الكويتيون أكثر وعياً من الاستغفال المتعمد والتحريض ضد إرادتهم.. بنظر وليد الرجيب
زاوية الكتابكتب يونيو 11, 2014, 1:47 ص 866 مشاهدات 0
الراي
أصبوحة / آن أوان الحقيقة
وليد الرجيب
يُنشر هذا المقال قبل أن أعرف ماذا حدث في ساحة الإرادة مساء أمس، بدعوة من الأمين العام لـ«حشد» النائب السابق مسلم البراك، وأتمنى من كل قلبي أن تكون الندوة قد مرت على خير، دون بلبلة أو صدامات قد تكون تداعياتها خطيرة.
في كل تجمع بساحة الإرادة سابقاً، كان من بين الجمهور مجموعة كبيرة من رجال أمن الدولة والمباحث بلباس مدني، الذين يرصدون بالصوت والصورة كلام المحاضرين، حيث بات معظم المشاركين بالحضور يعرفونهم بأشخاصهم وتحركاتهم المكشوفة، وتجمع مئات من الصور وأفلام الفيديو للحضور والقائمين على الندوات، لتستخدم لاحقاً اما للاستدعاءات وإما الإدانة وغيرها من الإجراءات الأمنية، أو حتى لإرهاب الشباب ومنعهم من الحضور والاستماع لما يقال في الندوات، وهذا دور ترى وزارة الداخلية أنه جزء من واجبها لحفظ الأمن وحماية المجتمعين.
لكن الأخطر على التجمعات هو وجود شخصيات استفزازية مشبوهة، تشوه صورة التجمع السلمي الذي كفله الدستور الكويتي، في محاولات لجر الجماهير للصدام مع رجال الأمن أو للتخريب، وهؤلاء يلعبون دور البلطجية والشبيحة، الذين من مهماتهم ليس فقط تخريب مثل هذه التجمعات بل وتشويه صورتها وغاياتها أمام الرأي العام، وقد استخدمت الأنظمة العربية القمعية والمستبدة مثل هؤلاء العملاء، وأصبح لدى الشعوب العربية خبرة في معرفة أشخاصهم ودورهم، وهذا حدث في كل التجمعات والتظاهرات والإضرابات التي حصلت في البلدان العربية، سواء في ثورات ما يسمى بـ«الربيع العربي» أو غيرها.
وعادة لا تستجيب القوى السياسية المنضبطة لمثل هذه الدعوات وتُحذر منها في كل مرة، لأنها تحرف هدف التجمعات عن مسارها، وتزيّف الحقائق أمام الشعب، خاصة في المجتمعات غير الديموقراطية أو ذات الديموقراطية الشكلية، فتخرج التصريحات الرسمية التي تشبه كل التصريحات المماثلة في البلدان العربية، بأن هؤلاء غوغاء ومشاغبون ومخربون، هدفهم زعزعة الأمن والاستقرار.
وقد أصدرت الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان بياناً قبل التجمع يوم أمس الثلاثاء، دعت فيه إلى كفالة حرية التعبير والتجمع، حيث نصت المادة 36 من الدستور على أن حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة وغيرهما، كما نصت المادة 44 منه على حق الاجتماع دون حاجة لإذن أو إخطار سابق، ولا يجوز لأحد من قوات الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة والاجتماعات العامة.
وقد كان تجمع «حشد» قد أعلن في وقت سابق أن وزارة الداخلية قد قامت بعدة إجراءات لعرقلة الناس عن الحضور للندوة، مثل قطع الكهرباء عن ساحة الإرادة ونيتها لإقامة نقاط تفتيش في الطرق المؤدية للساحة، ونصح بعض الناشطين بعدم الحضور من خلال التهديد والتخويف المبطنين، كما ساهمت بعض الصحف التي تصدرها بعض القوى السياسية في هذا الاتجاه الحكومي، من خلال التهكم والإساءة إلى «حشد» وجماعة ما يسمى بالأغلبية، للتقليل من شأن وأهمية الندوة.
إن الناس التي تحضر مثل هذه الندوات تريد الاطلاع والاستماع إن كان ما يقال لصالحها، أم أنه أجندات ودعاية انتخابية، هناك وعي جماهيري يستطيع التمييز، وهناك تذمر جماهيري من تراخي السلطة عن كشف الحقائق واتخاذ إجراءات ضد الفساد والمفسدين، الناس حريصون على وطنهم ومستقبل أجيالهم القادمة، ويريدون الاطلاع على الحقائق، فالأفضل أن تتصرف السلطة بشفافية ومسؤولية، دون تكميم للحريات أو قمع أو توفير غطاء للسارقين والفاسدين، ويكفي الحكومة من أدوات مثل الصحف الموالية والمجلس الخاضع لأوامرها، والقوى السياسية والأشخاص المرتبطين بها وبأمن الدولة، فالناس تعرفهم جيداً وهم أكثر وعياً من الاستغفال المتعمد والتحريض ضد إرادتهم.
تعليقات