معاملة الناس أصبحت على أساس الجيوب!.. هذا ما تراه نادية القناعي
زاوية الكتابكتب ديسمبر 26, 2014, 1:47 ص 1387 مشاهدات 0
القبس
ما معنى أن تكون فقيراً؟
د. نادية القناعي
الفقر لغةً عكس الغنى، يعني أن يذهب مالك، لكن الفقر في الواقع المرير وبعيداً عن دروس اللغة العربية، وبعيداً عن المعاجم والثروة اللغوية، يعني أن تكون نقطة على الشمال، نقطة لا تُرى ممكن أن تُمسح بعنجهية الذين يملكون الأوراق النقدية. الفقير في الواقع هو ابن عم المنبوذ، كأنه مُصاب بداء معدٍ فيعزلونه في حجرة النزعة الطبقية.
أن تكون فقيراً يعني أن تتمرن كيف تتغاضى عن نظرات الازدراء، وأن تتلقى الاتهامات، لا لكونك مجرما، بل لأنك متحرر من المادة.
أن تكون فقيرا يعني أن تحفر لنفسك قبرا وهميا، تدفن فيه أحلامك، أن تكون فقيرا يعني أن تكون وحيدا، يعني أن تقتل كل سعادة ممكنة، أن تكون فقيرا يعني أن تكون جاهلاً وفاسداً!
تلك هي النظرة الهمجية الظالمة للإنسان الفقير، كأنه هو من اختار أن يكون بائساً، وكأنه شخص مجرم فقط، لأنه لا يملك سوى ما يسد رمق أطفاله.
هناك مثل في مجتمعنا، على الرغم من واقعيته الفذة، فإنه مثل شائن ومستبد ولا أطيقه ولا يتبعه إلا أصحاب النفوس المريضة «عندك فلس تسوى فلس».
أقول قولي هذا، لأن معاملة الناس أصبحت على أساس الجيوب، وليس على أساس أن الذي أمامهم هو كائن بشري من الضرورة أن يُحترم.
أصبح الاحترام على أساس ما تلبس، وليس على أساس ما تفكر وتملك من جماليات النفس الصافية.
هذا الأمر أصبح يتناسب طرديا مع تسابق الزمن. لا يهم أن يكون عندك مبادئ، لكن المهم ما تحوز من ماركات عالمية، ولا يهم كيف تُعامل الآخرين بمعانٍ نبيلة، لكن المهم كيف تصرف ببذخ ذات اليمين وذات الشمال!
هذه ليست حملة ضد الطبقات الأرستقراطية، لكن لتعديل النظرة الدونية لمن لم يُخلق وهو مرصع بالألماس.
عامل جميع الناس كما تحب أن يعاملوك، فربما يأتي يوم وتتبادل معهم الأدوار.
تعليقات