خالد الجنفاوي يتساءل: ما سبب ميل البعض إلى الاسترسال في عنفهم اللفظي والكتابي؟!
زاوية الكتابكتب فبراير 13, 2015, 1:22 ص 551 مشاهدات 0
السياسة
حوارات / المبالغة والعنف اللفظي لن يغيرا الحقيقة
د. خالد عايد الجنفاوي
أعترف أنني تأثرت كثيراً بدقة ومنطقية اللغة الإنكليزية حيث أصبحت أُفكر غالب الوقت بشكل غربي حين أكتب باللغة العربية! وأحياناً أُرَكِّب الجمل التي أكتبها بسياقها اللغوي الإنكليزي أولاً وأترجمها بعدئذ للعربية, ولهذا ولأسباب أخرى أعاني أحياناً في فهم ميل البعض من حولي للمبالغة والعنف اللفظي كتابة ولفظاً, فيوجد فعلاً إفراط عاطفي واضح في البيئة العربية التقليدية وكأن أساليب التأكيد اللفظي المتكرر وخصوصا تلك التي تصاحبها القسوة اللفظية ضد الآخر المختلف والتلاعب بالكلمات وممارسة العنف النطقي حتى عند التعبير عن الآراء الشخصية يُنَفِّس عن الحنق الفطري لدى البعض إزاء العالم الخارجي. السؤال الذي يطرح نفسه حول ظاهرة المبالغة والعنف اللفظي في الثقافة العربية هو ما سبب ميل البعض إلى الاسترسال في عنفهم اللفظي والكتابي ضد وجهات النظر المخالفة أو من يعتنقون أفكاراً مختلفة, وهل ستحقق المبالغة والمغالاة في تشويه وجهات النظر الأخرى او تجاوز الحد المنطقي في نقد الآخر أي شيء مفيد بالنسبة لمن يمارسها?
يبالغ البعض في كتاباتهم وألفاظهم اليومية تجاه ما يرونه مخالفاً لآرائهم وانطباعاتهم الشخصية وذلك لأنهم يعتقدون أنهم سيهزمون من يعارضهم ولو مجازياً أي سيحققون انتصارات شعورية وعاطفية عليهم يحاول من يبالغ ويشتم ويسب ويشوه سمعة من يعارضه في الرأي أن يزيد عيار حنقه ضد الطرف الآخر بمزيد من الشخصانية والنقد اللاذع والتهكمي وكأن كتابة بعض كلمات ساخرة وسليطة ستعوضه فشله في إفحام الآخر وإسكاته بحجج واهية وغير منطقية.
اخترت عنوان المقال “المبالغة والعنف اللفظي لن يغيرا الحقيقة” لتوضيح أن العنف اللفظي والمبالغة ومحاولة إسكات الآخر المختلف تروج ليس فقط في الكتابات والنقاشات “الديمقراطية” العربية بل أصبحت عنواناً بارزاً لجانب كبير من التعاملات اليومية, فنجد أن افتعال الضجيج واقتناص أي فرصة لفظية متاحة لإفحام الآخرين تأخذ شكل سلوكيات وتصرفات شائعة وامثال دارجة وربما محاولات يائسة لتغيير أو إخفاء الحقائق المرة.
من يفقد الثقة بنفسه سيحاول تعويضها أحياناً بالمبالغة في وصفه وضعه الحقيقي سلباً أو إيجاباً وربما سيمعن في تصوير نفسه ضحية لاضطهادات متخيلة وسيقوم أيضاً بالتنفيس عن غيظه وعدم قدرته على إيجاد حلول عملية لمشكلاته اليومية بتعويضها لا إرادياً بالعنف اللفظي والإفراط العاطفي. وبالطبع, العنف اللفظي لن يغير من الحقيقة مهما حاول البعض إخفاء فشلهم في فهم ما يجري حولهم.
تعليقات