أزمات الوطن لن تصلحها الأمنيات ولا زيارات المجاملات.. بنظر المقاطع
زاوية الكتابكتب يوليو 15, 2014, 11:17 م 492 مشاهدات 0
القبس
الديوانية / شراعنا سماري.. ونصرة غزة
أ.د محمد عبد المحسن المقاطع
عُرف أهل الكويت منذ نشأتها بإيمانهم بالله والتوكل عليه في ترتيب شؤون بلدهم، وتميزوا بصلابة إرادتهم وقوة عزيمتهم، رغم شظف العيش وقسوة ظروف الحياة وشحة مصادر المعيشة باتجاه البحر لأكل صيده أو بيعه أو استخراج لؤلؤه والمتاجرة به. وعلى مر ثلاث حقب تاريخية كانت إرادة الكويتيين تتجدد في تنمية بلدتهم حتى صارت تنعت بأوصاف مميزة منها «تاج الخليج أو درته أو عروسه»، ثم «قلب العروبة»، وأيضاً «واحة الحرية والديموقراطية». وقد شهدت نمواً وتطوراً مستمراً، بشرياً وتعليمياً وثقافياً وصحياً وعمرانياً وديموقراطياً، وتوج كل ذلك منذ بداية الخمسينات ولمنتصف السبعينات، وبعدها بدأت الانتكاسة.
ففي عام 1976 حل مجلس الأمة، وتلته في أقل من عام أزمة المناخ الأولى، وتلتها المناخ الثانية، وقد غيرت الدوائر الانتخابية لفرض واقع سياسي جديد قائم على بعض الناس لفئات على أساس طائفي أو قبلي أو اجتماعي أو فئوي، ولهدف إدخال شريحة جديدة من الناخبين ممن أعطيت لهم الجنسية من دون وجه حق، عبر حركات التجنيس العشوائي منذ منتصف الستينات وطوال مرحلة السبعينات والثمانينات، بحثاً عن ولاءات ظاهرية، ولا نزال نعاني آثار العبث العشوائي بملف الجنسية حتى اليوم. وقد كان لتلك المتوالية من الأحداث آثارها الوخيمة على البلد في كل الجوانب وعلى كل الصعد.
وصار هم الحكومة استرضاء هذه الفئة من المواطنين الجدد الذين كان أساس تجنيسهم مصلحياً خاصاً لا للمصلحة العامة، وهكذا شاعت أنماط جديدة عبثية في التوظيف والبعثات والعلاج في الخارج والاسترضاءات المالية والحياتية والوظيفية حتى عطل العمل بالقانون وبقواعد تكافؤ الفرص والمساواة، ومعايير الكفاءة والإنتاجية وحل مكان ذلك كله داء يفت في عظم الوطن اسمه الواسطة والمحسوبية، وقد طاب هذا المنحى لأعضاء مجالس الأمة منذ عام 1981، لأن أساس نجاح الغالبية العظمى منهم كان بأعداد هشة من الناخبين من قبيلتهم أو طائفتهم أو فئاتهم، ولم يعد من ضمان لاستمرارهم من دون شراء ولاءات الناخبين، وشيئاً فشيئاً تناقصت أعداد النواب الذين تحركهم أجندة وطنية، وصار تثبيت تركيبة الدوائر الفاسدة هدفاً مشتركاً للحكومة والنواب، ولا أستثني أحداً هنا، بل النواب كانوا أكثر جنوحاً للحفاظ على هذه المنظومة للدوائر الفاسدة، فابتدعوا الدوائر العشر المرسومة على نسق هذه المنظومة ولم يكتب لها الميلاد، فاستبدلوها بخمس دوائر بأربعة أصوات استخدمت رمزاً لحق لتحقيق فساد بباطل، فكان لهم ذلك، مما عقد من حالة الفساد السياسي، فأكمل ذلك بالخمس دوائر بالصوت الواحد، وفيه كل آفات الفساد السابقة، بل حتى من يطرح اليوم الصوتين في الدوائر الخمس أو الدائرة الواحدة بالصوت المحدود، إنما يجرنا لفساد مماثل لمصلحة شخصية مجردة، وسيغرق البلد في قعر الفساد وبقبضة المفسدين.
فالوطن يئن من وطأة الفساد السياسي وأنماطه المتوارثة والسائدة التي انعكست بضعف تكوين السلطات وبترهل أدائها وتعطيل حقيقي للقوانين، وهي حالة لن تصلحها الأمنيات ولا زيارات المجاملات، بل بفتح حوار وطني مباشر ببنود واضحة يتصدرها إصلاح الدوائر بنظام عشوائي التكوين بصوت واحد على أساس تمثيل نسبي بعيداً عن التقسيم الجغرافي، يقره مجلس الأمة، ورئاسة وزراء تواجه المسؤولية عن ثقة واقتدار، ثم تنفض ملفات الفساد التي شرعت الأبواب للواسطة لينزوي بوجودها القانون ويختفي تطبيقه. فليس مقبولا أن نترك شراعنا سماري.
اللهم اني بلغت.
تعليقات