يكتب خالد الجنفاوي عن جحد ونكران الجميل والمعروف

زاوية الكتاب

كتب 5618 مشاهدات 0


السياسة

أعلمه الرماية كل يوم.. فلما اشتد ساعده رماني

د. خالد عايد الجنفاوي

 

الجحود مصدره “جَحِدَ” وهو يشير إلى نكران المعروف مع العلم بذلك, وهو سلوك وتصرف أقل ما يقال عنه أنه مقيت, ولا يخرج سوى من شخص لا يستحق المساعدة والتأييد المادي أو المعنوي, فكيف بأحدهم أن يستمر يساعد شخصاً متقلباً وهو يعرف في قرار نفسه أنه لا يستحق كل ما يُمنح ويُقدَّم له من دعم. ولأن الذاكرة الإنسانية بعامة, تحتوي على أمثلة عدة حول الجحود والنكران فلقد امتلأت الثقافات الإنسانية بما يُعبر عن السخط المستحق تجاه هذا السلوك السيئ. ما يلي بعض المقولات والأمثال والعبر حول جحد ونكران الجميل والمعروف, لعل البعض يتعظ قبل فوات الأوان:
* لا يشكر ولا ينفع معاه الطيب (مثل كويتي).
* لو ألقمته عسلاً عض إصبعي (الميداني).
* نكران الجميل أشد وقعاً من سيف القدر (شكسبير).
* جبناه فَزَع بقي وَجَع (مثل سوداني).
* أطعِم الذئب في الشتاء يلتهمك في الصيف (مثل سويدي).
* جزاء المعروف عشر كفوف (مثل أردني).
* قاعد بالسفينة وكاسر عين الملاح (مثل عراقي).
* إذا أنتَ أكْرَمتَ الكَريمَ مَلَكْتَهُ
وَإنْ أنْتَ أكْرَمتَ اللئيمَ تَمَردَا (المتنبي).
* فَيَاعَجَباً لمن رَبَّيْتُ طِفْلاً
ألقَّمُهُ بأطْراَفِ الْبَنَانِ
أعلِّمهُ الرِّماَيَةَ كُلَّ يوَمٍ
فَلَمَّا اشتَدَّ ساَعِدُهُ رَمَاني
وَكَمْ عَلَّمْتُهُ نَظْمَ الْقَوَافي
فَلَمَّا قَال قَافِيَةً هَجَاني
أعلِّمهُ الْفُتُوَّةَ كُلَّ وَقْتٍ
فَلَمَّا طَرَّ شارِبُهُ جَفَاني (يُنسب لمالكِ بنِ فهمٍ الأزديِّ).
لا أفقه شخصياً كيف يجحد ويُنكر البعض المعروف والجميل, وذلك لأنني على الأقل مازلت أربط بين هذه السلوكيات والتصرفات الأنانية, وبين سوء الخلق واللؤم وعدم حفظ المعروف وعدم الاعتراف بالجميل, فما زلت أؤمن أن الإنسان السوي هو من يحفظ أمانته وتعهداته الأخلاقية السوية مهما تغيرت الأوضاع ومهما شاع النكران والجحود من حوله, فالكريم يحفظ أمانته ولا ينسى معروف مجتمعه ووطنه والآخرين عليه. ومهما حصل لمانح المعروف من تغير في أوضاعه وظروفه. وبالطبع, يجب الاعتراف كذلك أنه يوجد فعلاً نفر قليل من الناس من نُعلمهم الرماية فلما تشتد سواعدهم يصوبون سهام الحقد والجحود تجاهنا, ولكن هذا النكران للجميل لا ينفي حقيقة وجود أفراد آخرين يستحقون المعروف والجميل لأنهم كرماء وعزيزي النفس. اللهم اجعلنا من حفظة المعروف والمقرين بجميل الآخرين علينا والحافظين لأماناتهم حتى آخر رمق, آمين يا رب العالمين. 

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك