ما يحدث في العراق أزمة فكر الإنسان العربي.. بنظر صالح الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 404 مشاهدات 0


الأنباء

بلا قناع  /  مستقبلهم.. ماضيهم

صالح الشايجي

 

ما يحدث في العراق هو أزمة كل فرد عربي، وما العراق إلا ساحة عرض لها.

هي أزمة فكر الانسان العربي وقناعاته وثقافاته واستنتاجاته وسلوكياته، ماضيه يهزم واقعه ومستقبله.

وهي أزمة تاريخية تبدل أثوابها كل حين، وتطل بوجه جديد وبزي جديد كل حين.

أزمة العرب تتلخص في أنهم يستلهمون ماضيهم في رسم مستقبلهم وواقعهم، يلتفتون الى الوراء ويريدون التقدم للأمام، وهم غير مدركين أن هذا الماضي ليس صحيحا كله وغير جيد كله، وأنه مجرد صفحات تاريخ كتبها أناس ذوو أغراض معينة وأملتها ظروف سياسية معينة، ولا يجدر بها أن تكون معلمتهم وخارطة مستقبلهم.

يلبسون باملاءات الماضي ويأكلون ويشربون ويتكلمون ويستنتجون بناء على تلك الاملاءات ويخططون لحياتهم بناء عليها.

وبناء عليها أيضا يكرهون ولا يحبون ويتحاربون ويتقاتلون.

وثمة من له مصلحة في هيمنة الحالة الماضوية والفكر الماضوي على العرب، إلا العرب أنفسهم لا مصلحة لهم فيما يحدثونه في أنفسهم وفي بلدانهم.

إنهم يدمرون حياتهم بأيديهم وبإرادتهم ثم يبكون على حالهم وعلى ما جرى لهم ويدعون بأن هناك من يتآمر عليهم، رغم أن هذا المتآمر ـ وإن سلمنا بوجوده ـ لم يمد يده ولم يشعل عود ثقاب واحد ولكنهم هم الفاعلون وهم المنفذون، ولولاهم لما استطاع المتآمر تحريك كرسي واحد في العالم العربي من مكانه.

كل ما يمر بالعرب من سوء هو من صنع أيديهم لا من صنع غيرهم.

الشعوب العربية تتهم حكامها بالتخاذل والتبعية والتآمر والاستبداد، ولكن ما يشهده الواقع العربي الآن هو من صنع الشعوب نفسها وليس من صنع حكامها.

شعوب تثور ضد الاستبداد لتنفذ استبدادا أكبر من الذي ثارت عليه، بما يعني أنها ثارت ضد قلة الاستبداد لا ضد مبدأ الاستبداد، وفي النتيجة هي ثارت ضد نفسها.

أنا لا أبرئ الحكام العرب مما أضحت عليه شعوبهم، فهم الذين ربوهم على هذه الماضوية، ظنا منهم أنها ستساعدهم على انقياد شعوبهم وسهولة التحكم بهم، ولكنهم هم، أي الحكام، ربما لم يقرأوا ذلك الماضي جيدا لذلك ثار عليهم ذلك الماضي الذي لم يقرأوه جيدا ولكن شعوبهم قرأته جيدا ووعته.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك