فهيد البصيري يكتب: لهذه الأسباب طال أمد الربيع العربي؟!

زاوية الكتاب

كتب 461 مشاهدات 0


الراي

حديث الأيام  /  لابد من الربيع ولو زاد الثمن

د. فهيد البصيري

 

من رحم الموت تولد الحياة. ومن بين أنياب اليأس يشرق الأمل.

ومن رحم الثورات والحروب التي نشاهدها اليوم ستولد حياة جديدة، وإنسان عربي آخر، يختلف كليا عن الإنسان العربي القديم، والذي عاش على تراث بني قحطان وابن خلكان.

وسيخرج من بين أشلاء هذه الثورات، إنسان عربي سليم ومعافى، يحمل منطقا جديدا وفلسفة جديدة لفهم الحياة، وسيشعر العالم العربي بالدين والعرفان لمن ذهبوا ضحايا لهذه الحروب، فقدر من في سورية والعراق واليمن ومصر أن يقاتلوا عن الإنسان العربي بالنيابة، ولن تذهب تضحياتهم سدى، بل سيكتبون لنا التاريخ من جديد، وستنتهي أسطورة صلاح الدين، وقطز، وجمال عبدالناصر، ليحل محلها ضريح الشهيد المجهول، وستصبح فكرة الحزب الواحد، أو الرئيس الصمد نكتة في المسلسلات التاريخية، ولا شك أن التضحيات ستكون كبيرة ومؤلمة ولكن النتائج ستكون على قدر التضحيات.

وقدر الإنسان العربي أن ثوراته وربيعه جاءا متأخرين، وفي الزمن الرقمي أي الزمن الصعب، وبعد أن استفحل أمر الأنظمة السائدة حتى باتت تحصي أنفاسه، ولكن الأقسى في الأمر هو أن الإنسان العربي يناضل على جبهات عدة وفي نفس الوقت. فهو يناضل ضد الأنظمة السياسية الفاسدة، ويناضل ضد القوى المالية المهيمنة أو ما يسمى بسيطرة رأس المال، وفي نفس الوقت وجد نفسه يناضل ضد الثقافة المتخلفة والمورثات الفكرية البالية، التي تنتج الأحزاب الدينية ذات الفكر الأحادي، وهذا ما جعل الربيع العربي يتحول إلى دهور لا نهاية لها، ولا شك أن محاربة القوالب الفكرية الأسطورية ليست بالعملية السهلة، خصوصا وأن هناك من هو على استعداد لأن يضحي من أجلها، إما ايمانا بها وإما لأنه يعيش عليها وبسببها.

ومن الطبيعي أن يتحول الربيع العربي إلى جحيم عربي مسعور، ومن المنطق أن يسرق تنظيم داعش، والحوثيون، والنصرة، ثمار وقلوب هذه الثورات، ولا شك أن الأنظمة السابقة وبعض الدول الخارجية لعبت دورا مهما في تكوينها، ولكن ما كان لهذه التنظيمات المتطرفة أن تنجح وتقوم لو لم يكن هناك أرض خصبة لنموها وازدهارها، وهذه الأرض هي الموروثات الثقافية والقوالب الفكرية التي تعشعش في العقلية العربية.

ولذا طال أمد الربيع العربي لأن المسألة ليست مسألة إزاحة نظام فاسد والسلام، بل يحتاج الأمر إلى اقتلاع أفكار وأوهام، وإعادة تأهيل للعقلية العربية، وهذا ما سيجعل المهمة مستحيلة في الأمد القصير، و مع ذلك نحن نسير إلى الأمام.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك