'الدين أفيون الشعوب!' - يكتب صالح المزيد

زاوية الكتاب

كتب صالح المزيد 1798 مشاهدات 0


هذهِ المقولة التي تنسب لكارل ماركس وهو إمام من أئمة الشيوعية والإلحاد الذي يرى الحياة بمنظور ماديّ محض، ويريد ان يجعل الإنسان سلعة ومادة وكأنهُ يقول ان الإنسان خُلق للإقتصاد والمادة والسلعة وعليه ان يترك الدين الذي يصيب الإنسان بالتخدير والكسل!، لا يهمني ان تُقال هذهِ المقولة من رجل غير مؤمن بالله ولا هو مُسلم اصلاً!، ما يهمني ان هذه المقولة انتشرت كالبرق بين المسلمين!، واضحى الغافلون 'هداهم الله!' يرددونها بل صارت نهج يتبعونهُ بقناعة تامة ويقولوا: 'الدين الإسلاميّ أفيون الأُمة الإسلامية!'

والله إني لأخشى ان تتنزل حجارةً من السماء يعذبنا بها الله المنتقم ﷻ إذا لم نواجه هؤلاء الغافلون مدعين الإسلام وانتسابهم لهُ والله أعلم بدينهم!، يريدون ان يجردوا الإنسان من الهدف والغاية من خلقهِ!، وانهُ حر بما يقول ويفعل وان وصلت الى الطعن بالله ﷻ وبدينه الحنيف الإسلام .. فألحدوا الحاداً ابليسيا !!

والحقيقة ان نهجهم أهون من بيت العنكبوت!، فهم يبحثون بإصرار وترصد جاهدين بكلِ ما أُتوا من قوة ان يغتنموا على متناقضات في الدين واختلاف الفتوى بين العلماء والفقهاء حتى يقولوا لنا ' هذا دينكم وهؤلاء علمائكم قد تناقضوا وتضاربوا فكيف نتبع هذا الدين الذي بتناقضاتهِ ُعطلة الحياة والتقدم والتطور للإنسان!، فهدهِ بضاعتكم ردت إليكم يا مسلمين!!

' أقول خاب مسعاكم يا غافلون!! وأنتم في ضلال عظيم!!'

طوالَ الأربعمائة سنة بعد الألف وأكثر وأنتم تحاولون ان تطفئوا نور الله بأفواهكم ويأبى الله إلا أن يتم نوره رغم انوفكم يا غافلون!، فطوال هذه الفترة والى يومنا هذا تبحثون جاهدين عن تناقضات بدين الله الإسلام وبأُصوله وثوابته فعجزتم وخاب مسعاكم وارتدَ اليكم كيدكم بنحوركم!، والواقع ان كلما تقدمت العلوم تطوراً كالفيزياء والفلك وغيرها من العلوم كلما زاد اليقين بإعجاز القرآن العظيم وبالرسول الأكرم ﷺ وان دين الإسلام حقاً لا ريب فيه ابداً ولا تناقض فيه ولا تعارض مع العلوم المختلفه !!

فتم نسف بنيان نهجكم من القواعد!

وأنتم تبحثون عن الشواذ والقلة من العلماء والفقهاء الذي شطحوا عن المسار القويم والمستقيم لتعززوا نهجكم وتبحثون ايضاً عن من يحاول ان يتكلم عن الدين 'بهرطقة!' فيكون عندكم إماماً يا غافلون !! ولتزرعوا الشكوك والريب بنفوس المسلمين محاولين الحادهم ان استطعتم !!

ولكن المؤمن حقاً هو من يقول ان دين الله الإسلام هو نور الطريق للإنسان حتى يكون بكنف ربه وخالقهﷻ، ولنقف هنا لحظه!!

العجيب ان احداً من هؤلاء الغافلون حينما يذهب للطبيب فإنه يتبع ما يقولهُ الطبيب دون اعتراض او محاولة فهم تفصيلية بل يتناول الدواء ولا يسأل ويُسلم أمرهُ للطبيب؟، والآخر يركب الطائرة لينتقل من مكان الى آخر ويُسلم أمرهُ لكابتن الطائرة ولا يسأل من هو؟ وهل هو فعلا كابتن طيار أم لا! وما يثبت انهُ كابتن اصلا!؟، والأخير يركب السفينة وهي تجري بالبحر وتواجه امواجاً كالجبال ولا حتى يسأل من هو ربان السفينة وهل هو فعلاً ربان للسفينة وما يثبت انهُ ربان اصلاً؟ ويُسلم نفسهُ للربان ولا يسأل!!؟، وجميع هؤلاء لا يستخدمون عقولهم ويتركون حريتهم بالتعبير والاعتراض والشك والريب والطعن في هذا المكان فلا اسئلة ريبية ولا محاولة للشك والبحث عن التناقضات!!
رغم ان من الممكن الطبيب او الطيار او الربان ان يهلكهم ويعرضهم للموت!!

ولكن حينما يقرأ هؤلاء الغافلون قال الله وقال الرسول يتوقفوا ويقولوا: كيف؟ ومتى؟ ولماذا؟ وأين؟ بل يشككون ويحاولوا الطعن بالله سبحانه وتعالى وبالرسولﷺ مع انهم لم يفعلوا ذلك مع كابتن الطائرة أو الطبيب أو ربان السفينة! الذين سلموا أنفسهم لهم وهم بشر مخلوقين!، وعند الإله الواحد الأحد يشككون ويطعنون ولا يسلموا انفسهم لله العظيم وهو الخالق سبحانه !!
 هنا تم فضح تناقض هؤلاء الغافلون وتم هدم بنيانهم من القواعد!!!

ومن تناقضاتهم ايضاً أنهم يقبلون بكل رحابة صدر التشريعات والقوانين الوضعية التي يضعها الإنسان الجاهل ويقبلون الإختلاف بهذه القوانين وحتى التنازع فيها فهو مقبول عندهم!، لكن لا يقبلون تشريعات الرب العظيم سبحانه وتعالى وقوانينهُ الربانية وحدودهُ التي لا اختلاف فيها من حيث الأصول؟! أيُ تناقض عظيم هذا يا غافلون؟!

ويقولون ان العلماء والفقهاء يختلفون ويتعارضون ويتناقضون وهم سبباً بتخلف الشعوب وتخديرهم!، لنقف هنا ونسأل من هم العلماء؟
العلماء هم الراسخون بالعِلم بدين الله، هم النفوس الربانية التي لا تتبع الهوى وتتبع قال الله وقال الرسول وما أجمعت عليه الأُمة، ويقولون الحق لا يخشون فالله لومة لائم ابداً ويضحون بأنفسهم لإقامة دين الله بالأرض.

هؤلاء هم العلماء والفقهاء حقاً والأُمة أجمعت عليهم بذلك، فإني اتحدى هؤلاء الغافلون ان يقولوا متى اختلف وتناقض العلماء الذين شمائلهم كما بينت اعلاه بأُصول الدين وبما هو معلوم بالدين بالضروة؟ متى ؟؟!، لاحظ قلت عُلماء لا عالِم ! حيث ممكن ان يخرج عالِم ويشطح عن إجماع العلماء سواء خطئاً وتقصير منه أو لأتباع هوى معين، وهؤلاء قلة لا يؤثرون ابداً في بحر العلماء الربانيون العاملون! فأتحدى هؤلاء الغافلون ان يذكروا لي من هم العلماء الربانيين الذين تناقضون بثوابت الدين وأصوله؟!
ولكن الإختلاف في فروع الدين وبالإجتهادات هذا أمر طبيعي ومحمود حيث لا يؤثر ابداً على الدين واصوله وثوابته، وهذهِ سنةٌ إلٰهية وقال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾

  لكن الغافلون يبحثون مثلاً عن اختلاف العلماء بصفة تحريك اصبع السبابة بالصلاة عند التشهد وهي ليست من اركان الصلاة اصلاً ويحسبون أنهم حصلوا على مبتغاهم لضرب الدين وبيان الاختلاف لدى العلماء !! خاب مسعاكم يا أغبياء!

ويقولون ان العلماء والفقهاء يعطلون تقدم وتطور الإنسان، فمثلاً في الخلافة الإسلامية العثمانية العلماء افتوا بعدم جواز استخدام الآلة الكاتبة حيث كانت اختراع جديد بالعالم، وكان السبب هو خوفاً من استغلالها لطباعة القرآن الكريم بشكل محرف ومزور!، فيقول هؤلاء الغافلون كيف تريدون للإنسان ان يتطور وهؤلاء علمائكم وفقهائكم متحجرين وأنهم عطلوا العِلم!!  فيعترضوا ويقولوا يجب فصل هؤلاء العلماء عن الدولة بل عن الحياة!!، أقول هذا لا يرتقِ ليكون اعتراضاً اصلاً!، نعم هذهِ الفتوى نحسن فيها النية للعلماء لكنهم اخطأوا ولم يوفقوا 'بإجتهادهم وأقول بإجتهادهم!'، لكن بالمقابل يا غافلون واذا سمحتم لي ان اتبع فكركم و نهجكم 'الركيك' سأقول لكم:' في الحرب العالمية الثانية تم استخدام العِلم الفيزيائي والكيميائي لتدمير الإنسان ظُلما وجورا، فأمريكا قذفت قنبلتين ذريتين في اليابان على المدينتين هيروشيما وناجازاكي ودمرت الأُمة اليابانية البريئة تدميرا عظيماً!، فلو كان هنالك علماء وفقهاء ربانيين ولهم قوة وسطوة على السلطة الظالمة لتم الافتاء بعدم جواز استخدام العِلم لقتل الأبرياء من الناس وتدميرهم!!، وقتل الناس الابرياء محرم عند جميع الأديان السماوية!!'
هل يعقل هذا الكلام يا غافلون؟، فإذا كانوا الفقهاء بالخلافة الاسلامية العثمانية عطلوا العِلم للآلة الكاتبة، فأمريكا لأن لا دين ولا علماء ربانيون فيها استخدمت العِلم لقتل الناس الأبرياء وتدميرهم تدميرا!
فالشاهد هنا ان فتوة العلماء الإجتهادية لمسألة الآلة الكاتبة خطأ، وترك الأمر والحبل على القارب دون علماء وفقهاء كما حصل بأمريكا ودمر الشعب الياباني البريء كارثة كبرى!
فلا افلاط ولا تفريط، لا غلو ولا ترك، والأصل هو وجود علماء ربانيين يتقون الله حق تقاته ولا يتبعون الهوى حتى نكون في مجتمع 'مُؤمن' متبع لأوامر الله كما يحب ربنا ويرضى، أما هؤلاء الغافلون الذين يطمحون ان نكون في حياة اشبه بالغابه .. لن نسمح لهم ابدا!!
 
فمنهجكم يا غافلون الذي يدعي ان الدين افيون الشعوب تم هدم بنيانهُ من القواعد لأنهُ أهون من بيت العنكبوت، وان دين الله الإسلام لا أنتم ولا مثلكم ولو كانوا تترا قادرين على هدم بنيانهُ لأنه الحق ومن الحق ﷻ أُنزل على الرسول ﷺ الحق وتواتر على قلوب خير البشر الصحابة الحق والتابعين الحق ثم تابعي التابعين الحق ثم وصل لنا بكل دقة وثبات، فهو دين له قوة باسانيدهُ الأصيلة المتواصلة الغير محرفة ولا مزورة جمعاً عن جمعاً عن جمعاً عن الحق محمد ﷺ، فهو الدين الذي حفظهُ الله تعالى لم يُحرف ابداً، فاصوله وثوابته مبنية على الحق، مهما زاغ الغافلون فهو ثابت على بيان الحق الذي لا يمكن هدمه ابدا !

'هنا يتسائل الغافلون عن الأحاديث الآحاد التي ليست متواترةً عن جمع عن جمع فكيف نعتمد على الآحاد بالسنة وهم يسألون عن ذلك محاولين زرع الشك في نفوس المؤمنين لتتزحزح عقيدتهم ان استطاعوا!!، أقول ان تقسيم الأحاديث بين المتواتر والآحاد أمر محدث كما قال شيخنا د.عثمان ابن خميس حفظهُ الله، فلن تجد احداً من الصحابة او التابعين او تابعي التابعين من يذكر هذا التقسيم، فهو أمر محدث!، فالثلاثة عصور المفضلة عصر الصحابة والتابعين وتابعي التابعين هم حجةً تُثبت بهذا العقيدة والدين، وكما قال شيخنا ابن خميس ان العلماء يفرقون بين الحديث المتواتر والآحاد اذا تم التعارض بينهما ' وأُكرر اذا وجد التعارض' وهذا ليس تعارض من الله او الرسول حشى لله سبحانه بل بسبب الرواة نفسهم، ويتم الترجيح بين الحديثان لفك هذا التعارض وفق منظور علم الحديث والترجيح، وأقول ان اكثر الأحاديث آحاد اصلاً!، فمن يحاول الاعتراض او رد الاحاديث الآحاد الصحيحة فهو اعترض على دين الله وسنة نبيه الكريم بالضرورة، ولا يحق لأي مُسلم مؤمن بالله ان يعترض على ما صح عن الرسولﷺ سواء كان متواتراً من الصحابة والتابعين جمعاً عن جمع أو آحاد فلان عن فلان رضي الله عنهم اجمعين 'والعياذ بالله من ذلك الاعتراض والطعن ومن هذا الفسق الكبير'، طبعاً القرآن الكريم كله متواتر بل كل حرف فيه متواتراً رواه جمع عن جمع،  ثم أن الله بعث رسولاً 'واحداً' لأُمة واسعة فهل نقول لن نقبل الا ان يرسل الله رُسلاً جمعاً عن جمعاً حتى نؤمن بتعاليم الدين؟! 'استغفر الله العظيم!'، ثم ان الرسول محمدﷺ ارسل الرجال آحاداً كل لبقعة معنية من الأمصار وبلغ الآفاق لهداية الناس، هل هذا الآحاد لا تقوم عليه الحجة كما ارسل الرسولﷺ  الصحابي دحية الكلبي رضي الله عنه لهرقل عظيم الروم ومعاذ ابن جبل رضي الله عنه الى اليمن وغيرهم من آحاداً لبلد معين؟ ان كانت الاجابة بنعم فتم نسف بنيانكم من القواعد، واذا كانت الإجابة بـ لا فأنتم خرجتم من الملة!، فهل نقول وحشى لله ان نقول ان الرسول اخطأ لأنهُ كان يفترض ان يرسل رجالاً جمعاً عن جمعاً حتى يؤمن الناس؟! استغفر الله العظيم!'، وانصح من يريد التوسع لفهم ذلك فاليدخل على موقع اليوتيوب مثلاً ويشاهد قول العلماء لاسيما للشيخ عثمان ابن خميس حفظهُ الله عن احاديث الآحاد والمتواترة، اني اعلم ان ليس المجال هنا لبيان ذلك الأمر الا ان هذا تبيان سريع للغافلون الذي سيصرخون بذلك الاعتراض ويحسبون أنهم على شيء فأحببت ان اقطع دابرهم! وهذا استطراد.

وصدق الله تعالى ومن اصدق من الله قيلاً:﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾

الآن - رأي / صالح المزيد

تعليقات

اكتب تعليقك