تركي العازمي: هذا هو سبب تدهور مؤسساتنا إدارياً!

زاوية الكتاب

كتب 531 مشاهدات 0


الراي

وجع الحروف  /  إدارياً.. 'خلك محترم وبس'!

د. تركي العازمي

 

تعبت من الحديث عن القيادة والنقد البناء الذي أزعج بعض المسؤولين...تعبت لأن انقطاع الكهرباء بحد ذاته موشر لسوء القيادة٬ وتعبت لأن كل شيء حتى العلاج بالواسطة!

لذلك أود أن أستريح وأريحكم من «فلسفتي» لأنقلكم إلى موقف غريب «قولبته يمين شمال» ولم أخرج بتحليل منطقي له سوى أنه مؤشر لثقافة هبطت قيمها ومعتقداتها!

قبل أيام طلب مني مسؤول كبير أن أتابع طريقة التقييم المتبعة في مؤسسته، والطريقة المتبعة بين الرئيس والمرؤوس عند رسم الأهداف المراد تحقيقها وكيف تتم عملية القياس...طبعا «بلوشي»!

حضرت مع أحد المديرين...واستخدمت طريقة مجموعة التركيز Focus Group عبر أسئلة محددة مثل ما طبيعة عملك؟، هل لديك اتصال مع مجاميع أخرى؟، كيف ترسم أهدافك؟، وكيف تنفذها؟ وما الدور المشترك بينك وبين مديرك في متابعة الآداء؟

أحد المديرين اتضح له أنه Role Model ـ القدوة...وأنا في طريقي إلى الباب مغادراً طلبت منه إرسال إيميل لأحد المديرين يطلب منه إرسال التقرير المرحلي حول الأهداف Progress Report...؟ تابعته وهو يفتح الحاسب الآلي «الكمبيوتر» وكيف أنه يدخل الاسم وكلمة المرور مستخدماً إصبعين فقط...قلت: «...الله المستعان يمكن أنا غلطان...»، وعندما هَمَّ في كتابة الإيميل ضربتني صاعقة من هول ما رأيت؟...إنه «أميّ» لا يجيد استخدام الكمبيوتر وكتابته عبر الإيميل «مدوجة»!

إيميل لا يستغرق ثواني...وجدته مع هذا القدوة استغرق فترة بين «نقرة» إصبع و«ضغط» الإصبع الآخر ولما اقتربت لأقرأ ما كتبه فهمت على الفور أن المؤسسة تعاني من الخلل قبل أن أبحث مع المجاميع المصغرة الآخرى!

سألت أحد الموظفين...: «شلون تتابعون تقييمكم؟» فرد: المعيار هو «خلك محترم وبس»!

طيب «شلون»...أريد أن أفهم؟

قال الموظف: المسؤول حتى وإن كنت «بليدا» لا تفرق بين العمل المنجز ونسبته والنسبة المراد إنجازها والمرسومة في خطة تقييم الآداء السنوي فأنت إن كنت مطيعا لا تقاطع ولا تجادل ولا تناقش وتنفذ ما يطلب منك يعني «طاعة عمياء» فأنت قد حققت النتائج؟

طيب والأهداف والنسب والمتابعة الدورية!

رد: عادي يتم الاتفاق عليها و«تضبيطها» وإن كنت «عبقرياً» فـ «اسمح لي»!

هذه النماذج منتشرة...وتجدها في الأعمال الممتازة وتقييم الأداء والترقيات مسيطرة على المشهد، والسؤال الذي يطرح هنا: هل تتوقعون تنمية وعدم انقطاع كهرباء وتنفيذ مشاريع بالطريقة الصحيحة؟...لا تفكر و«تعور رأسك»: الإجابة لا...لا...لا!

أستغرب من ترجمة «ربعنا» لكلمة «خلك محترم»!

الاحترام يعني حسن السلوك...يعني احترامك لنفسك وتنفيذ ما يفترض عليك عمله من باب أخلاقية المهنة واحترام الآخرين وعدم تجاوز أدب الحوار وتقدير آدمية الإنسان من قيم ومعتقدات وحق التعبير عن الرأي واحترام اختلاف وجهات النظر وغيره من المعايير التي تندرج تحت مظلة «الاحترام»!

أشعر هنا...أن كل ما تعلمناه قد طويت صفحاته بفضل نموذج «القدوة» المتبع والذي استنسخه مجتمعنا ليصبح قناة تفتك بكل ما يدرس في كتب الإدارة ويتعارض مع الدورات التي يحضرها أحبتنا وهو لا يدل على قصور منهم لكن لسوء «القدوة»!

زميل آخرعندما كان مديراً...كان يحترم من يخالفه الرأي والذي يأتي له بمقترح حول تحسين الآداء يجعله في مقدمة الصف مقرباً منه! إذاً، الاحترام المتبع حالياً في المنظومة الإدارية يعني القضاء على المفاهيم والنظريات الإدارية، وهذا يعني أن المؤسسة تعيش حالة فوضوية...هذا ما عبرت عنه لقيادي تلك المؤسسة!

اقترحت عليه بأن يقوم بنقل «القدوة» إلى وظيفة آخرى واستبداله بـ «قدوة» أكفأ، وأن يخلق بيئة عمل وفق معايير احترافية وأن يلزم الجميع بحضور دورة حول رسم الأهداف ومتابعة تنفيذها...وانتهت الحكاية!

أمر غريب...غريب جداً وأعتقد أن سبب تدهور مؤسساتنا إداريا يعود لهذا النوع من القياديين التشغيليين من رؤساء أقسام ومراقبين ومديرين ووكلاء مساعدين ومن هم في مستواهم من الهياكل الإدارية الآخرى و«الشق عود» أحبتي الكرام...والله المستعان!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك