السرقة والرشوة والنهب أصبحت 'سنناً' كويتية.. برأي الدعيج

زاوية الكتاب

كتب 799 مشاهدات 0


القبس

لماذا لم يستقل أو ينتحر أحد؟

عبد اللطيف الدعيج

 

بحسب اطلاعاتنا وخبراتنا بحياة شعوب العالم، خصوصا المتحضر منه. انه ما ان تثار فضيحة هناك حتى يبادر المتهمون بها الى «قص الحق من انفسهم»، وذلك عبر تقديم استقالاتهم او تخليهم عن مسؤولياتهم التي اتهموا بالتفريط فيها او استغلالها. بعضهم، وبرع اليابانيون بهذا، يتمادى اكثر ويقدم على انهاء حياته وليس اعماله فقط، اقرارا بالفضيحة وتهربا من مواجهة المجتمع بها. هنا الامر غير.. تماما غير. في السنوات الاخيرة اثيرت فضائح او بالاحرى اتهامات كثيرة ومتعددة، كلها او ربما جلها يتعلق باختلاسات من المال العام او رشوة ومرتشين، كما حدث ويحدث مرارا في الانتخابات، او كما في قضية الايداعات او الرشوة الاخطر الاخيرة ان صحت، والمتهم بها بعض الافاضل من رجال القضاء.

الملاحظ ان احدا لم يقر او يعترف، او على الاقل يغادر البلد تجنبا للمواجهة او «الفشلة». وفي المقابل ايضا فان احدا لم تتم ادانته، بل لندع الادانة جانبا إذ انه في الواقع بالكاد ثبتت صحة تهمة واحدة من العشرات، او بالاحرى المئات ان شئنا حساب كل اشارة او نغزة هنا وهناك، وبالكاد ايضا تم التعامل الجدي مع العشرات والمئات من التهم او بالاحرى الاشاعات التي اغرقت البلد بالفساد المزعوم.

والغريب ان هناك «تصديق» وبصم على صحة اي اشاعة او اتهام. وهناك ايضا إشراك للمال العام عنوة في كل قضية وكل مناسبة. قضية الايداعات التي هزت البلد، والمتهم فيها نواب بالقبض تطرح على انها قضية مال عام، رغم ان احدا لم يوضح طبيعة ومصدر الاموال المستخدمة. القضية الحالية المرفوعة من الشيخ احمد الفهد يتعامل جميع اتباع المعارضة من كبيرهم الى صغيرهم معها على انها قضية مال عام. ويحلم بعضهم باسترجاع خمسة وستين مليارا منها الى المال العام. رغم انه لا الشيخ احمد ولا اي من الحالمين حدد لنا مصادر الاموال العامة وكيف تمت عملية الاستيلاء عليها.

المهم نعود الى موضوعنا الاساسي.. وهو لماذا لا يقر او يشعر احد من المتهمين بالفساد او الرشوة او السرقة بالامر؟ ولماذا يصر المتهمون على الانكار بل وممارسة نشاطهم السياسي والاجتماعي كأن شيئا لم يكن؟ ولانعاش ذاكرة البعض فان الشيخ احمد نفسه، الحامي الحالي للمال العام كان متهما بقضية «هالبرتون». طبعا لم يعترف الشيخ احمد ولم ينتحر، حاله حال بقية من اتهموا، ولم تكن هناك قضية اصلا. بل تم حفظ القضية.

مرة أخرى لماذا لا ينسحب أحد او تقضي الاتهامات عمليا او سياسيا على المتهمين، او على الاقل على نشاطهم السياسي والاجتماعي؟ طبعا الاحتمال الاول ان كل الاتهامات كذب في كذب، وأن البعض يغالي في الخصومة ويسترخص ذمم الاخرين. ربما هذا صحيح بعض الشيء، وربما في اغلب الحالات. لكن اعتقادي ويقيني ان القضية اكبر من هكذا بكثير.. وان السبب الاساسي ــ وهو ما سينكره او يكرهه الكثيرون ــ يعود الى ان السرقة والرشوة والنهب اصبحت «سننا» كويتية وعادات وممارسات يتعايش معها المواطن الكويتي يوميا. وبما ان الجميع.. كل الكويتيين متورطون بهذا الحجم او ذاك في تجاوزات على القوانين او استحواذ غير مشروع على املاك الدولة او المال العام، فان تهم الاختلاس والسرقة والرشوة تبقى في النهاية تهما عادية، ومن السهل وحتى المقبول إطلاقها او وصم ايا كان بها. لهذا يمكن التعايش معها وبها.. فهي في النهاية جزء من السلوك اليومي الكويتي.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك