وين يروح راتب الكويتي؟!.. غنيم الزعبي متسائلاً

الأنباء

في الصميم  /  أنا شسويت؟

م. غنيم الزعبي

من أسوأ الوظائف في البنوك في الكويت هي تلك التي يقوم بها الموظف المسؤول عن تعبئة آلة سحب النقود خاصة في يوم نزول الرواتب، لا يكاد يجلس ليستريح من تعبئة تلك الآلة بعشرات الآلاف من الدنانير..حتى تبدأ بالنعيق مصدرة ذلك الصوت الذي يكرهه ذلك الموظف وهو جرس الإنذار بقرب خلوها من النقود، يقوم ذلك الموظف لتعبئتها مرة أخرى وهو يتذمر مرددا جملة (وين يودون هالفلوس)؟

لا أبالغ إن قلت الكويتي يسحب نصف معاشه في أول يومين بعد نزوله ثم يبدأ يفترس باقي الراتب خلال العشر الأيام التي تلي ذلك بعدها تخف الوتيرة ويبدأ بالتعقل والهدوء (يمسك بريك) فالراتب القادم لن يأتي قبل عشرة أيام والرصيد بالكاد فيه مائتين، ويبدأ بعض أصابع الندم مخاطبا نفسه: (أنا شسويت)؟ متذكرا بندم صرفه نصف الراتب على أشياء لا تسوى وليست أساسية.

الغريب أن هذه العبارة يكررها المواطن الكويتي كل شهر، وهي تعكس سلوكا استهلاكيا بشعا تنعدم فيه أي بادرة لتنظيم ميزانية البيت وتوزيع الراتب إلى أبواب وأقسام تسد حاجة البيت وجميع اللوازم الأساسية، بدلا من ذلك هجوم على الأسواق في حملة لا تبقي ولا تذر، حتى اننا وصلنا لمرحلة أن الناس تذهب إلى الأسواق لشراء أشياء ليست بحاجة لها فقط من باب الملل.

طريقة تصرف المواطن الكويتي في راتبه هي أخطر عليه من الغلاء الفاحش، لا ميزانية لا تخطيط لا ضبط للمصاريف غير الضرورية، مواطن لا يدفع ضرائب مع تعليم وصحة وطرق سريعة مجانية ودعم لمصاريف السكن سواء للإيجار أو لاقتناء بيت العمر..طيب وين يروح الراتب؟ نعم هناك غلاء، نعم تكاليف الحياة ارتفعت لكن أيضا خلال العشر سنوات الأخيرة زاد دخل المواطن كذلك بنسبة هي أعلى من نسبة زيادة الأسعار، كلام لن يستسيغه الكثيرون، لكن عزيزي المواطن أنت عدو نفسك عندما يأتي الأمر لكيفية التصرف بدخلك الشهري ولا تلقي بالكثير من اللوم على غلاء الأسعار، معادلة بسيطة، هذا هو دخلي، وهذا ما احتاجه، والباقي هو للادخار، غير ذلك أنت تؤذي نفسك بنفسك.

نقطة أخيرة: نحن نمر بوقت عصيب وقد تزيد الأمور سوءا في المستقبل ومن السهل دغدغة مشاعر المواطن وإلقاء اللوم على الجميع باستثنائه..لكن الصعب هو صدمة بالحقيقة المرة وهي أنه يعيش أكثر من دخله الشهري وهو أمر خطير نهايته كما قيل قديما (دين وعماة عين).