للفساد أنواع خفية يكشفها عبد العزيز التويجري

زاوية الكتاب

كتب 663 مشاهدات 0


القبس

أنواع خفية من الفساد

عبد العزيز التويجري

 

ينحصر مفهوم الفساد غالباً في السرقة، خصوصاً سرقة المال العام. لذلك، فإن أي ممارسة سلبية أو سيئة أخرى قد لا يحسبها المجتمع ضمن هذا المفهوم، وهو خطأ كبير نقترفه وندفع ثمنه أضعاف الفساد التقليدي.

وهذا يعني أن هناك فساداً ظاهراً وآخر مخفياً، ومن أنواع الفساد المخفي ما يلي: فساد سياسي، وفساد اقتصادي وفساد إداري وحتى فساد اجتماعي. وسأعدد هنا بعض أشكال هذا الفساد: عدم تنفيذ الأحكام يعد فساداً، والحصول على مكتسبات بسبب المحسوبيات والواسطة هو فساد، والبطالة المقنعة هي فساد، والمرشح للمجلس النيابي أو البلدي الذي لا يفي بوعوده للناخبين هو فاسد، والتلاعب بالأسواق التجارية على حساب المستهلك هو فساد، وخيانة الأمانة بطرق مختلفة هي فساد، وكذلك الإهمال الوظيفي والتسيب والتبذير والإسراف والتحيز للظالم على حساب المظلوم، والتسلق بطرق غير مشروعة، والتملق على حساب كلمة الحق والتربص للآخرين للإيقاع بهم والتطفل على حياة الناس بغرض إيذائهم والتقليل من شأن الإنجازات وتعطيل المشاريع. كل ذلك هو فساد.

بل ان هذا النوع من الفساد هو الأخطر، لأنه غالباً ما يكون غير ظاهر، ولا مرئي، وربما حتى القانون لا يعده ضمن المخالفات التي تستوجب العقوبة. وأصحاب هذا النوع من الفساد تكون لديهم مقدرات كبيرة على القيام بهذه الأعمال، ولا أحد يكتشف سلوكياتهم، وقد يظهرون برداء الملائكة أمام الناس.

وقد بدأت هذه الظواهر السلبية الخفية تتمدد في السنوات الأخيرة، وبعضهم يسميها فهلوة أو شطارة، وقد يحظى بالمديح من الناس، كأن يستطيع أحدهم أن يتملص من تطبيق الأحكام مثلاً، فهذا يعتبر عند بعض الناس بطولة، وينظرون إلى الشخص على أنه عنيد ومتمرد ولا احد يقدر عليه.

نريد حقاً أن نستعيد وعينا الاجتماعي وعرفنا الأخلاقي الذي جبلنا عليه في الكويت قديماً، ذلك ان الكثير من انواع هذا الفساد لا يمكن إبجاد حل له إلا عن طريق الأخلاق والضمير والتنشئة التي تربى عليها أجدادنا من أخلاق ووفاء لبعضهم، فكثير من أنواع هذا الفساد يعد طارئاً وحديثاً على مجتمعنا جاء نتيجة هجمة عصر الاستهلاك وهيمنة النظرة المادية على حياتنا، ولكن هذا مبرر غير منطقي أيضاً، لأن المجتمع بهذا الشكل سوف يأكل نفسه، وقد يأتي الغد بكثير من الاحتمالات المجهولة، فها نحن نرى كيف تتهاوى الدول الإقليمية من حولنا، وإذا لم نتماسك أخلاقياً من الداخل فسوف نكون فريسة سهلة لهذا المجهول.

***

• ومضة

قال أحدهم للشافعي رحمه الله:

غداً نتحاسب.

فأمسك الإمام يده وقال له:

بل غداً نتسامح.

إن أخطأت بحقك سامحني، وإن أخطأت بحقي أُسامحك.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك