، فعاد أدراجه فوراً إلى حيث قدم..!!.
البلد كثرت فيه في السنوات الأخيرة اللصوصية وكثرت فيه جرائم السرقات وكثرت فيه جرائم المخدرات والتحرش والهتك للأعراض حتى باتت هذه الجرائم بمنزلة الظاهرة في مجتمع الثراء والرفاهية، يحدث هذا فيما لا تتحرك مؤسسات الدولة التشريعية والأمنية والسياسية للحد من هذه الجرائم التي باتت مخاطرها واضحة على أمن وسلامة المجتمع، وذلك بإعادة النظر بالتشريعات غير الرادعة وغير الفاعلة والتي لا تتناسب وطبيعة مجتمع ثلاثة أرباعه من الوافدين والربع الباقي لا يعبأ بالقوانين (…) يقول الكاتب الزميل حمد السريع وهو ضابط شرطة (متقاعد) في مقال نشره أخيراً في الزميلة «الأنباء» إن هناك تساهلاً في تنفيذ الأحكام التي تصدر من المحاكم وأن المجرم يظل حراً طليقاً لكون المحاكم تأخذ بدرجات ويطالب بتغيير القوانين ليتم حجز المجرم الذي يصدر عليه حكم في محاكم الدرجة الأولى حتى صدور الأحكام النهائية، معللاً أن المجرم يعلم أنه مذنب وأنه ستصدر عليه العقوبات الجزائية وبذلك يكون حراً طليقاً يمارس جرائمه في اللصوصية والسرقات والاقتحامات والأشجار بالمخدرات وغير ذلك.
من هنا نعود لنقول إن دعوتنا لإعادة عقوبة الجلد ليست دعوة للعودة إلى الوراء إنما دعوة لإيجاد وسيلة من وسائل الردع، ذلك أن رخاوة العقوبات وضعف التنفيذ أوجدا في المجتمع فئة ضالة ومنحرفة تمادت في الإجرام وباتت تهدد أمن وأمان المجتمع.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك