يكتب ناصر المطيري عن إشكالية الشخصية العربية
زاوية الكتابكتب مايو 11, 2015, 12:40 ص 414 مشاهدات 0
النهار
إشكالية الشخصية العربية
ناصر المطيري
«يعاني المجتمع العربي في أغلبه من غياب العدالة الاجتماعية وانعدام الشعور بالمسؤولية والأنانية وازدواجية الشخصية وعدم ممارسة المجتمع دوره في تنمية مواهب الأطفال وحتى في احتضان الموهوبين من أبنائه بالاضافة لغياب الثقة بين أفراد المجتمع» في هذا الكلمات يلخص الكاتب الياباني (نوبوأكي نوتوهارا) مشكلة العرب كأمة وشعب وثقافة في كتابه الذي صدر بعنوان «العرب من وجهة نظر يابانية» الصادر عام 2003 وجاء هذا الكتاب المهم بعد حصاد تجربة حية للكاتب استمرت 40 عاما في المنطقة العربية بمختلف بيئاتها وأقاليمها.
مؤلف الكتاب لم يُنصب نفسه كحَكم أو ناقد للشخصية والمجتمع العربي، بل هو ينقل انطباعاته الذاتية عما رآه خلال تنقله بين الدول العربية، اذ أقام في ريف مصر وتعامل مع البدو في بادية الشام وزار حضرموت في اليمن، بالاضافة الى دراسته وقراءته عن هذه المجتمعات. فقد كان ولمدة 40 عاماً طالباً في قسم الدراسات العربية ثم مدرساً للأدب العربي.
في المقدمة يشير الكاتب الى - المعنى الذي طالما عشنا معه- غياب انسانية المواطن العربي. فالمجتمعات العربية تفتقر الى العدالة الاجتماعية، «المبدأ الأساسي الذي يعتمد عليه الناس» مما يعني غياب سيادة القانون وحقوق الانسان، والديموقراطية، وهي المفردات التي نسمع عنها كثيراً في الاعلام ولا نرى تطبيقها على الاطلاق، وهو يردد كلمات فارغة من المعنى ولكنها تطرب السامعين.
يقول نوتوهارا: «انني شبعت جداً من كلمة (الديموقراطية) وكل من له علاقة بالكتاب العرب يعرف معنى التخمة من كلمة (الديموقراطية) وهذا الشبع الزائد الزائف يدل بوضوح على غياب الديموقراطية. فمثلا تجلس مع كاتب يتحدث عن الديموقراطية بلا تعب ثلاث ساعات ولا يعطي مجالا لأحد من الحاضرين بالكلام. عمليا هو يمارس الدكتاتورية أو على الأقل سلطة النجم ومع ذلك يشكو من غياب الديموقراطية.
ويناقش الكاتب موضوعاً شيقاً لم يحظ بعد بالاهتمام الكافي، وهو «علاقة الأنا بالآخر» في مجتمعاتنا التي تغيب فيها أبسط أسس الديموقراطية والتعددية الفكرية لا ننتبه الى وجود «الآخر» علاوة على أن نعطيه حقه في أن يكون مختلفاً عنا، فثقافتنا مبنية على ارث طويل من الاقصاء والتكفير والنفي بكل بساطة.
ثم انتقل الكاتب الياباني للحديث عن ازدواجية الشخص العربي، وهي فكرة طرحها ودافع عنها من قبل خبير الاجتماع العربي د. علي الوردي كثيراً، وقد لا نجد كتاباً واحداً له يخلو من ذكر هذا المصطلح، وملخص هذه الفكرة أن الفرد العربي يستخدم نمطين من الشخصية بحسب طبيعة الموقف أو الشخص الذي يواجهه، فهو أمام السلطان والمسؤول خاضع ومتباك، ولكن عندما يمتلك السلطة يصبح متعالياً وكأنه شخص آخر تماماً، نفس هذه الفكرة يطرحها الكاتب نوتوهارا ويدعمها بكثير من الأمثلة التي رآها ولم يفهمها الا بعد الرجوع الى «الازدواجية» كتفسير، وهو يضيف كون الثقة هي الأساس الذي يتعامل به اليابانيون فيما بينهم، والكاتب شخصياً يحاول أن يعلم تلاميذه هذا الأمر، ولهذا فهو لا يراقب الطلاب في الامتحانات، بل يتركهم لحالهم ويذهب الى غرفته الخاصة، وهو على ثقة تامة أن الطالب الغشاش سيتم تأنيبه من قبل أصدقائه ولن يسمح له أحد بهذا العمل، أما في المجتمع العربي فالشرف، والعار، والمحسوبية وأمور أخرى كثيرة تستبدل بالثقة بالنفس.
تعليقات