هذا هو تحضر الغرب وهكذا هو تخلف العرب!.. بقلم علي البغلي
زاوية الكتابكتب أغسطس 20, 2015, 12:57 ص 629 مشاهدات 0
القبس
جرة قلم / منتهى التحضر.. منتهى التخلف!
علي أحمد البغلي
أعكف الآن على قراءة كتاب قيم هو «مسجد في ميونخ.. النازيون.. وكالة الاستخبارات الأميركية»، لمؤلفه اين جونسون، ومترجم للعربية. والكتاب يحكي عن صلة أو اتصال الإخوان المسلمين بالنازيين قبل سقوط دولتهم نهاية الحرب العالمية الثانية، وتبنيهم فيما بعد من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، لم أصل في القراءة إلى الجزء الخاص باتصال أساطين الغلو والتطرف المعاصر من زعماء الإخوان بالنازيين والأميركان، وسأحكي عن ذلك الجزء عندما انتهي من قراءته، ليصحو كل غافل من غفوته، من المنتمين إلى فكر الإخوان «السلمي» بنظرهم، وهذا الكلام لن يعني بالتأكيد المستفيدين بالانتماء للإخوان بالمراكز والمناقصات والعطايا وغض النظر عن المخالفات.. الخ.
***
نرجع إلى ألمانيا، وتحديداً مدينة ميونخ العامرة بعد الحرب العالمية الثانية، يقول المؤلف ان المدينة أُمطرت بثلاثة ملايين قذيفة أو يزيد.. قذائف دمرت نصف بنايات المدينة، وأتت على ميونخ القديمة إلا قليلاً.. وقُتل بنيرانها ما يربو على الستة آلاف، وجرح نحو خمسة عشر ألفاً من جراء الغارات المتوالية، وحين انقشع غبار المعركة في نهاية الحرب، كان قرابة نصف تعداد المدينة البالغ 900 ألف نسمة قبل اشتعال فتيل الحرب قد هجرها وارتحل عنها، فيما أضحى 300 ألف آخر بلا مأوى، ولسنوات قدرت المساكن وإيجاراتها بأعلى من السعر المعتاد.. فتشاركت ثلاث أو أربع عائلات بالشقة نفسها! فكانت لافتات على أبواب تلك الوحدات ترشد الزائر.. فمن يبغي عائلة شميت فليقرع الجرس مرة واحدة، ومن يبغي عائلة براون ليقرعه اثنتين، ومن يبغي عائلة مولر فثلاثاً .. وهلم جرا!
الألمان لم يلطموا الخدود ويشقوا الجيوب، كما يفعل العرب والمسلمين عند الكوارث، بل شمروا عن سواعد الجد وأعادوا بناء بلدهم المهدم على الآخر، كأفضل من السابق، يسوق المؤلف مثالاً على ذلك في أن في يوم واحد أزاح 7 آلاف رجل 15 ألف متر مكعب من الأنقاض، مدعومين بذلك من الجيش الأميركي، الذي أمدهم بـ 269 عربة كبيرة تفريغ، وأربعة آلاف ليتر من الوقود، أما الجائزة التي نالها كل فرد عند نهاية كل يوم عمل شاق، فكانت قطعتين من النقانق ورغيف خبز وليتر من الجعة الألمانية الشهيرة.
***
نترك مسجد ميونخ والإخوان الألمان بهمتهم الحديدية، لنرجع إلى زمننا الحالي، فقد قص لي أحد المعارف السوريين قصة نزوح ابن أخيه، البالغ من العمر 20 عاماً من سوريا، هرباً من جحيم الحرب الأهلية والتجائه بعد مغامرات ومصاعب عدة إلى ألمانيا، حيث قُبل لجوءه هناك، الشاب السوري اودع في منزل للاجئين، حيث أعطي 3 وجبات يومياً ومرتباً شهرياً متواضعاً، ولما كان هو المعيل الوحيد (الموجود في الخارج) لوالده ووالدته الطاعنين في السن، قررت سلطات اللجوء الألمانية إعطاءه شقة 3 غرف وزيادة مرتبه، وتدبير عمل له لاعالتهم، وحددت له تاريخاً لاستدعائهم للعيش معه في المهجر الألماني.
تأملت كثيراً في قصة الشاب السوري، الذي يقول ان أغلب اللاجئين معه في ألمانيا هم من جبهة النصرة، وهم يتعاركون مع أنصار بشار الأسد ليل نهار (صج عرب ماكو فايدة؟!).
ولم أتمالك نفسي إلا أن أتذكر ما فعله السفهاء منا باسم الإسلام وما يفعله الألمان؟! فسفهاؤنا المسلمون افتخر أحدهم بتسليح 14 ألف مجاهد ليقتل بعضهم بعضا! وافتخر آخر ضاحكاً، والرعاع يشاركونه فرحه، بنحر عائلة سورية من أب وأبنائه، ووعد بنحر 10 سوريين بيده العارية وبتلذذ؟!
فهذا هو تحضر الغرب وتفوقه علينا في كل الميادين، وهذا هو تخلف العرب والمسلمين وتخلفهم إنسانيا وعلى مختلف الصعد؟!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
القبس
تعليقات