بيئتنا السياسية كما يراها حسن كرم ملوثة
زاوية الكتابكتب يونيو 28, 2014, 1:49 ص 517 مشاهدات 0
الوطن
رأينا الدخان ولم نر النار..!
حسن علي كرم
حتى هذه اللحظة لم نر من النار إلا دخانها أو لنقل ما يشبه الدخان الذي يغطي الفضاء فجعلوه ملوثاً.. وهو فضاء أكاد أزعم أنه ملوث أصلاً، وما الدخان الجديد إلا إضافة إلى ذلك الدخان الملوث وإفساد الجو السياسي والاجتماعي في بلد كثر جدله وقل عمله..!!.
فبيئتنا السياسية لا تحتاج إلى التذكير في أنها ملوثة، ولا ثمة أمل قريب يزيل التلوث ويخلق بيئة سياسية نظيفة، بل لعلني واهم إذا أملت بتلك البيئة السياسية النظيفة المأمولة وذلك أن السياسة ملوثة بالقذارة، وعادة ما يردف العوام السياسة بالقذارة كقولهم السياسة نجاسة أو قولهم السياسة نخاسة، وما ذلك الاستنتاج إلا لشواهد صادمة شاهدوها من سياسيين أو قل أشباه السياسيين الذين لهثوا خلف المصالح الآنية بذريعة خدمة المواطن ويعلم الله أنهم كاذبون يخدمون أنفسهم وتعظيم ذواتهم وأرصدتهم بعدما لم يكونوا في المجتمع شيئاً مذكوراً..!!.
فطريق السياسة ملوث بالنجاسة والنخاسة، فلا تستقيم السياسة وطريق الحق ذلك أن للسياسة مسالك وطرقاً ضيقة ومتعرجة تتسع أحياناً وتضيق أحياناً حسب مقتضيات المناسبة والحدث أو الموضوع، فلكل موضوع مسلك وطريق ولكل سياسي مذهب قد يلتقي بالآخر أو يتصادم معه وكل ذلك يتحدد وفقاً بما تقتضيه المصلحة، قطعاً مصلحة السياسي الذي لا يتوانى عن أن ينازع الخصوم بل وحتى المؤيدين لكي يستحوذ على الحجم الأكبر من الكعكة (المصلحة) فلا إيثار في السياسة، لذلك فعندما نقول لا نخلط الدين والسياسة، ذلك أن الدين والسياسة خطان متضادان لا التقاء بينهما، فلا يستقيم الدين والنجاسة- أجلكم الله- ولا الدين والنخاسة، فالذين يلوون نصوص الدين ليخضعوها إلى السياسة، إما أنهم ساذجون يتوهمون أنهم قادرون على تسيير دفة السياسة بمقتضى الدين وإما أنهم خبثاء يتخفون برداء الدين لأجل مصالح دنيوية..!!
وبالعودة إلى أصل الموضوع والدخان الكثيف المنبعث والملوث لفضاء الكويت، نتساءل هل هذا الدخان مصدره نار مشتعلة، أم سراب ينبعث على شكل دخان.؟!.
ذلك أننا نحن كمواطنين عاديين بعيدون عن تصارعات السياسيين وتصارعات الأضداد وذوي البشوت المذهبة والمزرية، نجد أنفسنا ضائعين في الطوشة فيما تحاول الأطراف المتصارعة جرنا كل إلى ساحته بغية المؤازرة والوقوف لمناصرته، وكأننا جمهور كرة قدم نشجع هذا الفريق أو ذاك الفريق بحسب اعجابنا وتكييفنا لهذا الفريق عن ذلك، والمصيبة أنهم يجرون الكويت إلى ساحتهم زاعمين أنهم يعملون من أجل الكويت وخوفهم على الكويت فيما الواقع يدحض ذلك..!!.
دعونا نكتشف الحقيقة هل كل ما يدور في الساحة وشغلونا بعجيجه وضجيجه منذ أشهر هو كل الحقيقة أم أن هناك وجها آخر للحقيقة لا زال غائباً عنا؟ فالمواطن مدهوش مما يسمع عن مقاطع الفيديو والأشرطة وأموال مليارية خرجت فأودعت بنوكاً أجنبية وبنوكاً في دول لا تقيم الكويت علاقات معها وأن هناك تجارة بالسلاح وغسلا للأموال.. و.. و.. والأخطر هو زج القضاء والتشكيك في نزاهة وطهارة رجاله، فإذا صدق هذا، فقل على الكويت السلام..!!.
أين نحن.. هل نحن أمام مشهد للأفلام البوليسية أم أن هذا الواقع الخفي.. بصراحة الطاسة ضايعة!!.
وإذا كان الجميع قد استحسن اللجوء إلى القضاء، ولكن الخلاف مبعثه سياسي، لذلك ليس دور القضاء أن يقوم بدور الاطفائي، وعلى افتراض إذا انكب القضاء للنظر في هذه المسائل فكم يحتاج من الوقت حتى يصدر حكمه، ونكتشف الحقيقة ومصدر النار، فالقضاء كما نقول حباله طويلة، وهذا في الأمور العادية، فكيف بهذه المسألة المتشابكة والحساسة اللي لا تعرف رأسها من كرياسها..؟!!.
لذا. أما كان الأوجب بأهل الرأي والحكمة وأيضا الخصوم حصر الخلاف في دائرة ضيقة لئلا يخرج إلى الشارع، هذا بحسب أن هناك خلافا ويتعين على الحكماء حله، لكن الآن بعد هذا اللغط الطويل فلقد خرجت المسألة من سياق الخصوصية والدائرة الضيقة إلى الشارع الأوسع الأمر الذي بات مادة للحديث والقيل والقال والإشاعات وزيادة في البهارات، خصوصاً في عصر الانفتاح والآلة الشيطانية التي أزاحت الخصوصية.!!.
إن ما يخيفنا لا وقوع الخلاف.. وإنما اتساعه ودس الفضوليين والدخلاء أنوفهم في مسألة أحسب كان ينبغي أن تبقى في إطار الخصوصية.
تعليقات