لماذا لم تتحرك الدول العربية لانقاذ المسيحيين العرب؟!.. العيسى متسائلاً

زاوية الكتاب

كتب 735 مشاهدات 0


الوطن

ملتقطات  /  من يدافع عن مسيحيي الشرق؟

د. شملان يوسف العيسى

 

اقدمت فرنسا باتخاذ خطوة حضارية متقدمة بعرضها استقبال مسيحيي العراق حيث اعلن وزيرا الداخلية والخارجية الفرنسيان لوران فابيوس وبرنارف كازنوف عن استعدادهم لتسهيل استقبال مسيحيي العراق المعرضين للاضطهاد من مسلحي دولة الخلافة (داعش) وتأتي هذه الخطوة الفرنسية بعد ان صمتت الدول والشعوب العربية على ما يحدث لاخوتهم المسيحيين في العراق ومصر وغيرهما من الدول، من المفارقات الغريبة فعلا ان الرأي العام الفرنسي وعلى رأسهم السياسيون والحقوقيون والمجتمعات المدنية تحركت لمناشدة السلطات الفرنسية لحماية مسيحيي الشرق.
السؤال، لماذا لم تتحرك الدول العربية لانقاذ المسيحيين العرب وجميع الاقليات في الوطن العربي من بطش جماعات الاسلام السياسي رغم حقيقة ان المسيحيين العرب هم السكان الاصليون في بعض البلدان قبل الفتوحات الاسلامية وقد تعايش الشعب الواحد تحت لواء الدول القومية والعلمانية لفترة طويلة.. قبل وصول جحافل الاسلام السياسي التكفيرية.
لا يتسع المجال هنا لشرح الدور الكبير الذي لعبه المسيحيون العرب طوال التاريخ العربي الاسلامي ودورهم المهم في النهضة والثورة العربية ضد الهيمنة التركية في فترة الدولة العثمانية حيث ناضل المثقفون والتنويريون العرب من المسيحيين والمسلمين في رفع راية العروبة والاسلام ورفضوا الوصاية والاستعمار البريطاني والفرنسي والايطالي.
علينا كعرب الاقرار والاعتراف بان التفرقة ضد اخوتنا من الاقليات سواء أكانوا مسيحيين - أم شيعة أم قوميات وادياناً اخرى هي السبب الرئيسي لحالة عدم الاستقرار والحروب الاهلية التي تسود اكثر من دولة عربية فالسودان كان دولة موحدة وتمزقت والآن نشهد تمزق العراق وسورية ولبنان بسبب زج الدين بالسياسة واهمال القضية الوطنية التي تجمع جميع فئات المجتمع تحت لواء الدولة القانونية المدنية وليس الدين او المذهب.
انه لامر مزعج ما حدث في العراق بعد جرائم داعش بتهجير واجبار المسيحيين على دخول الاسلام او دفع الجزية او المغادرة وترك بيوتهم وممتلكاتهم واموالهم، من يصدق بان مثل هذه التصرفات الاجرامية تحدث في القرن الواحد والعشرين وفي ظل ترديد الكلام السابق بان الاسلام دين الوسطية والاعتدال والتسامح وحب الخير للجميع وان الاسلام بريء من كل هذه الجرائم وان ما يقوم به بعض الافراد لا يمثل الاسلام الحقيقي، وهذا الكلام يردده مشايخ الدين ورؤساء الاحزاب الدينية من اخوان وسلف ونقرؤه في المدارس وتصدح به وسائل الاعلام الرسمية وغير الرسمية وتردده المنابر في المساجد لكن كل اساليب الشحن الديني والوعظ لم يمنع عمليات الارهاب والعنف التي تمارس ضد اخوتنا المواطنين من المسيحيين.
يخطئ من يظن بان ممارسات داعش قضية فردية.. عملية العزل والاقصاء وعدم المساواة موجودة في معظم الدول العربية ففي بعض الدول العربية ومنها دول الخليج يمنع تشييد الكنائس لممارسة الطقوس الدينية.. بينما تسمح الدول المتحضرة ببناء المساجد في كل بلدانهم الاوروبية والغربية.. بعض دول الخليج كذلك اتخذ مجلسها المنتخب من الشعب (الكويت) قانونا عنصريا اقصائيا يمنع التوسع في تجنيس المسيحيين.. بمعنى منع تجنيس المسيحية اذا تزوجت ابن عمها المسيحي، وفي بلد متعدد الخلفيات تم حرق 60 كنيسة في يوم واحد وفي العراق يتم تخريب الكنائس وهدم المقابر لا لشيء فقط لانهم غير مسلمين.
واخيرا نتساءل لماذا التزمت الجامعة العربية ودولها الصمت تجاه ما يحدث من قتل وتشريد وتهجير للاقليات المسيحية.. لا يمكن وقف ما يحدث من قتل وتشريد واضطهاد للاقليات الا بوجود انظمة ديموقراطية مدنية تؤمن بالدولة القانونية المدنية التي اساسها المواطنة وليس الدين او المذهب.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك