الغاضبون دائماً لن ينالوا العُلا!.. هكذا يعتقد خالد الجنفاوي

السياسة

حوارات  /  لا ينال العلا من طبعه الغضب

د. خالد عايد الجنفاوي

 

ينسب بيت الشعر: “لا يحْمِلُ الحِقْدَ مَنْ تَعْلُو بِهِ الرُّتَبُ
ولا ينالُ العلى من طبعهُ الغضبُ” للشاعر العربي عنترة بن شداد, ويدل على ضرورة نقاء قلب وعقل الإنسان العاقل والحكيم من الحقد والنقم والحسد وهي صفات تؤدي غالب الوقت لاشتعال الغضب المدمر في بعض الأنفس البطرانة والمتململة!
صدق العربي عنترة حين قال: “لا ينال العلى من طبعه الغضب”, فهو يشير الى الوقوع المتواصل وبشكل إرادي ضحية للحنق غير المبرر على فقد الغاضب الثقة في نفسه وعدم قدرته السيطرة على أعصابه في وقت يتطلب منه ذلك, ويمكن ربط الغضب غير المبرر مع ذلك النوع من الأشخاص المتوترين دائماً الذين يبدون بخلقتهم وبفطرتهم مُكفهرين ومنزعجين وناقمين على العالم الخارجي, فترى علامات الحنق والغضب بادية على وجوههم أينما حلوا, وفي هذا السياق, هناك أيضاً تعبير شعبي خليجي بعامة, وكويتي بخاصة, يعبر عن هذه الحالة النفسية السلبية والمعقدة: “نفسه بخشمه”! ويستعمل مصطلح “الخشم” وهو الأنف في اللهجة الخليجية في سياق التعليق على غضب أو اكفهرار وجه أحدهم: “فلان نفسه بخشمه”, أو “فلان رافع خشمه” أو “نفس فلان في طرف خشمه”, وهي اصطلاحات شعبية تشير إلى نرفزة البعض وانزلاقهم السريع نحو مستنقع الغضب بلا سبب منطقي يمكن أن يبرر تصرفهم السلبي والمفاجئ.
عندما ينظر أحدنا إلى هذا النوع من الناس سريعي الاشتعال والغضب ومن لا يتعاملون بأدب مع من يحاول مناقشتهم أو حتى نصحهم, فلا يجد الإنسان العاقل سبباً منطقياً يفسر غضبهم المحتدم أو يبرر تعاملهم الأكثر من سيئ مع الآخرين: أعتقد أن الغاضبين دائماً, الذين “أنفسهم في أنوفهم”, لن ينالوا العلى لأنهم في الأساس يفتقدون الثقة بأنفسهم فيتصنعون بدلاً من ذلك كاريزما مزيفة تستند فقط إلى قدرتهم الجسدية وتأهبهم المستنكر لإطلاق العنان لأسوأ ما يمكن ان يخرج من أفواههم تجاه من ينقدهم أو يحاول نصحهم وإرشادهم.
الإنسان الرزين والرجل السمت, أي حسن الهيئة ورائق العقل, حليم ولا يغضب لأتفه الأسباب, بل من المفترض أن تؤهله ثقته بنفسه وتمكنه من كل جوانب شخصية للتبسم الواثق والحوار الهادي مع من يقابله.
لا ينال العلى من طبعه الغضب, ولا ينال احترام الناس من يبدو متحفزاً أربعة وعشرين ساعة في اليوم للتصادم اللفظي والبدني مع من يخالفونه الرأي, أو من لا تعجبهم طريقته في التعامل معهم.