أحمد الذايدي انتصارا للمسجد الأحمر: تقرب مشرف بدماء شعبه للإدارة الأمريكية

زاوية الكتاب

كتب 510 مشاهدات 0


اجتهاد / أزمة المسجد الأحمر النهاية التي آلت إليها أزمة المسجد الأحمر، لا شك أنها حزينة بكل المقاييس. فهي حزينة من ناحية عدد الخسائر البشرية التي تجاوزت السبعين قتيلاً معظمهم من الطلبة الأبرياء. وهي حزينة بما ترمز إليه من وضع متشنج بات يسود العلاقة بين مكونات مجتمع إسلامي آخر هو باكستان بعد العراق ولبنان وفلسطين. كما أنها نهاية حزينة لأنها نموذج آخر لفشل لغة الحوار والمفاوضات في أزمة من الحجم الصغير كان يمكن لها أن تنتهي سلمياً لو كانت السلطات العسكرية في باكستان أكثر صبراً وأكثر انحيازاً لمصلحة شعبها. أزمة المسجد الأحمر، لم تكن تمرداً مسلحاً يهدد كيان الدولة الباكستانية بقدر ما كانت أزمة احتجاز رهائن كان يمكن حلها من خلال المفاوضات، لا سيما أن الرهائن محتجزون في مكان مقدس هو بيت من بيوت الله، وهو ما كان يستدعي المزيد من الحكمة والصبر قبل تخريب المسجد على من فيه. ماذا لو كانت هذه الأزمة داخل كنيسة، هل كان نظام مشرف سيجرؤ على اقتحامها بالأسلحة الثقيلة، أم أنه كان سيرحب بجميع الوساطات التي ستبدأ بأصغر قسّيس باكستاني ولا تنتهي بـ بابا الفاتيكان. لكن لأن هذه الأزمة تتعلق بمسجد وليس كنيسة مسيحية أو كنيس يهودي ورهائنه من المسلمين، فلن تتباكي عليهم أي دولة كبرى أو منظمة دولية، لذلك فضلت السلطات الباكستانية الحل الأسهل والأعلى كلفة، وهو تدمير المسجد بمن فيه رافضة وساطة وفد علماء باكستان، خشية نجاح تلك الوساطة التي كان يمكن أن تفضي إلى حل تلك الأزمة من دون إراقة دماء. لكن الرئيس برويز مشرف ذا الخلفية العسكرية والولاء الأعمى للغرب آثر إراقة دماء العشرات من أبناء شعبه الأبرياء إذا كان الثمن هو نجاح جهود وفد الوساطة الإسلامي الذي يقوده علماء باكستان، لأنه وللأسف أصبح ينظر إلى كل من له خلفية إسلامية بمنظور الخصومة السياسية. كما أن السيد مشرف أراد إيصال رسالة سياسية إلى الولايات المتحدة بأنه لا يزال (على العهد) في تحالفه معها على ما تسميه أميركا «الحرب على الإرهاب»، فالمسجد الأحمر ومدرسة حفصة الملحقة به لا يمكن فصلهما عن المدارس الدينية ذات الامتداد الجغرافي والاجتماعي الواسع في المجتمع الباكستاني، إذ يناهز عدد تلك المدارس 13 ألف مدرسة وينتظم في صفوفها ما يقرب من مليوني طالب. أما لماذا يتقرب الرئيس مشرف بدماء شعبه للإدارة الأميركية فلأن تلك المدارس هي التي خرجت منها حركة طالبان (بدعم ومباركة الحكومة الباكستانية آنذاك) لكن نظام مشرف سرعان ما انقلب عليها بعد تصنيف الإدارة الأميركية لها بأنها أحد ينابيع «الإرهاب». لقد ضربت السلطات الباكستانية لشعبها وللعالم أسوأ الأمثلة في تعاملها مع أزمة المسجد الأحمر. كما أكدت لوسائل الإعلام الأجنبية كم هي رخيصة دماء المسلمين. والآن على الرئيس مشرف ونظامه العسكري تحمل تبعات سفك دماء العشرات من الطلاب الأبرياء من أجل التباهي أمام الغرب بأنه قتل زعيم التمرد في المسجد الأحمر المصنف أميركياً كغيره من المساجد الأخرى في قائمة الإرهاب. كاتب وأستاذ جامعي كويتي
الراي

تعليقات

اكتب تعليقك