الخروج من دائرة الجدل العقيم يبدأ بالتوقف عن تصديق الفبركة.. برأي خالد الجنفاوي
زاوية الكتابكتب يونيو 27, 2014, 1:29 ص 739 مشاهدات 0
السياسة
حوارات / لا تسلم عقلك الحر على طبق من فضة
د. خالد عايد الجنفاوي
يفترض بالإنسان العاقل أن لا يُسلِّم عقله الحر والمستقل على طبق من الفضة للديماغوجيين والمحرضين, ومن يسعون الى تشويه الحقائق والوقائع لمصالحهم الشخصية. هناك أشخاص آلو على أنفسهم نشر الجدل العقيم في المجتمع بهدف التكسب الشخصي. والجدل العقيم يعني أي نوع من الحديث فارغ المضمون, وبخاصة الذي يرتكز على “علك” متكرر للفرضيات المفبركة التي لا يقبلها منطق ولا تقبلنها العقلانية, بل تتعارض بشكل فج مع كل ما هو سائد ومتوافق عليه وتقبله أذهان العقلاء.
توجد أزمة فعلية في سياقنا الثقافي والديمقراطي المحلي, تتمثل في وقوع عدد قليل من الأفراد في “دائرة الجدل العقيم” حيث يُقدمون, وباختيارهم, عقولهم المستقلة على طبق من الفضة لكل فاه فاغر متصنع, وديماغوجي, وجاحد, ومنكر للمواثيق والعهود المتوافق عليها, فعندما يستغرق أحدهم في الجدل من دون دراية وإدراك حقيقي لمعنى ما يردد, ويكرره من سجالات لا معنى لها, وتطلقها بعض الحناجر الديماغوجية الملتهبة, فهو يقدم عقله وضميره الحر هدية مجانية لكل من يسعى الى استغلاله.
الخروج من دائرة الجدل العقيم يبدأ بالتوقف عن تصديق كل ما تطلقه ألسنة, وأقلام, وأبواق الاتهامات المفبركة التي انغمست في غيها حتى الثمالة, وبدأت تجري بهوس خلف الفتن والقلاقل.
الإنسان المستقل لا يقدم عقله وقلبه هدية على طبق من الفضة لكل طرح ديماغوجي مفبرك, ولكل شخص يحاول السيطرة على عقله المستقل.
الخروج من دائرة الجدل العقيم يبدأ في عدم المشاركة بسجالات وحوارات أحادية تقدم جانباً واحداً, ومفبركاً, ومتضخماً, ومشوهاً لموضوع معين وتُغَيِّب عن عمد جوانبه الأخرى.
المتعنتون والأنانيون يسعون فقط الى تحقيق مصالحهم الشخصية والسياسية الضيقة, ويشوهون الحقائق والوقائع ويقدمون تصورات مبالغ فيها حول الواقع المحلي.
الإنسان الرزين هو من لا ينقاد بسهولة خلف كل ما تطلقه بعض الحناجر الملتهبة, بل يُمحص ما يسمعه ويقيسه وفقاً لمعايير المنطق والعقلانية.
يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” (الحجرات 6). ولذلك فمن المنطق والعقلانية, ووفقاً لأبسط مبادئ الحس السليم, ان على كل إنسان عاقل ذي رأي حر ومستقل ومستنير أن ينأى بنفسه عن تكرار الاتهامات المفبركة والإشاعات المغرضة والتقولات المصطنعة, قبل أن يصبح من النادمين.
تعليقات