سالم الناشي يطالب الصحوة بوقفة مع النفس لحمايتها
زاوية الكتابكتب يوليو 17, 2007, 7:58 ص 500 مشاهدات 0
ماذا بقي من
الصحوة؟؟
كتب:سالم الناشي
قبل هزيمة 1967، كان الصوت الاسلامي الحركي خافتاً متردداً، وكان المد القومي
الليبرالي قد وصل قمته، ولم تكن هناك سلطة سياسية واضحة تدافع عن مصالح المسلمين،
وتميزت تلك الفترة بالتضييق على ابناء الصحوة والزج بهم في السجون والتعذيب
العشوائي لهم، والتصفيات الجسدية لقاداتهم، ولكن بعد الهزائم العربية المتكررة،
وبعد رحيل الرئيس جمال عبدالناصر تراجع الفكر القومي بشكل كبير، لينهض الفكر
الاسلامي، من جديد ويتنفس الصعداء ، وبدا وكأن الشارع العربي يبحث عن بديل يجدد له
أمله، ويقوده الى العزة والكرامة.
وتنامى المد الاسلامي في الجامعات والنقابات المهنية والاتحادات الطلابية وفي
الانتخابات البرلمانية وانتشر النشاط الاسلامي من خلال الجمعيات الخيرية وظهرت رموز
اسلامية لها القدرة على قيادة الشارع وتوجيه الشباب فضلاً عن الدعوة والعمل
الخيري.. وتدريجياً بدأ هذا المد يقترب من السلطة من خلال التمثيل في المجالس
النيابية والحكومات.
حينها ظهر مصطلح الصحوة الاسلامية فترسخت معه مظاهره من انتشار الحجاب الشرعي وتقيد
الشباب بالمظهر الاسلامي وتصدر الكتاب والشريط الاسلامي التوزيع والنشر وتعددت
الأنشطة والفعاليات والجمعيات والتيارات الاسلامية واستبشر الناس خيرا بهذه الصحوة
المباركة، وبرغم بدايات التجربة، وعظم التحديات، وارجاف المرجفين، وتخذيل
المنافقين، الا ان نهضة كانت تنتظر شباب الأمة، فانطلقوا في البناء والدعوة فكتب
الله على أيديهم خيرا مباركاً، وأعمالاً جليلة، فاقت كل التوقعات.
ونجحت الصحوة في اعادة ملامح العقيدة الصافية الى قلوب الناس، عقيدة أهل السنة
والجماعة، والسلف الصالح من الصحابة والتابعين، نعم.. لقد انتصرت هذه العقيدة رغم
كل شيء.
ولم تكن الأيام القادمة لتسمح للصحوة الاسلامية في النمو الطبيعي التدريجي، ولم تكن
الظروف لتدع الصحوة ان تستمر في ذات الحماس، والاندفاع بذات القوة مثلما بدأت.. فقد
دهمتها الخطوب، وألمت بها النكبات، ورغم تجاوزها الاحتكاك الدائم مع السلطات
الحاكمة الا ان المشكلات المرتقبة كانت اكبر من جسمها اليافع، واقسى من عودها
الطري، فواجهت أول المشكلات في أفغانستان، فقد كانت ساحة الاختبار الفعلية الأولى،
حيث أفتى العلماء بجواز النصرة والجهاد هناك، فاندفع الشباب طلبا للجهاد، نصرة
للمسلمين ودفاعاً عن حياض الدين، وانهالت المساعدات وبعد سنين طويلة لاح النصر
واندحر المد الشيوعي، وفرح المؤمنون بنصر الله.. ولكن سرعان ما شب النزاع بين
الفصائل الافغانية، واصبح الاخ يقتل اخاه، فانسحب المجاهدون والعاملون في الخدمات
الانسانية هناك الى ساحات وتجارب اخرى في البوسنة والهرسك والشيشان والعراق وفلسطين
اكثر مرارة، وأشد على العمل الاسلامي مما جعل هذه التجارب غير مكتملة النجاح، بل
جرت المعاناة على المجاهدين والعاملين من الملاحقة والتعقب لاحقاً.
وامام الارهاصات والتجاذبات السياسية تراجع العمل الاسلامي ودخل في ممارسات غريبة
عنه في اطار العمل الجهادي خاصة مع ظهور الحركات الجهادية التكفيرية والتي بدأت
تطرح اسلوباً جديداً في العمل، فتصدى لها العلماء وافتوا بعدم جواز ما تقوم به من
تفجير في بلاد المسلمين وترويع وقتل للآمنين والمعاهدات.
لقد ادخلت الصحوة الاسلامية في معادلة المسؤولية التاريخية عن هذه الأعمال وانها
ككل معنية في الدفاع والتبرير لهذه الممارسات الخاطئة وانها تتحمل جزءاً كبيرا من
المواجهة القادمة تحت ما يسمى بحروب الارهاب، فهي تدفع ثمن الممارسات التي لا تقرها
هي من الملاحقة المستمرة ورصد حركة المساعدات الخيرية والتضييق على العمل الاسلامي
في الدعوة والعمل الخيري.. حتى دور تحفيظ القرآن ومدارس الدعوة الاسلامية كلها
اصبحت تحت مراقبة الحكومات المحلية بتوجيه من القوى العظمى في اطار ما يسمى مكافحة
الارهاب ولم تسلم حتى المناهج الاسلامية الرسمية من التدقيق والمراقبة فضلاً عن
حركة الدعاة والعلماء والعاملين في الحقل الاسلامي.
الصحوة الاسلامية تحتاج الى وقفة جديدة الآن مع نفسها وقفة تقييم ومراجعة خاصة بعد
وفاة عدد من العلماء والعاملين البارزين في مجال العمل الاسلامي ، وان التنادي الآن
لحماية الصحوة الاسلامية ورص صفوفها وتجميع شتاتها ونفي الخبث عنها هو مطلب اسلامي
ملح، فالمستقبل قد يشهد قفزات سريعة للتضييق على العمل الاسلامي، وقد يشهد مواجهة
فعلية بين الأفكار والايديولوجيات. ان المواجهات القادمة ستكون على حساب تحديد
الهوية الاسلامية وشكلها او حتى تذويبها بالكامل.
الوطن
تعليقات