يعقوب العوضي يكتب عن الفرق بين الاستجواب والتخاريف
زاوية الكتابكتب يوليو 18, 2007, 7:54 ص 490 مشاهدات 0
التخاريف الاستجوابية
لا نشك مطلقاً بالحق الدستوري المتعلق بالاستجواب الذي يستطيع أي عضو برلماني أن
يتلفظ بقوله في انه يضع اي وزير على منصة الاستجواب، على ان يعتمد الاستجواب على
محاور مقنعة للمجلس والمواطنين ويحمل صفة العقلانية. وقد كثر ترديد استعمال هذا
الحق بغير مقصده في كثير من الأحيان، وأشار اليه عدد من الاعضاء اصحاب المصالح
الذاتية، ولعلنا لاحظنا من خلال الايام القليلة الماضية ان عدداً من هؤلاء الأعضاء
رددوا باستعمال هذا الحق، مهددين بعض الوزراء بوضعهم على المنصة ليس الا لغرض عدم
تحقيق الوزراء لمصالحهم الانتخابية، ونجدهم لجأوا الى هذا الحق الذي يراد به باطل
الى درجة ان المواطنين كرهوا ترديد هذا الكلام من دون معنى، واصبح غير ذي بال بطرحه
الممجوج. ثم إن ممارسة الدور النيابي لا تكون بهذه الصورة القبيحة في ترديد الحق
الدستوري المقدر لدى من يقدره ويحترمه، علاوة على ان ممارسة الدور النيابي، كما نص
عليه الدستور، لا تأخذ هذا الشكل من الابتذال، الذي يجعل المواطن عبارة عن متلقي
تخاريف يطلقها بعض الأعضاء حسب الأهواء والأمزجة التي تلتقي ومصالحهم وليست لها
علاقة بمصالح الوطن والناس.
عندما يعلق بعض الوزراء على التصريحات النيابية المعوجة، فهذا لا يعني التقليل من
التصريحات النيابية العاقلة الرزينة التي لها فائدة مرجوة من طرحها او التصريح بها،
فالمواطن مع القضايا المحقة التي يسعى الى تحقيقها من يؤمن بها صدقاً وترفعاً عن
المنافع الذاتية، أما تلك التي تقال انتقاماً من أصحابها فهي لا قيمة لها ولا يمكن
للمواطنين الالتفاف حولها أو اعطائها اي أهمية، والبعض المدافع عن مثل هؤلاء
الأعضاء الذين يصرحون بما لا يؤمنون به ويتبعون أسلوباً رخيصاً في الشتيمة والسب،
فهم يعبرون عما في داخلهم من سوء في المنبت ووضاعة في الخلق. ومثلهم كثيرون في
الصحافة العربية، فقبل أعوام طوال كان أحد الشخصيات الكويتية البارزة يزور احدى
الدول العربية للاصطياف فوقع في فخ أحد الصحافيين المرتزقة الذين يسعون الى تصيد
الوجوه البارزة في مجتمعاتها، وكان من سوء حظ هذه الشخصية انه كان يقضي سهرة في احد
المقاهي، وكانت تجلس بجانبه صبية جميلة، فقام الصحافي بتصوير هذه الشخصية مع
الحسناء، وانتهزها فرصة في اليوم التالي واتصل به طالباً منه مبلغاً من المال لكي
لا ينشر هذه الصورة على صدر جريدته التي يكتب فيها، فرد عليه صاحبنا وكان يتمتع
ببأس شديد وقوة في الشخصية، وقال له كم صورة لديك عن هذه الجلسة مع الحسناء؟ فقال
له الصحافي صورة واحدة فرد عليه بقوله ان صورة واحدة لا تكفي فلدي عدد كبير من
الصور، فإذا أردت أن تنشرها فتفضل في الحصول عليها مني أنا شخصياً، وعندما رأى
الصحافي العربي المرتزق هذا الموقف القوي الصادر من هذه الشخصية احترم نفسه والتزم
الهدوء وتعلم درساً بليغاً في تعامله مع الآخرين، وميز بين الغث والسمين ومزق
الصورة. فالارتزاق الصحافي موجود منذ ان بدأ الإنسان يتعلم القراءة والكتابة وسعيه
الدؤوب في الحصول على المادة لا يكل منه ولا يتعب فتعبه مرده عدم حصوله على المال
بغض النظر عن الطريقة التي تقوده للحصول عليه.
نعود الى القول ونشير ان الهدف الأساسي من الاستجواب هو الحصول على ما يفيد الوطن
والناس، وليس لتحقيق المصالح الخاصة، وقد اتضحت هذه الأهداف الذاتية من طريقة طرح
بعض الأعضاء وتهديد الوزراء باستجوابهم بمحاور رديئة وأفكار سيئة ملغومة مدسوسة من
أطراف تقف خلف هذه الاستجوابات، ولعله من الظريف القول ان الزميل في جريدة «الراي»
سليمان السعيدي، أشار في مقال له بتاريخ 9/7/2007، «الى ان استجواب المبارك فسفوري،
سيوأد قبل أن يولد، وذلك لهشاشته، وهو كسحب الصيف سرعان ما تتبخر من الحرارة»، ومن
الممكن ان نضيف اليه ايضاً بأنه استجواب زئبقي لا يمكن مسكه وذلك لانتفاء ما يحويه
من معنى ومحاور لها أساس متين تعتمد عليه في الطرح وتكون مقنعة لمن سوف يتبناه
ويصبح أفضل لصاحبه بعدم ترديده قبل أن يكون مرفوضاً من قبل أعضاء المجلس والناس.
الراي
تعليقات