عن 'الوساطة الظالمة'- يكتب مناور الراجحي
زاوية الكتابكتب يناير 3, 2015, 6:06 م 733 مشاهدات 0
وعسى أن تكرهوا شيئاً
د.مناور بيان الراجحي
تحوي سورة الكهف ثلاث قصص في منتهى القيمة والابداع، في رحلة نبي الله موسى مع العبد الصالح، والقصص الثلاث تعطينا العبرة والعظة والدرس الذي يلخص قيمة الحياة، فالقصة الأولى حين يخرق العبد الصالح السفينة ويستنكر عليه نبي الله موسى ذلك، والقصة الثانية حين يقتل غلاماً في مقتبل العمر، وهو ما يفطر القلب ويدمي العين، والقصة الثالثة حين يأتيا الى أهل قرية فيرفضوا ضيافتهما واطعامهما، فيقوم العبد الصالح ببناء الجدار المتهدم، وهنا يسأل نبي الله موسى السؤال الثالث مما يعنى انتهاء الرحلة، وحلول وقت التفسير، فالسفينة تم خرقها ليكون بها عيب فلا يطمع بها الملك الجائر القادم بعد قليل، والغلام تم قتله لأنه كان سيتسبب في طغيان أبويه وكفرهما، لذا فمن رحمة الله ان يُقتل ليهبهما الله الذرية الصالحة فيما بعد، وأما الجدار المتهدم فهو لغلامين يتيمين، كان أبوهما صالحاً «ويذكر المفسرون أنه كان الجد السابع لهذين الغلامين» فقضت حكمة الله ان يقيم العبد الصالح هذا الجدار ليحفظ الكنز لهما حتى يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما، في مراجعتي لهذه القصص الثلاث وجدت الحكمة المشرقة أمام عيني «وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير خيرٌ لكم»، لذلك فلم أحزن على الأخبار السيئة التي سمعتها في الفترة الماضية لأن ما يعده الله لنا هو دائماً الأفضل والأحسن، وربما كان ما نشتهي ونأمل هو شرٌ لنا «وَيَدْعُ الانسان بالشر دعاءه بالخير وكان الانسان عجولا»، المهم هو ان نستوعب الدرس، ونلجأ الى منارات الرضا، التي تجعلنا واثقين بكل ما يرزقنا به الله عز وجل.
لكن للوقوف على الأمر من كافة الاتجاهات واجب علينا جميعاً فسوف أعرض الأمر من اتجاهين فقط وأترك لكم مختلف الاتجاهات، الاتجاه الأول كما ذكرت هو الرضا بما قسمه الله لي، وهو أمر أحمد الله عليه، لأن الرضا والثقة بعطاء الله وكرمه هو ما يريح القلب، ويذهب غيظ النفوس، الاتجاه الثاني هو ان الوساطة – خاصةً الوساطة الظالمة- التي تغير الكثير من الأمور في بلادنا، وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال «اذا وليّ الأمر الى غير أهله فانتظروا الساعة»، فأرجو ان ننتبه لأن الوساطة الظالمة أصبحت تقضي على حماس الكثير من المخلصين والمحبين لتراب هذا الوطن، ربما لم نستسلم ولن نستسلم وسنظل راضين وعازمين على المضي في طريق العمل، لكن هناك الكثير من الفرسان والمجتهدين والمثابرين يتساقطون ليسوا بسهام الأعداء، وانما بسهام داخلية تحمل سموم الوساطة أحياناً والاحساس بالظلم وعدم التقدير أحياناً أخرى، ومن هنا تأتي الخطورة ان فرساننا يقتلون بسهامنا، لذا فمن الواجب علينا تحري الدقة قبل ان نميز هذا عن ذاك، وقبل ان نعطي هذا على حساب الآخرين، لأن هذه التفرقة هي التي تكسر النفوس وتقصف التقدم والتنمية، وتعيدنا الى الدوائر المفرغة في الاختيار بين أهل الثقة، وبين أهل الكفاءة، ولكن بغض النظر عن الكثير من النقاشات حول هذه الأمور، أقول ان أهل الكفاءة هم ثابتون ومخلصون وقادرون على اثبات أنفسهم بالعمل الدؤوب في أي مكان وفي أي زمان، أما أهل «الثقة والتعالي» فهم مخلصون للأشخاص، لكن هذا الاخلاص قد يتغير بتغير المصالح، كما أنهم غير قادرين على تحقيق الفارق والانجاز في كثير من الأمور، والشواهد والتجارب التي تحدث في مؤسسات الدولة يوماً بعد يوم تؤكد صدق ما أقول، وهذا هو الوجه الثاني للرسالة فبعد رسالة الرضا، تأتي رسالة التقدير وفهم العطاء واسناد الأمور لمن يستحق، انتهت الرسالة وأصبحت واضحة، وأرجو ان تكون قد وصلت بنفس الوضوح الذي صِيغت به، والله على ما أقول شهيد.
< رسالة للمسؤول:
رسالتي للمسؤول – أياً كان هذا للمسؤول - الذي يختار شخصاً ويترك آخرين، بناءً على الوساطة أو المحاصصة أو غيرها من الأمور، كلنا أبناء الكويت، وكلنا أبناؤك وأحبتك، لكن هذا الأسلوب في الاختيار يجعل شخصا واحدا يدعو لك، وآخرين قد تلهج ألسنتهم بالدعاء عليك، فاياك ودعوة المظلوم، فليس بينها وبين الله حجاب.
< كل عام وأنتم بخير:
نودع العام الماضي ونستقبل عاما جديدا، نودعه بما فيه من خير وشر حسب تصنيفنا البشري، لكن أعلم يا ابن آدم ان كل ما حصل بك في عامك الماضي وكل ما سوف يحصل لك في عامك الجديد هو خير وفير أو بُعْدٌ عن شر شرير، فاحمد الله على كل حال فهناك أشخاص كثيرون لا يملكون ما تملك ولا يسعدون بما تسعد، فاحمد الله واشكره، يقول جل وعلا «لئن شكرتم لأزيدنكم»، وكل عام وقائدنا وولي عهده الأمين وأنتم وجميع المسلمين بألف خير.
د.مناور بيان الراجحي
تعليقات