واقع الأمة العربية كما يراه صالح الشايجي بائس ومظلم ومدلهم بسواد القلوب

الأنباء

بلا قناع  -  إعلان تبرؤ

صالح الشايجي

 

كأنّما الوجع صار مطلبا عربيا..

فحولةً عربيّة.. شهامة عربية..

صار مطلوبا من الكاتب أن يوجع إذا ما كتب.. وأن يحوّل حروفه سهاما يغرزها في عيون قارئيه..

أن يحوّل قلمه سيفا يدحرج الرؤوس.. حتى ترضى عنه القبيلة.. وإلاّ صار زنيما لا أسماء تُظلّه..ولا أرض تحمله..

***

صار مطلوبا من الشاعر أن يجعل من قصيدته جنازة يسير وراءها اللطامون وشقاقو الجيوب والندابون..

أن يغمس حروف قصيدته بالدم.. ويفكّ عذريتها بخنجر مسموم..

أن يقارع ويحارب ويصرخ.. وأن تحمحم خيله في ساحة الوغى تطيح بذا وتصرع ذاك..

***

صار ممنوعا على الرسام أن يرسم فراشة أو وردة أو نهرا أو نخلة..

أو امرأةً منزوعة الحياء..

لا يلوّن بغير السواد.. حتى فضاء اللوحة.. بات مطلوبا سواده..

وإلاّ فسترجمه القافلة وينبذه القوم ويهيلون عليه التراب حيا..

***

مطلوبٌ.. البؤس.. والظلام.. والعتمة.. والكتمة..

مطلوب.. الجهل.. والتجهيل.. والجهالة..

مطلوب.. ترئيس الأذناب.. وتذنيب الرؤوس..

مطلوب.. الموتُ فالموتُ.. فالموت..

***

هذا واقع عربان اليوم..

لا يريدون لأحد أن يفرح.. ولا أن يحب.. ولا أن يضحك..

الجمال حرام.. والقبح حلال..

التجهم صدقة.. والتبسّم سفه..

الحب حرام في شرعتهم.. والقتل حلال..

يُؤجَر القاتل.. ويزجر العاشق..

***

من يحاول أن يخرج عن تلك القتامة والشقاء والسواد والجهالة.. يُسفّه.. ويقصى.. أو تصفد يداه.. ويلقى به في بحر التجاهل والنسيان والازدراء.. لا يؤكل زاده.. ولا يُلقى عليه السلام..ولا يخالطه القوم..

كأنما هو مطلوب منا أن نتناغم مع هذا الواقع البائس المظلم المدلهم بسواد القلوب والدم المتقافز النافر المتناثر من أقصى بسيطة العرب إلى أدناها..

***

بئست أمة هذه حالها.. وبئس قوم هذا ما يطلبون..

لست منكم ـ يا قومُ ـ ولستم مني..

ولست منكِ

لست منكِ ـ يا أمة ـ ولستِ مني..